مكانك راوح، خلاصة توصيف المشهد السياسي على وقع التحركات الدبلوماسية واللقاءات وبعضاً قليلاً من المتغيرات، الفراغ سيّد الموقف ولا خرقاً يعلو عليه.
ولم يكنّ اشد انعكاساً لمدى وعورة ومشقة الوصول الى خاتمة مرجوة لشغور طال أمده الا الانقسامات التي طرأت بين أطراف اللجنة الخماسية التي انعقدت للمرة الثانية أمس الإثنين، وغياب أي بيان عن الاجتماع، الأمر الذي تجلى ظاهراً في موقف مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف التي خاطبت مديرة شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية آن غيغان، قائلة: “يجب أن يكون هناك وقت محدّد للمبادرة الفرنسية، ولا يمكن أن تستمر لفترة زمنية طويلة، وبالتالي، يجب تحديد الوقت أو اتخاذ إجراءات في حق المعرقلين”.
ولم تقتصر الصورة عند ما رشح من معلومات قليلة عن الاجتماع الذي تضاربت بشأنه التسريبات على وقع تكتم شديد، بل أكد صعوبة الأمر، تطرق أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة إلى الأزمة الرئاسية في لبنان قائلاً: “الخطر أصبح محدقاً بمؤسسات الدولة في لبنان، ونؤكد ضرورة إيجاد حل مستدام للفراغ السياسي في لبنان وإيجاد الاليات لعدم تكراره وتشكيل حكومة قادرة على تلبية تطلعات الشعب اللبناني والنهوض به من ازماته الاقتصادية والتنموية “. الامر الذي بدا بمثابة تحذير متقدم حيال التدهور الذي يشهده لبنان.
وعلى خطّ مهمة الموفد الفرنسي جان إيف لو دريان، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”اللواء” عن ان الموفد الفرنسي لو دريان سيبقى ممسكاً بالملف الرئاسي باسم المجموعة الخماسية لحين انتخاب رئيس، لان مهمته الجديدة في السعودية لا تقتضي ان يمضي معظم وقته في المملكة.
وقالت ان لا دور لأي طرف آخر في هذه المرحلة، متوقعة عودة لودريان الى بيروت بعد اجتماع نيويورك لمواصلة مهمته المتعلقة بجمع الاطراف في لقاءات تشاورية.
واعربت المصادر عن املها في ان ينتخب رئيس للجمهورية بدءاً من الشهر المقبل، على ان لا يتجاوز نهاية السنة.
بدورها قالت مصادر المعارضة لـ”الجمهورية”، انّها أبلغت الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان برسالة مثلثة الأضلع:
الضلع الأول، رفضها للحوار كمعبر للانتخابات الرئاسية التي إما ان تجري وفق صيغة العام 1970، أي جلسة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية، وإما من خلال إنضاج التفاهم على اسم عن طريق الكواليس السياسية، وأي مسار آخر تعتبره مخالفاً للدستور ولمنطق الانتخابات الرئاسية.
الضلع الثاني، انفتاحها على خيار رئاسي ثالث، على رغم اعتبارها انّ مرشحها الحالي جهاد أزعور ينتمي إلى فئة الخيار الثالث، والتقاطع الذي يدعم أزعور يمكن توسيعه ليتحوّل إلى تقاطع جامع لمعظم الكتل النيابية.
الضلع الثالث، تمسكها بموقفها من الحوار والانتخابات غير قابل للنقاش، لأنّ لبنان بحالة انهيار وبحاجة للإنقاذ، والانقاذ لا يتحقّق سوى من خلال انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة غير خاضعة لشروط أي فريق، بغية أن تكون قادرة على ترجمة السياسات الإصلاحية على أرض الواقع.
ورأت مصادر المعارضة، “انّ اي انتخابات رئاسية خارج ما تقدّم أعلاه يعني استمرار الانهيار فصولًا، وتمديد الواقع المزري، ولن تكون شاهد زور على واقع بحاجة للتغيير، وتغييره يخضع لشروط لها علاقة بالمواصفات والمهمّات”.
أضافت: “انّ الكرة اليوم في ملعب اللجنة الخماسية التي أصبحت على بيّنة بهوية الفريق المعطِّل الذي رفض البحث في خيار ثالث، على رغم عدم قدرته على انتخاب مرشحه، ورفضه الذهاب إلى انتخابات تحسم هوية الرئيس المقبل”.
وعلى خط قوى المعارضة، أيضاً، فقد أبدت تأييداً لخيار المرشح الثالث، على الرغم من انها ترى مرشحها جهاد أزعور من ضمن الاسماء التوافقية، وتشير مصادرها لـ” الديار” الى انها ابدت تجاوباً مع الطرح الثالث، الذي وضعته اللجنة الخماسية كحل بين الفريقين بحسب ما نقل لو دريان، لكن الثنائي ما زال متمسّكاً بمرشحه سليمان فرنجية، في حين سبق واعلنا كفريق بأننا بصدد سحب اسم أزعور في حال سُحب اسم فرنجية من التداول، وحينئذ نتفق على خيار جديد، فأتى الرد سلبياً، وهذا يعني انّ الثنائي رفض طرح الخماسية، وبالتالي إمكانية ان نتفق كفريقين على اسم توافقي.