كتبت غرازييلا فخري في “المسيرة” – العدد 1745
تشرين الثاني شهر التراث اللبناني في كندا
أبو لطيف: لبنان الاغتراب تاريخ وحضارة
بالإجماع جاءت الموافقة على إقرار البرلمان الكندي اقتراح قانون ينص على اعتبار شهر تشرين الثاني من كل عام “شهر التراث اللبناني”، وذلك تشجيعاً لتعزيز ثقافة وتقاليد وعادات اللبنانيين في البلاد، ومشاركتهم تلك العادات مع جميع الكنديين. هذا اللبنان مهدْ الحضارة الفينيقية، وأم الشرائع، وصلة الوصل بين الشرق والغرب، وتمايزه بموقعه الاستراتيجي في المنطقة، بالعديد من المواقع التاريخية والأثرية والتراثية المهمة، لبنان ذلك البلد العابق برائحة التاريخ الذكيّة التي تشهد عليها جباله الشامخة، وأرزه الضارب بأصله في أعماق التاريخ، سيكون حاضرًا بتراثه وأصالة شعبه في شهر التراث اللبناني كل تشرين الثاني في كندا. ماذا في التفاصيل؟
يشير موقع وزارة الشؤون العالمية الكندية إلى أن تعداد الجالية اللبنانية في كندا يصل إلى حوالى 400 ألف نسمة من أصل 40 مليون كندي تقريباً، وتعود جذور هذا الوجود الى العام 1882 مع وصول أول مهاجر لبناني إليها إبراهيم أبي نادر، من مدينة زحلة في البقاع التي كانت تتمتع بحكم ذاتي ضمن الإمبراطورية العثمانية، ثم تعاقب بعد ذلك وصول اللبنانيين، لكن كثافة تدفقهم كانت خلال الحرب اللبنانية وبعدها.
يقول النائب في مجلس العموم الكندي عن حزب المحافظين اللبناني الأصل زياد أبو لطيف، إن الجالية اللبنانية في كندا هي من أعرق الجاليات المهاجرة، وأهمية هذا القانون تكمن في الإضاءة على الحضور والتراث اللبناني، واعترافاً من البرلمان الكندي بالإسهامات التي قدمها اللبنانيون في كندا. وتعود فكرة هذا القانون للسيناتورة في مجلس الشيوخ الكندي جين كوردي وهي معروفة بعلاقاتها مع اللبنانيين، وقد دعمت النائبة من أصل لبناني في مجلس العموم الفدرالي لينا دياب مشروع القانون هذا، وساندها أربعة نواب آخرون في البرلمان الكندي يتحدرون من أصول لبنانية، هم فيصل الخوري وريشارد مارتيل والدته لبنانية، وفانس بدوي وأنا. وبعد اطلاعنا على مضمونه اتخذ إطاره التشريعي وأُرسل إلى لجنة التراث لدراسته وصادقت عليه إلى أن بات في مراحله الأخيرة، وجرى إقراره بسرعة لافتة، خصوصاً أن توقيته تزامن مع نهاية الدورة التشريعية الصيفية للعام 2023.
ويشرح أبو لطيف مراحل إقرار هذا القانون ودخوله حيز التنفيذ، “فبعد كتابة اقتراح القانون، قدمته الى مجلس النواب عبر إيداعه عند رئيس المجلس الذي يضعه بدوره على جدول الأعمال خلال مهلة أقصاها شهر واحد، بعدها يطرح للحديث والنقاش والتصويت في البرلمان، ثم يرسل الى اللجان المختصة لدراسته وإعادة إرساله الى البرلمان للموافقة عليه وإرساله الى مجلس الشيوخ لإقراره. وهنا، عملنا على تسريع الإجراءات في مجلس النواب بالاتفاق مع باقي الكتل النيابية وصدرت توصية بإقراره بالصيغة المقدّم بها بغض النظر عن اي إجراءات أخرى ممكن أن تتخذ. بعدها أُقرّ القانون ودخل حيّز التنفيذ منذ حزيران الماضي، وبالتالي يمكن القول بأنه تم إنجاز هذا القانون خلال فترة ثلاثة أشهر”. واستغرب أبو لطيف عدم صدور أي موقف رسمي عن الدولة اللبنانية يرحّب بإقرار هذا القانون، أو يشكر البرلمان الكندي لإقراره، خاصة أن تراث بلادنا والحضور اللبناني الاغترابي يأتي في الطليعة مقارنة بحضور الجاليات الأخرى. لذلك تأتي أهمية إقرار شهر التراث اللبناني للإضاءة على تراثنا الغني وتعريف العالم الى أهميته.
وعن أسباب اختيار شهر تشرين الثاني للاحتفال بالتراث اللبناني، يؤكد أبو لطيف، أن الأمر لم يكن محض صدفة، إذ يتضمن تاريخ استقلال لبنان في 22 منه، وفي ذلك دلالة واضحة وراسخة على اعتراف كندا باستقلال لبنان وسيادته، وإيمانها ببقائه واستمراره على رغم كل المحن والأزمات التي تعصف به، وأن انتشار لبنان في العالم ليس صدفة، فتراثه يجوب أصقاع العالم من خلال أبنائه المغتربين، لكن تبقى لإقرار قانون “شهر التراث اللبناني” خصوصيته.
ويشير أبو لطيف الى عدّة نشاطات ستُقام في كندا لإحياء فعاليات هذا الشهر التراثي، وسيتم توزيعها عبر المقاطعات الكندية كافةً ومدنها المختلفة، وستشمل الموسيقى والأدب والفنون والشعر، والمطبخ اللبناني، وقد بدأ التواصل مع الجميع لتصبح هذه النشاطات تقليداً سنوياً.
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]