كشف تقرير حديث عن أن الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات من بين الأكثر تضررا من الوباء، والحرب الروسية في أوكرانيا، والزيادة في أسعار الطاقة والغذاء، وتغير المناخ، وعدم الاستقرار السياسي المكثف. إذ تؤدي كل أزمة جديدة إلى تفاقم نقاط الضعف الأساسية وتخلق آثارا غير مباشرة، يمكن أن تزعزع استقرار مناطق بأكملها.
وتسببت الصراعات إلى نزوح قسري لعدد قياسي بلغ 108.4 مليون شخص خلال العام الماضي، كثير منهم لاجئون استضافتهم بلدان مجاورة إذ الظروف المالية ضيقة بالفعل وآفاق النمو ضعيفة. وتؤدي الهشاشة والصراع إلى التفتت ويمكن أن تتسبب في انتكاسات في التجارة وتدفقات رأس المال والاستثمار. ولذلك فإن دعم الدول الهشة من خلال تعزيز مؤسساتها الاقتصادية والمالية يعد منفعة عامة عالمية، ويمكن لجميع البلدان أن تستفيد
وأوضح صندوق النقد الدولي، أن التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الجائحة تعرقل عملية صنع السياسات في هذه البلدان، التي تكبدت خسائر اقتصادية كبيرة، مقارنة بتوقعات ما قبل الجائحة. وشهدت الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات والبالغ عددها 39 دولة خسارة كبيرة في معدلات النمو الاقتصادي بين عامي 2019 و2023 مقارنة بتوقعات ما قبل الجائحة.
خسائر كبيرة في الإيرادات الإجمالية
وأشار إلى تدهور كبير في المالية العامة. وكانت خسائر الإيرادات خلال فترة الوباء كبيرة، ومن غير المتوقع أن تتعافى بما يتماشى مع زيادة الإنفاق. ومن شأن هذه التطورات أن تضغط على الميزانيات الحكومية وتستمر في زيادة الضغوط المالية.
وأدى الضعف الاقتصادي والمالي إلى زيادة أعباء الديون. وانخفض الدين الحكومي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي عن ذروته الوبائية، ولكن من المتوقع الآن أن يبدأ في الارتفاع مرة أخرى خلال العام المقبل. في السابق كانت توقعات صندوق النقد تشير إلى استمرار هذا الإجراء في الانخفاض.
بالإضافة إلى الحيز المحدود في الميزانيات الحكومية، تشترك الدول الهشة في العديد من الخصائص الهيكلية التي تجعلها عرضة بشكل خاص للصدمات الاقتصادية، ولا سيما المؤسسات الضعيفة، والقطاعات غير الرسمية الكبيرة، وتحديات الحوكمة.
أشار الصندوق إلى أن الأساسيات الاقتصادية الصلبة تشكل عنصرا حاسما لتعزيز النمو الشامل والحد من الفقر في أي بلد. وفي الدول الهشة، يتطلب ذلك 5 إجراءات، تبدأ بتعزيز الإيرادات الضريبية وضبط الإنفاق الحكومي وترتيب أولوياته وإدارة الدين العام. وتطوير البنوك المركزية التي تعمل بشكل جيد وضمان وجود مؤسسات مالية سليمة.
إضافة إلى تعزيز قوانين ومؤسسات الحوكمة ومكافحة الفساد، بما في ذلك الحد من غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع نشر إحصاءات اقتصادية دقيقة وفي الوقت المناسب، وأخيراً تطوير أطر الاقتصاد الكلي والأدوات الأساسية لتوجيه قرارات السياسة.
تواجه الحكومات في الدول الهشة في كثير من الأحيان خيارات صعبة عندما تجتمع الأزمات الاقتصادية والانقسامات السياسية، وانعدام الأمن والاضطرابات الاجتماعية. وتواجه الموارد المحدودة صناع السياسات بمقايضات صعبة بين السياسات التي يمكن أن تخلف عواقب غير مقصودة من إذ الضرائب، والديون، والنمو الاقتصادي، والإنفاق الاجتماعي. ولهذا السبب تهدف استراتيجية الصندوق إلى إجراء مشاورات متكررة وشاملة مع حكومات الدول الهشة.
وأوضح أن فهم السياق المحدد للدولة الهشة أو المتأثرة بالصراع أمر بالغ الأهمية لتصميم الإصلاحات الصحيحة وتقديم المساعدة الفنية. وشهد الصومال انتقالا سلميا للسلطة في العام الماضي على الرغم من التمرد المستمر وانعدام الأمن الغذائي السائد. وأظهر التحليل الوارد في استراتيجية المشاركة القطرية أن انعدام الأمن، وضعف البنية التحتية، والافتقار إلى القوى العاملة الماهرة، كلها عوامل تعيق النمو الاقتصادي.
وشدد صندوق النقد الدولي على ضرورة وجود إطار مالي دائم للتغلب على هذه التحديات. ولهذا السبب تركز تنمية قدراتنا على السياسة الضريبية، وإدارة الإيرادات، وإدارة المالية العامة. كما يتم أيضًا دمج المساعدات الفنية – المدعومة بدعم الصندوق لتحسين إحصاءات الاقتصاد الكلي – بشكل وثيق مع البرنامج المدعوم من التسهيل الائتماني الممدد، مما يساهم في تقدم الصومال نحو التخفيف الكامل من الديون في إطار مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون.