“باربي” الممنوع – المسموح.. قصة دمية لا سلطة

حجم الخط

كتبت جوزفين حبشي في “المسيرة” – العدد 1745

في أيار من العام 2017 أصدرت “السلطات” اللبنانية قراراً قضى بمنع عرض فيلم  Wonder Woman (المرأة الخارقة) بحجة أن بطلته هي الممثلة الإسرائيلية غال غادوت التي سبق أن  خدمت لمدة سنتَيْن في الجيش الإسرائيلي وحصلت على لقب “ملكة جمال إسرائيل” لعام 2004، مما دفع بأعضاء “حملة مقاطعة إسرائيل في لبنان”، وبعض وسائل الإعلام المحلّية، إلى المطالبة بمنع عرض الفيلم على الأراضي اللبنانية. وهكذا مُنعت “الواندر وومن”، على رغم قوتها الخارقة، من دخول صالات السينما في لبنان، ومن تحريك القطاع السينمائي الذي تعتاش منه آلاف العائلات، وأطلقت جدلاً في أوساط الرأي العام وبين الوزراء أنفسهم حول الموافقة على قرار المنع أو تجميده قبل أن يُسمح بعرضه..

استكمالاً لمشروع تغيير وجه لبنان الثقافي الذي تمارسه قوى فائض السلاح من خلال رجالات المنظومة السياسية، أصدر وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد مرتضى قراراً يقضي بمنع عرض فيلم “باربي” في لبنان، وهو كوميديا للمخرجة غريتا جيرويغ، ومستوحاة من دمية “باربي” الشهيرة.

 

لماذا المنع؟

مرتضى اعتبر أن “مضمون الفيلم يتعارض مع القيم الأخلاقية والإيمانية، ويروّج للمثلية الجنسية، والتحوّل الجنسي ويُسوّق فكرةً بشعة محورها رفض وصاية الأب، وتوهين دور الأم وتسخيفه، والتشكيك بضرورة الزواج وبناء الأسرة، وتصويرهما عائقاً أمام التطوّر الذاتي للفرد لا سيّما للمرأة”. ونشر المرتضى قراراً يناشد فيه جهاز الأمن العام اللبناني، المسؤول عن قرارات الرقابة في البلاد، اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع عرض الفيلم، بعدما وصله “تقرير” بكل ما ذُكر أعلاه. وصل التقرير، فسارع الوزير بكل زخم ونشاط وعنفوان ووطنية، لمنع حدوث انفجار نووي في اخلاق المجتمع.

وهكذا انضم لبنان، المنارة والإشعاع، الى عصر الظلمة والتقوقع، فاحتل اسمه عناوين صحف عالمية مثل “لوس أنجلوس تايمز”، و”غارديان” و”بيبول” و”رولينغ ستون”، ذكرت أن وطن الأرز والانفتاح والنور والحرية تمامًا كبعض الدول العربية، ومنها مصر والكويت والجزائر، يتجه لمنع عرض فيلم Barbie بسبب المثلية، فيما أصدرت وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية قرارًا يقضي بمنع الأطفال دون عمر 15 عاماً من دخول الصالات لمشاهدة فيلم “باربي” كونه يتضمن مشاهد ودلالات “غير مناسبة للأطفال”.

أخيراً، ملاحظة مضحكة مبكية ربما، حول “باربنهايمر” Barbenheimer للمخرج وكاتب السيناريو كريستوفر نولان، والذي يروي سيرة والد القنبلة الذرية. الملاحظة أن فيلم “أوبنهايمر” لم يجد صوتاً واحداً من المنظومة اللبنانية ينادي بمنعه في لبنان الذي عانى من تفجير دمّر العاصمة وسكّانها. منظومتنا ليست ضد أفلام التفجير على ما يبدو، ولا ضد القنابل الذرية وغير الذرية، وطبعاً لن تطلب منع أي فيلم عن قنبلة، فيما لم تنهض بيروت بعد من ركامها ولم تشاهد نهاية الحقيقة في تفجير 4 آب!

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل