فَصلٌ أوّل.
منذ أن قاد النائب جبران باسيل السيّارة الكهربائية في أسواق البترون وبقربه الرئيس العماد ميشال عون، مروراً باحتفالية تنصيبه الثالثة على قيادة «التيّار الوطنيّ الحرّ»، وصولاً إلى الجولات في بعض المناطق اللبنانيّة من جزّين إلى عكّار إلى زحلة وإلى بعلبك والهرمل وما بينهما، يتبادر إلى الذهن السؤال التالي:
لماذا يصطحب النائب باسيل الرئيس عون معه في كلّ صولاته وجولاته؟ هل لأنّ النائب باسيل «يشحذ» قوّة على وجود الرئيس عون معه؟ أم لأنّ النائب باسيل لا يزال بحاجة لمن يمسك بيده ليقف على رجليه خوفاً مِن أن تخونه ركبتاه فيسقط في معارك التمثيل الشعبي، بعدما «ربَّحَه جميلة» محور الممانعة بعدد النواب الذي أمّنه له من عكّار إلى البقاع الشمالي وزحلة والبقاع الغربي وبيروت الثانية والشوف وعاليه ومناطق أخرى؟ هل تذكرون كلام أحد أبرز قياديّي «حزب الله» حين قال: «نحن لسنا مجبورين ببعض الأشخاص من الرضاعة إلى الكَفَن»؟
على كلّ فلندخل إلى جوهر الموضوع. في جولاته المتكررة على المناطق لا ينفكّ النائب جبران باسيل يُخبرنا عن المشاريع التي كان سيحققها «لو خلّوه»، وعندما تسأل من هم يلّي «ما خلّوه» يكون الجواب «المنظومة»، وإذا سألت من هي «المنظومة» يأتيك الجواب «كلكن بتعرفوهم» مع إصراره أنّه هو ليس من المنظومة، فلا هو حاصص ولا حالف ولا تقاسم ولا التزم مشاريع ولا سدود ولا نفط ولا اتصالات ولا…
يبدأ النائب باسيل كلامه في كلّ مرّة عن اللامركزية (على فكرة لم يعد في خطابه مِن إشارة إلى اللامركزية الماليّة الموسّعة وكأنها أصبحت معركته لامركزية إداريّة فقط، يعني من دون جدوى)، ويكمل النائب باسيل سرديّته عن «الصندوق الائتماني» الذي في حال أنشئ «سَيَبني البُنى التحتيّة والمشاريع الكبرى متل سكّة الحديد من زحلة وبيروت إلى الشام وبغداد وعمان ومن ضمن نفقها بيمرّ خط أنابيب للغاز وللمياه وبموازاته بيمرّ الطريق الدولي لزحلة حتى تكون الرابط بين المتوسط والعمق العربي…».
هذا ما قاله حرفيّاً النائب باسيل في زحلة. هل لنا أن نسأل النائب باسيل وهو في السلطة منذ ثماني عشرة سنة بِفِعلِ «تسونامي» غير مسبوق خاصة في الشارع المسيحي، ما دفع حينها الراحل الكبير البطريرك صفير أن يُعلن من على مذبح بكركي أنّ كلّ طائفة اختارت زعيمها، وصولاً إلى العام 2016 حيث تُرجِم التسونامي بتربّع العماد ميشال عون على سدّة الرئاسة فأصبح قصر بعبدا مِن بابه إلى محرابه إلى أختامه بتصرّف الوزير والنائب جبران باسيل ورجاله ومعاونيه دون منازع، إضافة إلى ثلث الحكومة مع أكبر كتلة نيابية ومع أوسع مروحة حلفاء، هل لنا أن نسأل لماذا لم يحقّق النائب باسيل مطلب اللامركزية، وهي منصوص عنها في قلب الدستور وليست بشيء جديد؟ ولماذا لم يعمل النائب باسيل على ما يسمّيه «الصندوق الائتماني» الذي يَعتَبِر إنشاءه ذا مفعول سِحري؟
بعد أسابيع على وصول الرئيس ميشال عون إلى قصر بعبدا سأله مراسل التلفزيون الفرنسي: فخامة الرئيس، هل تطمحون لتجديد ولايتكم الرئاسيّة؟ أجاب الرئيس عون: «أطمح أن يكون خليفتي جيّداً bonne succession». وقبل انتهاء ولايته الرئاسية بأسابيع سألت جريدة «النهار» الرئيس ميشال عون بما معناه: من ترونه مناسباً ليخلفكم رئاسياً؟ أجاب فخامته، جبران ليس مرشحاً، ولا أرى أحداً مؤهّلاً أو لديه المواصفات الرئاسيّة.
لو انكبّ العهد على نجاح ولايته، لكان وصول النائب باسيل مطلباً شعبياً. الآن فات الآوان.
(*) عضو «الجبهة السياديّة من أجل لبنان»