صحيفة نداء الوطن-أسعد بشارة
لا يزال الموفد القطري في بيروت، مستمرّاً بمبادرته، ولسان حاله الدعوة إلى انتخاب المرشح الثالث، وهو المرشح الأول منذ البداية. يحمل «أبو جاسم» مجموعة من الأسماء، الهدف من وضعها العمل لانتخاب اسم واحد. هذه اللائحة تصغر وتكبر في لقاءات الموفد القطري، حسب نوعية اللقاء، لكنّ اسماً واحداً فيها يبقى ثابتاً، وحوله تدور كل المفاوضات.
في معراب على سبيل المثال، طرح الموفد القطري اسمين، الأول للمرشح الأول والوحيد، والثاني لأحد الأسماء، فكان الجواب أنّ الثاني خارج البحث، أما بالنسبة للأول، «فتفضّل يا حضرة الموفد الكريم، وهات جواباً من الممانعة عنه، وساعتئذ للحديث صلة».
لم تنتقل المبادرة القطرية بعد إلى الترجمات العملية. لا أساس لوجود طرح قطري باستبعاد مزدوج لقائد الجيش، وللمرشح سليمان فرنجية. بل الأساس طرح مجموعة أسماء، منها الاسم الجدي ذو الثياب المرقطة. والأساس أنّ الموفد القطري وُوجه من الثنائي، بالتمسّك حتى إشعار آخر بترشيح سليمان فرنجية، ويعود هذا التمسّك لسبب جوهري وهو أنّ قطر، لم تبلور في مبادرتها ثمناً سياسياً للممانعة، يكفي لترك الحرية لسليمان فرنجية كي ينسحب. قطر تؤدّي دور المفتاح في العلاقات الدولية، وهي كانت حاضرة في حرب تموز، وأميرها سُمّي من الممانعة أميراً للمقاومة، على الرغم من تزامن هذه التسمية مع علاقته الدافئة بإسرائيل، وعلى الرغم من أنّه أدّى دور الوسيط في حرب تموز، وبالتالي ما هو مطلوب منها لملاقاة مبادرتها إلى منتصف الطريق، أكثر من مجرد إرضاءات مالية ومساعدات لهذا أو ذاك، بل استثمار علاقاتها الدولية، ووضعها في خدمة مشروع تعزيز النفوذ في الداخل اللبناني وفي المنطقة، بمباركة دولية.
تتكلّم قطر باسم مجموعة الأربع زائداً فرنسا. التنافس بات منحصراً بمن يصل قبل الآخر إلى تسويق الحل الرئاسي للمرشح الوحيد. التنافس وصل إلى درجة أنّ فرنسا نطقت باسم العماد جوزاف عون، في لقاءات الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في جولته الأخيرة، وذلك في لقاءات مع الممانعة والمعارضة. وصحيح أنّ كلاً من الرئيس نبيه بري والنائب محمد رعد، أبديا التمسّك بسليمان فرنجية، إلا أنّ طرح الخيار الثالث الذي حمله لودريان بات ينطبق على اسم وحيد، وهو ما تتسابق إليه المبادرتان.
من هذه الزاوية يمكن تفسير حملات «البخ» المباشر، التي يقوم بها النائب جبران باسيل ضد قائد الجيش. هي حملات تشبه اللون الأسود، المتصاعد من دخان بواخر الكهرباء. لن تعطّل هذه الحملات، مسار الرئاسة، لكنّها تطمح لأن تترك لطخة على سجل قائد الجيش، هو نفسه الذي خصّص مواكبة مؤلفة من 3000 آلاف ضابط وعسكري، كي يتمكّن باسيل من الوصول إلى الشمال والبقاع، ليطلق اتهاماته بحق جوزاف عون، مدعومة «بمصداقية» عالية، أكدتها ممارسة «نظيفة» خالية من أي شبهات، قبل عهد ميشال عون وبعده.