يضاعف قرار منظمة الصحة العالمية بـ”تسريع إيصال إمدادات طبية عاجلة إلى لبنان في إطار الاستعداد للاستجابة لأي أزمة صحية محتملة”، مخاوف اللبنانيين من انزلاق لبنان إلى أتون الحرب الدائرة في غزة بين إسرائيل وحماس. وتزاحمت الأسئلة حول جهوزية المستشفيات، وسط الأزمة الاقتصادية المعروفة، لاستقبال الجرحى في حال وقعت الحرب. وما يجعل المخاوف مشروعة، أن قرار “الصحة العالمية” يأتي على خلفية تصاعد وتيرة الاشتباكات على الحدود الجنوبية بين (الحزب) وإسرائيل، في حين وضع المستشفيات ليس بألف خير في ظل الانهيار القائم.
منظمة الصحة العالمية، كشفت عن “وصول شحنتين إلى بيروت، الأحد الماضي، وتشمل ما يكفي من الأدوية والإمدادات الجراحية والصدمات لتلبية احتياجات ما بين 800 إلى 1000 مريض ومصاب”، وأشارت إلى أن “وزارة الصحة اللبنانية تعكف حالياً على تحديد المستشفيات التي ستتلقى هذه الإمدادات الحيوية”.
“النظام الصحي في لبنان أصيب بأزمة نتيجة للأزمة الاقتصادية وهناك نقص حاد في الأطباء المتخصصين والعاملين الصحيين والأدوية والمعدات الطبية”، بحسب بيان “الصحة العالمية”، التي أعربت عن تخوفها من أنه “إذا تصاعدت الاشتباكات الحدودية الجنوبية سيتعرض المزيد من المدنيين للخطر وسيحتاجون إلى الحصول الفوري على الرعاية الطبية المنقذة للحياة”، موضحةً أنها “تعمل مع وزارة الصحة والشركاء الصحيين في لبنان لتعزيز التأهب والاستعداد داخل النظام الصحي، للاستجابة للزيادات المحتملة في الإصابات بسبب تصاعد العنف”.
رئيس نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون، يشير، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أنه “حصل اجتماع تنسيقي، الأسبوع الماضي، في وزارة الصحة العامة، ضمّ نقابة المستشفيات وعدد من جمعيات الـNGO ومندوبين عن منظمة الصحة العالمية، وسائر المختصين بالوضع الصحي”، لافتاً إلى أنه “جرى البحث في ما يمكن أن يقوم به كل طرف ويقدّمه في حال تطورت الأحداث، أي كعملية تنظيمية بين مختلف الأطراف المعنية، وما يمكن لمنظمة الصحة العالمية تقديمه على هذا الصعيد”.
بالنسبة لوضعية المستشفيات في لبنان واستعداداتها للتعامل مع أي تطورات، يقول هارون: “من المؤكد أن ليس كل المستشفيات جاهزة لاستقبال الجرحى والمصابين جرّاء الأعمال العسكرية”، كاشفاً لموقع “القوات”، عن أنه “سيتم التنسيق بين نقابة المستشفيات الخاصة وبين وزارة الصحة، لإنشاء شبكة مستشفيات في كل المناطق، قادرة ومؤهلة لاستقبال الجرحى، وبالتأكيد المعونات والإمدادات التي ستصل من منظمة الصحة العالمية ستوزَّع على شبكة المستشفيات هذه لمساعدتها على التعامل مع الوضع”.
هارون، يوضح، أنه “لا يمكن الحديث عن جهوزية بدرجة مطلقة لدى المستشفيات، والأمر يتوقّف على نوع العمليات العسكرية، إن حصلت، ومستواها. فإن كنا نتحدث عن عمليات عسكرية على غرار ما شهدناه في غزة، لا تنفع أي جهوزية، لأننا شاهدنا المستشفيات تُضرب مباشرة، والتي لم يتم استهدافها تُطلق دعوات لإخلائها. فحتماً لا جهوزية لدينا في حال قُصفت المستشفيات، بالتالي الأمر يتوقف على مستوى ونوع العمليات العسكرية”.
في السياق ذاته، يلفت هارون، إلى أننا “اعتمدنا لتقدير الوضع على المقارنة مع ما حصل في حرب تموز العام 2006، وأخذنا في الاعتبار إمكانية أن يكون الوضع أسوأ بدرجة قليلة من الحرب في العام 2006، ووضعنا السيناريو الذي يمكن أن يحصل، وعلى ضوء ذلك يتم وضع الخطة لاستقبال الجرحى والتعامل مع الوضع. أما إذا حصل كما يجري الآن في غزة لا سمح الله، فهذا حديث آخر، لن يبقى لا مستشفيات ولا غيرها”.
عن تأثير هجرة أعداد كبيرة من الأطباء والممرضين على خلفية الأزمة الاقتصادية، ينوّه هارون، إلى أنه “لذلك نقول ليس كل المستشفيات جاهزة وقادرة. فعلينا أن نرى من هي المستشفيات التي لديها المؤونة اللازمة من المستلزمات الطبية والأدوية والمعدات والأجهزة الضرورية، والتي تمتلك الأجهزة الطبية والتمريضية والتقنية الكافية، والتي يمكنّها حجمها وقدراتها من استيعاب الجرحى والمصابين”.
يضيف: “هذه هي المؤشرات الأساسية التي ستؤخذ في الاعتبار، لتحديد المستشفيات القادرة والمؤهلة لاستقبال الجرحى. على أمل ألا تتطور الأحداث ولا ندخل في كل هذه الوضعية. فالوضع صعب، وسنحاول التعامل مع التطورات بأقصى طاقتنا، من ضمن الإمكانيات المتوافرة، على أمل ألا تحصل الحرب”.