سينما الخريف تزهر ربيعًا لبنانياً

حجم الخط

كتبت جوزفين حبشي في “المسيرة” – العدد 1745

سينما الخريف تزهر ربيعًا لبنانياً

بين الأكشن والإصلاح القضائي… رجعنا!

 

خريف لبنان ربيع سينمائي مع شريطين جديدين سيزهران في صالاتنا. الأول بعنوان “حسن المصري” (دراما وأكشن وحركة وتشويق عن قصة لنورا لبيب وسيناريو وحوار لسمر طاهر)، يشكّل عودة منتظرة للمخرج اللبناني سمير حبشي الذي اشتقنا إليه في السينما، في ثالث تعاون سينمائي مع “شركة أفلام مصر العالمية” (يوسف شاهين وغابي خوري) بعد الفيلم الوثائقي “سيدة القصر” (قصة نظيرة جنبلاط) عام 2002، والروائي الطويل “دخان بلا نار” عام 2008. أما الفيلم الثاني، فهو “طنعش” للمخرج اللبناني بودي صفير الذي وصف شريطه كنوع من إصلاح قضائي يعرّي المجتمع اللبناني ويفضح العقد الشخصية والأفكار النمطية.

 

حسن المصري

في 9 تشرين الأول من العام 2022، كان سمير حبشي يصرخ “إند أكشن”، معلناً بدء تصوير فيلمه “حسن المصري” في لبنان، وتحديداً بين بيروت وجبيل والأرز وعيون أرغش ودير الأحمر البقاعية  التي أصبحت بصمة جذور سمير حبشي المتعلّق دائمًا بالأرض في معظم أعماله السينمائية والتلفزيونية. قبل عام تحديدًا، كان سمير حبشي “ينغل” مع مدير التصوير ميلاد طوق، لإنجاز فيلمهما الثالث من إنتاج الشركة المصرية “أفلام مصر العالمية” لصاحبها المخرج الراحل يوسف شاهين وابن شقيقته غابي خوري (الاثنان من أصول لبنانية). واللافت أن كامل فريق الفيلم من التقنيين والمصوّرين هم لبنانيون، بدءاً بالمخرج سمير حبشي، مروراً بالمنتج المنفذ شركة “وان شوت بروداكشن” لصاحبيها سمير حبشي ومدير التصوير ميلاد طوق، ومهندس الديكور نصري طوق والمونتاج حسين يونس، ومدير الإنتاج جان مارك نعمة وتصميم ملابس شارلي هاشم ومهندس الصوت ريشار خوري ومخرج منفذ شربل شديد وغيرهم كثر. هذا إضافة الى مجموعة من الممثلين اللبنانيين الذين شاركوا الممثل المصري أحمد حاتم البطولة، وعلى رأسهم الممثلة الاستثنائية ديامان بو عبود التي سبق أن شاركت في بطولة فيلم حبشي “دخان بلا نار” مع خالد النبوي، وتألقت بدور المحامية في فيلم “قضية رقم 23” لزياد الدويري، وهو أول فيلم لبناني ينال ترشيحًا لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2018.

هذه الثقة المطلقة بالمخرج سمير حبشي وفريقه اللبناني البحت، أول سؤال قمت بطرحه على المنتج غابي خوري ابن “هوليوود الشرق” مصر، يوم كان في لبنان قبل عام، مرافقاً انطلاق التصوير. وجاء جوابه مفخرة لكل الفن اللبناني عندما أكّد: “أنا عارف ومطّمن على نوعية الصورة والعمل اللي حيدموه ليّ سمير وميلاد. صحيح التحدي كبير، وما حصلش  قبل كدا، ولكن اللي شجّعني عليه هو ثقتي المطلقة بسمير حبشي ومدير التصوير ميلاد طوق اللي سبق وتعاملت معاهم في “دخان بلا نار”.

تعامل غابي خوري مع سمير حبشي وميلاد طوق في “دخان بلا نار” جاء يومها بإلحاح من المخرج الراحل يوسف شاهين الذي كان شاهد فيلم حبشي الأول “الإعصار” عام 1992 وأعجب جدًا بموهبته وأسلوبه الإخراجي المتميّز، فطلب من ابن شقيقته وشريكه غابي خوري التواصل معه وعرض فرصة إنتاج أي فيلم من إخراجه. وهذا ما حدث فعلاً، فكان التعاون الأول من خلال “دخان بلا نار”… و”علشان كده”، قال يومها غابي خوري، “قلنا نخوض التجربة من جديد مع ناس قدّ المسؤولية”. يومها، ومع بدء التصوير، كان المنتج غابي خوري راضيًا جدًا عن  النتيجة التي وصفها  بـ”الشغل هايل، وبطريقة منظمة جداً، وفريق العمل كله متجانس، ولافت جداً جداً قد إيه في حب وتفاهم بين كل طاقم العمل”.

فيلم “حسن المصري” سينطلق في مصر والدول العربية في 4 تشرين الأول الجاري، أما موعد الجمهور اللبناني معه فسيكون إبتداء من 12 تشرين الأول، ومعه سننطلق في مغامرة مليئة بالأكشن والحركة مع الممثل المصري أحمد حاتم، الذي يجسّد دور ضابط في جهاز أمني مصري، سيتعرض لمأساة عائلية فيبتعد عن عمله، وينتقل الى لبنان عند حبيبته (ديامان بو عبود). ولكن عملية خطف ستقلب الأمور رأسًا على عقب، وترميه في الخطر، وتجعله يبحث عن الحقيقة بين لبنان ومصر، ومع مجموعة من الممثلين اللبنانيين، نذكر منهم جنيفر عازار وسليم حلال وجاد أبو علي وجورج كعدي.

 

طنعش

“طنعش” (12) هو الفيلم الثاني الذي ستبدأ عروضه خلال شهر تشرين الأول في لبنان، بعد جولة له على عدة مهرجانات. الفيلم من كتابة وإخراج وإنتاج عبدالله (بودي) صفير الذي لم يدرس السينما، ولكن عشقه لها جعله يُصرّ على القيام بمبادرات فردية ومستقلّة لإنتاج أفلامه التي بلغ عددها لليوم ثلاثة.

فكرة الفيلم انطلقت من خلال سؤال جدلي لطالما خطر على بال المخرج صفير: “ماذا، لو اضطرت مجموعة من اللبنانيين من خلفيات دينية وسياسية واجتماعية مختلفة، الى إتخاذ قرار موحّد وبالإجماع؟ وفي حال حصل هذا التجمّع الإضطراري، هل ستتمكن المجموعة من التحاور والتفاوض بموضوعية”؟ انطلاقاً من هذا التساؤل، ولد السيناريو الذي يتناول إصلاحا قضائيا “متخيّلاً»، تم التوصل إليه بعد تفجير مرفأ بيروت الكارثي في 4 آب 2020.

إذن ينطلق الفيلم مع فكرة متخيّلة، تنص على تشكيل هيئة محلفين من 12 لبنانياً، إناثاً وذكورًا، ومن خلفيات ثقافية وسياسية ودينية مختلفة، لاتخاذ قرار في شأن لاجئ سوري. هل هو مذنب أم بريء؟

في مكان مقفل huis clos، وتحديدًا في إحدى غرف مؤسسة كهرباء لبنان، تم اختيار مكان التصوير لرمزيته، وقامت الكاميرا بمهمة عين تتلصص على مجريات الجلسة مع هيئة المحلفين على طريقة الـsnap zoom، ومن خلال ديكور بسيط بهدف خلق جو يعكس الأوضاع المتردية في لبنان في الفترة الأخيرة. بدورها الموسيقى والمؤثرات الصوتية تؤدي دورًا أساسيًا في نقل أجواء الواقعية.

يركَز مخرج الفيلم على أهمية وجود الأمل وأهمية رسوخه في النفوس، علمًا أن اللبنانيين هم المسؤولون بشكل أو آخر عن الواقع المأساوي الذي وصل إليه البلد. لذلك عليهم تدارك خطورة الوضع، وتحمّل المسؤولية وتصحيح الأخطاء. ويستشهد المخرج بما قاله الشاعر نزار قباني في رائعته “قومي يا بيروت”، فيردد: “الآن عرفنا ماذا اقترفت أيدينا”.. ربما لا تزال أمامنا فرصة.. ربما لا نزال نملك الأمل.

الفكرة جميلة وجريئة، على أمل أن تكون المعالجة عميقة، فهكذا أفلام تعتمد بشكل أساسي على النص والحوار الذي شارك صفير في كتابته، كل من أزداشير جلال احمد وباتريك شمالي المشارك تمثيلاً بدوره مع 11 ممثلاً، هم طارق يعقوب ويارا زخور وشادي عرداتي وساره عبدو وعلي النجار وكريستينا فرح وطوني داغر وساني عبد الباقي ومحمد عساف وعلي شقير وطارق حاكمي.

 

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل