كتب ميشال يونس في “المسيرة” ـ العدد 1746
2 تشرين الثاني… بحروف لبنانية وحبر الشهداء
ودُعيَ اسمها “المسيرة”!
تمام الثاني من شهر تشرين الثاني عام 1985 وُلدت مجلَّةٌ لبنانيَّةُ الأبجديَّةِ حتى آخر حرفٍ من حروفها فدُعي اسمها “المسيرة”!
ولادةٌ صحافيَّةٌ هادفة يوم تذكار الموتى المؤمنين ليس أدنى فعلاً من مسارٍ إعلاميٍّ خلاَّق يقارب الإيمان بكلمةٍ ساطعةٍ تشعل نور الحياة في حقائق صعبة القبول، وهّاجة الحضور يُرادُ لها أن تموت موتًا ممنهجاً بلوحة عبارة الخضوع والانصياع والتسليم بكلّ أمرٍ محتوم: “ما كُتِب قد كُتِبَ”.
الثاني من تشرين الثاني دخلت “المسيرة” إلى عائلة الصحافة اللبنانية دخول الغريبة عن أورشليمها.. دخلت واقتحمت كما الرسل الأوائل دخلوا واقتحموا الأمم ببشارة مجَّانية كلفتُها النهائية آية: “مجّانًا أخذتم مجَّانًا أعطوا، لا تقتنوا ذهبًا وفضَّةً ولا ثوبين ولا زادين”. ورسل “المسيرة” كانوا الفَعَلة وما زالوا. هم يدركون ويؤمنون بأنَّ إجارهم العظيم على الذي دعاهم أن يفتحوا في مجلَّتهم الرسولية طريق الحق والحياة والحرية لكلمةٍ لا تقبلُ إلاَّ أن تصير شعبًا ووطنًا!
أطلَّت المسيرة في أول أعدادها اطلالة الشَّاهدة العالمة بأنها قد تتحوَّل عند أيَّة نبرةٍ عاليَّةٍ إلى شهيدة وهي تتمرَّد وتجاهد كي لا تكون كغيرها مُستعمرَةً تحتلُّها سلطات أنظمة خارجيَّةٍ تديرها برشاوى الأموال والهدايا وبلاسلكي الهمسات والوشوشات والتعليمات، فكانت كلفة كل عددٍ من أعداد “المسيرة” تُلَمُّ “لمَّة صينية” الكنيسة ثمنًا لميرونٍ وشمعٍ وزيتٍ فكريٍّ لبنانيٍّ يُلهم كتَّابها على الكتابة في النور ما دام لهم النور.
الحرب على لبنان زمن 1985 ما زالت مواقيتها في أيادٍ سوداء توقدُ سعير نارها وأحقادها وتسعِّرُ بعضَ أقلامٍ صحافيَّة لبنانية الهوية لا الانتماء تروِّجُ وتبرِّر للمرتكبين كل ما يرتكبون من مآثم بحق وطن الإنسان والحضارة والرسالة ووطن مكتبة الشرق ومدرسته وجامعته ودار نشر كتبه ومصرفه ومستشفاه.
أيامها دخلت “المسيرة” جبهة تلك الصحافة وهي ترتدي في عقيدتها ملابس “القوات” والمقاومة اللبنانية من دون تَخفٍّ ولا تمويهٍ ولا مواربةٍ ولا عِقدٍ، وهي تعلَم أنَّ المطلوب منها والمرجو أن تكون بحجم سيرة 1600 سنة كان البقاء اللبناني فيها والصمود فيه من العجائب أكثر بكثيرٍ من الواقعيّة والوقائع، فطُبعت الإصدارات المسيريّة من افتتاحياتها إلى آخر صفحاتها بروح الصوم عن الأرباح والأرصدة والغلال، وبأنفاس صلوات طرد الأرواح الشريرة عن بلاد الأرز وأودية النسّاك والقديسين وأضرحة الشهداء. وها هي مسيرة اليوم تشهد الانطلاق الوطني الرسولي إلى خارج محيطها المسيحي في توسيعها ترجمة كتاب الاقتداء بالمسيح إلى مجلَّة الاقتداء بلبنان!
“المسيرة النجوى” أو “النجوى المسيرة” تآلفت منذ بدايتها مع عائلة كتَّابٍ ومُحرِّرين كان لكلٍ منهم فيه منزلٌ ومنزلة، توزَّعوا الافتتاحيات والمواضيع والتحقيقات وأخبار العلم والفن والطب والاختراع ولذعات الكاريكاتور، وتقاسموا الملاحقات والمُطاردات والاستدعاءات إلى محاكم المطبوعات وشرب قهوة زوّار الليل.. كما تقاسموا زمن الاحتلال الطاغي الباغي نقل حوائج وحاجيات مسيرتهم من مكاتبهم المُهجَّرين منها قسرًا إلى الأرصفة الخارجية، ومن يمكنه أن ينسى ويتناسى أنَّ المسيرة هي المغوارة الإعلامية الوحيدة التي صدرت مرارًا وتوزَّعت بحمى مكاتب الرَّصيف!
المسيرة السيرة الجبهة الصومعة الأمانة الأمينة على وديعة الإيمان الحصن والصفحة القلعة والمقال الرسوليِّ المجددة نذورها في يوم تذكار الموتى المؤمنين الثاني من تشرين الثاني 2023 بأنها ستقتحم الموت من جميع جوانبِه وجهاتِه، فتواجه طغيان واستبداد طفرات الإعلام الإلكتروني وتحملُ الصحافة الورقية المكتوبة على أكتافها حملَ صليبٍ تسيرُ به حتى آخر صفحةٍ وحرف وكلمةٍ وافتتاحية ومقالٍ وتحقيق، وها هيَّ مسيرتنا كوكبٌ ميلاديُّ يشرق من لبنان لها كامل حقوق التبشير: المسيرة صارت لبنانًا قد حلَّ بيننا!!!
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]