ليس مستشفى بشري الحكومي، الذي تم افتتاحه قبل يومين، باكورة المشاريع الصحية والإنمائية والثقافية والسياحية التي تشهدها منطقة بشري وإن كان من أبرزها. فالمنطقة أحوج ما تكون إلى مثل هذا الصرح الإستشفائي، والناس إلى مزيد من الخدمات في هذه الظروف الصعبة. وقد مرّت عملية توسعة المستشفى وتجديده في مراحل لم تكن سهلة أبداً، بل زادتها جائحة كورونا في العام 2020، والإنهيار الإقتصادي بعدها تعقيداً. لكن بعزم وتصميم تم استكمال المرحلة الأخيرة والنهائية من عملية تأهيل المستشفى الذي وصلت تكلفته على الرغم من التوفير إلى 3,500,000 دولار أميركي، ما عدا تجهيزه بالمعدات المطلوبة.
مثَّلَ هذا المشروع حلماً للنائب ستريدا جعجع اعتبرته واجباً تجاه أبناء منطقة بشرّي، كما العديد من المشاريع التي بدأت طرحها وتنفيذها تباعاً منذ باتت نائباً عن المنطقة في العام 2005 حتى اليوم. وهي ما لانت يوماً في التصميم على إطلاقها ومتابعتها وتأمين سبل نجاحها المادية والقانونية والإدارية حتى بلوغها النهايات ووضعِها في خدمة منطقة لطالما عُرِفت بحرمانها منذ عقود وعقود.
ومن المشاريع المنفّذة أو قيد التنفيذ على سبيل المثال لا الحصر، محطة التكرير النموذجية في بشري، وهي الأولى من نوعها ليس فقط على مستوى القضاء، بل في الشمال ولبنان. وتأتي ضمن خطة انمائية متكاملة تخوض النائب جعجع غمارها على كل مستويات البنى التحتية بدءاً من دورة قاديشا التي تُعتبَر الشريان الحيوي للمواصلات في المنطقة، إلى مشاريع مياه الشفة والري، مروراً ببرك مياه الري الأربعة في حصرون وبقرقاشا وبزعون وبقاعكفرا وحدث الجبّة، إلى مشروع سدّ وادي الشيش في الارز، والذي يتسع لمليون متر مكعب من المياه، ومشروع تأهيل طابقين إضافيين في مبنى مستشفى مار ماما.
ولم يقتصر الطموح عند النواحي الإنمائية والصحية والبيئية، بل طال مجال التراث العالمي فتم تأمين التمويل لتنفيذ مشروع الطريق في وادي قنّوبين المقدس، بحسب المواصفات والشروط التي وضعتها الأونيسكو ووزارة الثقافة. ومجال التعليم فكان مشروع “بيت الطالب” في ضبية، ومشروع “المركز الثقافي – الإجتماعي”. وفي المجال الثقافي الفنّي لم تكن مهرجانات الأرز إلا نجمة مضيئة في تلك الليالي الحالمات الممتلئات حنيناً إلى أيام العز.
أهميّة هذه المشاريع وسواها أنها استمرّت على الرغم من الظروف والمعوّقات، وتحقَّقت محقِّقة معها الآمال بأن من جدّ وجد، وأن الإرادة أقوى من الصّعاب، وأن لا مناطق محرومة إن قرّر المخلصون فيها إنقاذها من الحرمان. يضاف إلى ذلك البعد الإستراتيجي لهذه المشاريع وهو استقطاب الاستثمارات السليمة والمفيدة إلى المنطقة، وبالتالي خلق فرص عمل لأبنائها كي يبقوا متجذرين في أرضهم.
كل هذه المبادرات والمنجزات عجزت الدولة ربما منذ الاستقلال عن تنفيذها، ونجحت إمرأة محاطة بقلوب الطيبين وأيادي الخيرين في إنجازها، وتحويل منطقتها من منسية إلى نموذجية، ومن أمثال سواها إلى مثالٍ يحتذى في الإنماء والتطوير.
ألا بوركت يداكِ أيتها النائبة المقدامة وسدّد الله خطاكِ لما فيه خير الإنسان ولبنان، وأنعم على البلد بمثل هذه الطاقات الوافرة والإرادات الصلبة والرؤى السليمة، لأننا أحوج ما نكون لمثلها في هذا الزمن. علّنا بذلك ننجح في تجنيب لبنان الحرمان بل إعادته إلى الواجهة منارة للشرق وواحة للحضارة والإنماء.