رسم اختصاصي معروف في العلوم الاجتماعية والاقتصادية، خلال حلقة ضيقة ضمّت عدداً من الاختصاصيين والمعنيين بالشؤون الاقتصادية والمالية والاجتماعية، “صورة سوداوية للوضع الاجتماعي والمعيشي”، مؤكداً أن “الطبقة الوسطى في لبنان انهارت بالكامل وانضمّت إلى الطبقة الفقيرة”، ومشدداً على أن “الوضع الاجتماعي والمعيشي بلغ مستويات كارثية، لا تظهر على حقيقتها الفعلية إلى الضوء والإعلام كما يجب، لأسباب عدة، وما كان يسمّى الطبقة الوسطى في لبنان والتي لعبت دوراً أساسياً في نهضته، انتهت واندثرت وماتت للأسف”.
الاختصاصي المشهور في العلوم الاجتماعية، الذي تمنّى عدم الكشف عن هويته لكونه لا يريد الدخول في جدل ومهاترات ومزايدات فارغة مع أحد على خلفية أن كلامه الحقيقي والواقعي حول اندثار الطبقة الوسطى يهبط العزائم ويزرع اليأس، يقول لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إن “كلامه يستند إلى الأرقام الفعلية، والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، ونسبة البطالة (الرقمية المعلنة والمقنّعة)، والتقارير الدولية التي تصدرها دورياً المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بقضايا التنمية البشرية والسكان والمجتمعات الهشة والفقيرة والبلدان التي تعيش أزمات اقتصادية ومالية شديدة التأزم”.
يضيف: “معدلات الفقر الحقيقية في لبنان تتجاوز نسبة الـ80% من السكان (اللبنانيين والموجودين على الأراضي اللبنانية)”، لافتاً إلى أن “هذا الرقم الذي درجت العادة على اعتماده منذ فترة لقياس واقع الحالة الاجتماعية والمعيشية في لبنان، بحاجة إلى تصحيح جذري، لكونه بات سابقاً للواقع الحالي ولا يلحظ بدقة انضمام الطبقة الوسطى التي اندثرت بالكامل تقريباً إلى الطبقة الفقيرة”.
يتابع: “صحيح أن في لبنان اليوم، نسبة الفقراء هي الغالبة بشكل ساحق نتيجة الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة، في حين هناك نسبة قليلة من الميسورين الذين لا يتأثرون بالأزمة وبصعود وهبوط الدولار وانهيار الليرة اللبنانية. لكن الأساس أن ما كان يسمى الطبقة الوسطى والتي كانت تحاول الصمود والحفاظ على ما أمكن من مستوى معيشي بحدٍّ مقبول، على الرغم من الأزمة، انحدرت إلى الطبقة الفقيرة”.
الاختصاصي ذاته، يوضح أنه “حين تصبح العائلات التي كانت تصنَّف في خانة الطبقة الوسطى في وضع بالكاد يسمح لها ما تحصّله كمدخول شهري للإيفاء بحاجاتها الأساسية، من مأكل ومشرب وملبس من دون الطبابة والاستشفاء، هذا يعني أنها لم تعد ضمن الطبقة الوسطى بل تصنَّف ضمن الطبقة الفقيرة. بالتالي، في لبنان اليوم أصبحنا اليوم أمام واقع وجود طبقتين: طبقة ميسورة لا تتجاوز الـ5%، وطبقة فقيرة بحدود الـ95% قد يصح توزيعها على فئتين، (فئة فقيرة بالمفهوم التقليدي، وأخرى فقيرة معدمة حياتها أشبه بالجحيم)”.
“هذا هو الوضع الاجتماعي والمعيشي في لبنان اليوم، بكل حقيقته وواقعه المؤسف. الطبقة الوسطى ماتت وامّحت، وهذا دليل على خطورة الهاوية التي انحدرنا إليها، إذ لا يمكن لأي مجتمع النهوض مجدداً في ظل انتفاء وجود طبقة وسطى نشطة وفاعلة، ما يعني أن لبنان في حالة يرثى لها وأي أمل بالخروج من الأزمة في المدى المنظور مستبعد للأسف”، يختم الاختصاصي البارز في العلوم الاجتماعية والاقتصادية.