باللون الأحمر، تتوسط نجمة داوود وجوه عدد من الإعلاميين ويُكتب فوقها “شركاء قتلة الأطفال”! هكذا يواجه جمهور “حزب الله” الإعلام الرافض، لسياسة الحزب في لبنان وفلسطين وسوريا. نحن وسط حرب تاريخية قد تغير وجه الشرق الأوسط بأكمله، حرب غزة وإسرائيل، حرب ملوثة بدماء الوحشية المطلقة، جثث الأطفال صارت وجه غزة المنكوبة، وتلك الجثث ذاتها صارت واحدة من أقوى أسلحة الحزب، تشهرها بوجه إعلاميين ينتفضون لتلك المجازر المدمرة للإنسانية، ويرفضون دخول لبنان في تلك الحرب، كي لا تتصدر من جديد صور جثث أطفالنا صفحات العالم. يدافع إعلاميو لبنان عن الأبرياء في غزة التي اُقحمت في حرب غير متكافئة مع الإسرائيلي، ومن يدافع عن هؤلاء يصبح شريكاً للعدو، هكذا صار لبنان مع هيمنة حفنة من الممانعين المفترضين.
إذا كنت ضد “حزب الله” إذاً أنت عدو، إذا انتقدت سياسة الحزب اذاً أنت صهيوني، إذا لم تحمل المبخرة لكلام زعيم الحزب إذاً أنت عميل متواطئ ودماؤك مهدورة. وهكذا، وبتوتر يفوق الوصف، أهدرت بيئة الحزب دم عدد من الإعلاميين اللبنانيين، لمجرد أنهم يقولون لا لقتل أطفال غزة ولا لدخول لبنان الحرب، ولا لسطوة الحزب على قرار الحرب والسلم في لبنان.
“السلم لا يقتل بل الحرب هي التي لا ترحم وهي التي تقتل، وعندما ندعو للسلام لا نكون نأخذ طرفاً بين المتنازعين في فلسطين، نحن ضد الحرب ونعلن ذلك، حملة التخوين تلك ليست إلا ردة فعل على الحقيقة التي نعلنها”، يقول الزملاء الذين يتعرضون لأسوأ حملة تخوين وهدر دماء.
ديما صادق
“صراحة ما كان بدي إحكي عن هالحملة لأن أولويتي هي تسليط الضوء على الجريمة ضد الإنسانية التي تشهدها غزة، وحالياً لا أكتب الا عن غزة، وكلما كتبت تأتيني تعليقات التخوين، بداية لم أهتم لكن أن تصل معهم أن يضعوا صورتي وعليها نجمة داوود ويكتبون شريكة بقتل الأطفال، فهذا أمر لا يمكن أن أتقبله، أنا ابنة الجنوب، تتهمونني بقتل أطفال الجنوب؟! من الواضح أن الحزب وجمهوره مربك جداً وعندهم أزمة خطاب، لأنه وعلى مر عشرين عاماً يقولون لا صوت يعلو على صوت المقاومة، وبدنا نحرر فلسطين وما شابه، ولما جاء الوقت لتحرير فلسطين لم يفعلوا، فما كان هناك من حل لديهم لتحييد النظر عنهم، إلا بوصفنا كعملاء الداخل، لكن فشرتوا، وصراحة هذه المرة الأولى التي اشعر بالخطر، علماً أني من سنين أتعرض لحملات التخوين، ولكن الآن النفوس محقونة وثمة دماء على الأرض، وطريقة هدر دمنا قد تدفع بعض هؤلاء الى الانتقام. لا أريد تسليط الضوء عليّ لأكون ضحية أو بطلة، لأن هناك معركة إبادة جماعية لشعب بكامله لكن لا يمكن أن أصمت بوقت يُهدر دمي”، تقول الإعلامية ديما صادق.
صار لبنان بلداً من دون نقاش، إما أن تكون معي وإلا فأنت عدوي، وما يجري من حملات تخوي هي عملياً تبني للجريمة قبل وقوعها، هي مطالبة مباشرة من جمهور الحزب لحزبه بأن يقتل، يقول الزملاء الذين أهدرت دماؤهم.
شارل جبور
“يحاولون بالترهيب والتهديد، التمادي بالقتل المعلن لتحقيق ثلاثة أهداف: إسكات الأصوات الحرة التي تعبر عن أفكارها السياسية، تدجين المجتمع تحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، والتعبئة المضللة والتحريض الشيطاني ضد الأصوات الحرة بهدف دفع بعض الموتورين للاعتداء عليها وقتلها ومن ثم تبرير عملهم الإجرامي بأنه رد فعل من الأهالي. ما يحصل ليس بجديد، إنما يشكل فصلاً جديداً من كتاب إجرامي متواصل بهدف إبقاء لبنان خاضعاً لشريعة الغاب ودويلة الممانعة”، يقول رئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات اللبنانية، الاعلامي شارل جبور.
عبر وسائل التواصل الاجتماعي معركة أخرى تدور، تفوح من بعض صفحات جمهور الممانعة رائحة دماء، حملات تنمّر لم يشهدها لبنان ومن حسابات حقيقية، وهدر دماء في الاتجاهات كافة.
ليال الاختيار
“لم أردّ على تلك الحملات لأن العمل يأخذ من وقتي الكثير، ما يقومون به هو تغطية على فشلهم في الداخل والخارج، نحن لم نتعامل مع أي عدو ضدّ بلدنا، بل على العكس نحن نقوم بعملنا على أكمل وجه خصوصاً في محطة عربية من هذا الطراز الاحترافي العالي جداً. هي حملات فارغة تافهة فاشلة، وإذا كانوا يعتقدون أننا سنسكت فهم مخطئون جداً جداً، وسنبقى نمارس ثوابتنا وقناعاتنا الوطنية بحرية، وليفعلوا ما يشاؤون”، تقول الإعلامية في تلفزيون العربية ليال الاختيار.
في مؤتمر صحافي عُقد في الاشرفية تحت عنوان، “منعاً لكم الأفواه ورفضاً لخطاب الكراهية ضد الصحافيين”، طالب المحاضرون المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللّازمة لحماية الإعلاميين “لأننا مهددون بالقتل والدولة عاجزة عن حمايتنا ونحن لن نتراجع ولن نستكين ولسنا عملاء”، لكن هل تسمع تلك الدولة العاجزة المستسلمة لمنظومة القتل وهدر الدماء؟!
رامي نعيم
“هي محاولة لإسكاتنا ولكسرنا معنوياً وتصفيتنا جسدياً، هم يدعون مباشرة للقتل لأننا نحكي الحقيقة وما نقوله مبني على وقائع. 7 ايار واقعة، غزوة عين الرمانة واقعة، اغتيال الحريري واقعة، لذلك يهددوننا إما أن نسكت أو منعرف كيف نسكتكن كما فعلنا سابقاً مع سواكم، يقولون لنا في منشوراتهم وتعليقاتهم، والمفارقة أن القوى الأمنية تتفرج ولا تتدخل رغم أننا أعلمناهم بالتهديدات. بدنا نعرف هل صار البلد ملك حسن نصرالله وحزب الله؟ أخبرونا، فإما أن نقاوم الحزب وإما أن نرحل”، يقول الإعلامي رامي نعيم.
لا صوت يعلو فوق صوت “المقاومة” يصرخ مناصرو حزب الله، ومن يعترض على هذه المقولة يصبح فوراً مشروع شهيد!
طوني بولس
“يبدو أن حزب الله المهزوم عند الحدود لا بديل عنده سوى الاستقواء بالداخل اللبناني، ولتبرير رواياته يحاول إسكات صوت المعارضة التي تكشف كل مخططاته، فتنطلق حملات التخوين وهدر الدماء، والا علينا أن نمشي على الطريق التي اختارها هو لنا وللبنان. هذه ليست مجرد حملة ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، إنما حملة منطلقة مباشرة من قيادة حزب الله وهدفها الاغتيال السياسي للإعلاميين، من خلال إطلاق عليهم صفة صهاينة وعملاء الداخل ويجب قتلهم، والحملة التي يقودها مرفوضة، وأي ضرر نتعرض له كإعلاميين يتحمل حزب الله مسؤوليتها المباشرة، وتعرفين في لبنان لا قضاء ولا من يحمينا لذلك على كل منا أن يدافع عن نفسه بنفسه”، يقول الاعلامي طوني بولس.
هي حرب اذاً، حرب حريات ووجود وكيان، فإما أن نبقى أحراراً لأجل لبنان، وإما أن نقبع في العبودية ويموت معنا لبنان، والإعلام الذي أهدر دمه في لبنان اختار الدرب الصعب… المقاومة لأجل الحقيقة والحرية.