لبنان أمام مرحلة مفصلية.. الجمهورية القوية يخاطب المجتمع الدولي

حجم الخط

كتبت ألين الحاج في “المسيرة” –  العدد 1746

لبنان أمام مرحلة مفصلية…

مَن ينقذه مِن تداعيات النزوح السوري؟!

الجمهورية القوية يخاطب المجتمع الدولي وحلول بأطر قانونية

مع استمرار تقاعس الحكومات المتعاقبة ذات الغالبية الممانعة عن القيام بواجباتها، تجاوزت أزمة النزوح السوري في لبنان الخط الأحمر، وباتت تهدد بتداعياتها السلبية هوية البلد الصغير الهش وديمغرافيته كما اقتصاده وموارده وأيضاً أمنه.

وفي استثناء لافت، تقاطعت مواقف الكتل السياسية المختلفة، لتعكس إجماعاً على ضرورة إيجاد حلول لملف النزوح السوري، من دون أن تتبنى في المقابل أي صيغة مشتركة لها، غير أن موقف “حزب الله” بدا خارج السياق، حيث اقترح أمينه العام حسن نصرالله فتح بوابة البحر أمام النازحين، وتحدّث عن مقايضة تخدم النظام السوري، لينسف بالتالي نظرية التلاقي مع الأحزاب الأخرى في ملف بهذه الأهمية الوطنية.

أمام دقة المرحلة، أثبت تكتل الجمهورية القوية مجدداً جهوزية تامة لحماية سيادة ومصلحة لبنان. فبعد أن طالب منذ اللحظة الأولى بإقامة مخيمات تأوي النازحين من دون أن يلقى آذاناً صاغية، يعتمد اليوم مساراً جديداً للحل، إطاره “وطني بحت”.

النائب في تكتل الجمهورية القوية الدكتورة غادة أيوب أوضحت عبر “المسيرة” أن المسار الجديد الذي تقدم به تكتل الجمهورية القوية لا يتلاقى قطعاً مع اقتراح “حزب الله”، حيث إن “الأخير تحركه أجندة خارجية هدفها حماية النظام السوري ورفع العقوبات الأميركية عنه كما إلغاء قانون قيصر”.

في المقابل، تشدّد أيوب على أن تكتل الجمهورية القوية وحزب “القوات اللبنانية” يعتمدان خارطة طريق ترتكز على الأطر القانونية من دون سواها، لمعالجة ملف النزوح وخفض الأعداد الهائلة من السوريين الذين يتدفقون يومياً عبر المعابر غير الشرعية، إن عبر المسار الدولي أو الداخلي.

دولياً، يوجد عمل جدي باتجاه تقديم عريضة نيابية إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لمطالبتها بتطبيق الاتفاقيات المبرمة مع لبنان واحترام سيادته على أراضيه. وتضيف أيوب “نحن نطالب بتوطينهم في بلد ثالث أو إعادتهم إلى مناطق آمنة في سوريا، خصوصاً أنه وبعد مرور سنوات على انتهاء الحرب بات النازحون يتحركون ذهاباً واياباً بكل حرية نحو سوريا، ناهيك عن إعلان تأييد قسم كبير منهم لنظام بشار الأسد، وقد تجلّى ذلك في الانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة”.

المسار الثاني، تتابع أيوب “داخلي وينتظم أيضاً تحت مظلة القانون. وقد انطلق مع توجه نواب التكتل كلٌ في دائرته إلى كافة السلطات المحلية من بلديات ومخاتير لاتخاذ أقصى الإجراءات والتدابير الرادعة في وجه أي وجود سوري غير شرعي، ويستكمل عبر التواصل مع الأمن العام لاتخاذ الإجراءات اللازمة سواء عبر ترحيلهم أو إقفال محالهم التجارية”. وتؤكد أن الحملة باتت تلاقي تفاعلاً واسعاً، “إن في بلديات المتن أو في عدة مناطق، حيث بدأ يتجلّى تطبيق هذه الإجراءات”.

داخلياً، توضح أيوب أن تكتل الجمهورية القوية يواكب الإجراءات والقرارات التي أصدرها وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي، حيث أوعز إلى البلديات والمخاتير لرفض أي هبة مشروطة أو غير مشروطة تتعلّق بالنازحين السوريين سواء أكان الهدف منها إبقاءهم في لبنان أو دمجهم في المناطق والمدارس، إضافة إلى قرارات لها علاقة مثلاً بتوقيف الدراجات النارية التي يقودها أشخاص سوريون لا يحملون الإقامة اللبنانية، لا سيما ضمن بيروت الكبرى الممتدة من الدامور حتى نهر الكلب. وتلفت أيوب الى أن “التكامل في المواقف ضروري، ويسهّل عمل الوزارة”.

للتشريع دور هام في مهمة التكتل، بحسب أيوب، وتكشف عن ورشة في لجنة الإدارة والعدل تتضمن وضع خطة طوارئ وخلية أزمة، وأن رئيس اللجنة عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عدوان قرّر إعادة تنقيح كل القوانين والمراسيم والتعليمات التي لها علاقة بالوجود السوري في لبنان لضمان الوصول إلى صيغة قانون تنظم الوجود السوري وترحّل غير الشرعيين منهم كما تمنع توطينهم بأي طريقة مقنعة.

ولم يألُ تكتل الجمهورية جهداً في مخاطبة المجتمع الدولي والبرلمان الأوروبي، وإعلاء الصوت على كل المنابر الدولية سواء باللقاءات الدبلوماسية أو بالزيارات كما تشير أيوب أيضاً.

من جهة أخرى، يبدو أن اقتراح نصرالله إن طُبِّق لن يمر من دون انعكاسات سياسية سلبية على لبنان. ويشير مؤسس مكتب جوستيسيا للمحاماة الدكتور بول مرقص لمجلة “المسيرة” أن خطوة فتح المجال البحري للمهاجرين، كما يسمونهم في القانون الدولي “المهاجرون عبر البحار” تضع احتمالات ثلاثة من المرجح أن تطبّق على البلد.

ويكشف عن الاحتمال الأول، وهو أن تتعامل الدول الأوروبية وتحديداً المتوسطية مع هذا الحدث بطريقة ديبلوماسية وسياسية لا ترقى إلى مستوى الإجراءات بحق لبنان، أو أن تنتقل إلى المستوى الثاني وتتشدد في التعامل مع لبنان لناحية التجارة معه بمعنى الاستيراد والتصدير والتحويلات المالية، وصولاً إلى اتخاذ التدابير الدبلوماسية التي تجيزها اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية من استدعاء السفراء وصولاً إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، الأمر الذي يؤدي إلى شبه حصار على لبنان.

الذهاب إلى المستوى الثالث، يشرح مرقص يعني “رفع القضية إلى مجلس الأمن الدولي ليتخذ قرارًا تحت الفصل السابع والذي يحتم اتخاذ إجراءات تبدأ بحصار اقتصادي، وقد تؤول إلى اتخاذ تدابير عسكرية بحق لبنان فيكون تنفيذ قرارها ملزمًا”. غير أنه رجح أن تقتصر الإجراءات الأوروبية على المستوى الأول على الأقل مع بداية تنفيذ القرار اللبناني المطروح، بحيث يكون له تأثير قليل المدى على لبنان لا يصل إلى حدود قطع التعامل معه أو الإضرار به.

لا شك أن قضية النزوح السوري معقدة ومحورية في السياسة اللبنانية، وتستدعي حلولاً شاملة ومستدامة، كما تتطلب التعاون والتفاهم بين الأطراف المختلفة ليخرج لبنان منها سالماً معافى.

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل