إستطاع مصرف لبنان زيادة احتياط العملات الأجنبية لديه خلال الفترة القليلة الماضية بأكثر من 600 مليون دولار، وقد يعلن هذا الأسبوع عن إجمالي يزيد على 9 مليارات دولار. وتعتبر هذه الزيادة الأولى بحجمها منذ سنوات طويلة. أما كيف فعل ذلك؟ فالأمر متعلق بتقليص حجم الكتلة النقدية بالليرة الى أدنى مستوى منذ 2022 ليبلغ 53 تريليون ليرة (قيمتها أقل من 600 مليون دولار) بفعل عدة اجراءات أبرزها إلغاء منصة صيرفة بالطريقة التي كان يشغّلها الحاكم السابق رياض سلامة، وتطويع كبار المضاربين ومحاصرتهم وتحويلهم متعاملين حصراً مع مصرف لبنان يجمعون له الدولارات. ولم يخلُ ضبط الكتلة النقدية بالليرة بما على الدولة دفعه للمقاولين والمستشفيات والمتعهدين ومقدمي الخدمات، فضلاً عن مدفوعات الوزارات، وذلك بدفعات منتظمة غير مفرطة توازي نسبياً ما تجبيه الدولة شهرياً. وهذا ما سمح بالاستقرار النقدي وزيادة احتياط مصرف لبنان من خلال شراء الدولارات المتوافرة من السوق مقابل توافر أقل لكميات الليرة. كما يلجأ مصرف لبنان الى أدوات نقدية إضافية مثل الفائدة على الليرة لضبط السيولة. كما أنّ الاحتياط يستفيد من بعض جبايات الدولة بالدولار.
الى ذلك أطلق البنك المركزي زيادة عدد المستفيدين من التعميم 158، إذ ينتظر هذا الأسبوع توجّه عشرات آلاف المودعين الإضافيين الى مصارفهم لإجراء معاملات افادتهم من التعميم المذكور. وهؤلاء كانت حساباتهم أيام الحاكم السابق مصنّفة غير مؤهّلة، وأصبح الآن باستطاعتهم السحب من ودائعهم بعد معاناة دامت 4 سنوات! بهذا الاجراء سيزيد عدد المستفيدين من التعميم 158 بنسبة 10%، علماً أنّ المصارف الكبيرة متعاونة مقابل بعض المصارف الأخرى التي تعاند بدسائس «من تحت لتحت»!
وعلمت «نداء الوطن» أنّ المصرف المركزي يعمل مع المصارف على بدء إصدار ميزانيات مصرفية بسعر صرف موحّد يرجّح ان يكون 90 ألف ليرة، اعتباراً من مطلع 2024، وبالتالي انتهاء مرحلة ما يسمى «اللولار». أما عن زيادة سحوبات الودائع فتلك مسألة متعلقة بالحل النهائي المنتظر من تشريعات موجودة في مجلس النواب لجهة توزيع المسؤوليات (بين المصارف والدولة) وجدولة المبالغ المقرّة (بعد تنقيتها) على سنوات. وقبل ذلك يجب إقرار مشروع قانون «الكابيتال كونترول»، فمن دون هذا القانون لا يمكن التحكم بسقوف السحوبات والتحويلات وبميزان المدفوعات، وتفشل العملية برمتها. وذلك التحكم أكثر من ضروري لنجاح توحيد أسعار الصرف، على أن تقرّ أيضاً وبالضرورة القصوى عينها قوانين إعادة الانتظام المالي وهيكلة المصارف. وعلمت «نداء الوطن» أنّ الحكومة أنجزت مشروع «الهيكلة» في انتظار إقراره في جلسة قريبة لمجلس الوزراء تمهيداً لتحويله الى المجلس النيابي. أما عن تقييم أوضاع المصارف، فتؤكد مصادر لجنة الرقابة على المصارف أنه موجود، وما على مجلس النواب إلا طلبه وعدم التذرع بانتظار تقييم دولي موعود لن يأتي، فتلك الذريعة المتمادية ستزيد الطين بلة، وتؤخر الحلول عمداً الى ما شاء الله على حساب المودعين وكرمى للمصرفيين!