رصدت شركات استطلاع عدة، “إقدام ناشطين معروفين لـ”الحزب” على شطب تعليقات عبر منصة X وموقع فيسبوك، وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي، كانوا تهجّموا فيها على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عندما دعا إلى “لمّ الصوّاني في جميع كنائس لبنان، وجمعها وتقديمها لمساعدة أهلنا وأبنائنا النازحين من الجنوب”، بسبب الأحداث والاشتباكات الدائرة على الحدود الجنوبية بين “الحزب” وإسرائيل”.
مصادر شركات الاستطلاع التي لاحظت المسألة، تؤكد لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “مناصري “الحزب” والناشطين البارزين في جيشه الإلكتروني، لم يقوموا بشطب تعليقاتهم والمبادرة إلى هذه الخطوة من تلقاء أنفسهم، أو لأنهم اقتنعوا بخطأهم الفادح في مهاجمة البطريرك الراعي من دون وجه حق والتطاول على مقام بكركي الكبير، بل بسبب تلقّيهم تعليمات واضحة وأوامر صارمة من قيادات مسؤولة في “الحزب”.
المصادر ذاتها، توضح أن “الحملة المخجلة على البطريرك الراعي التي قام بها ناشطون بارزون في “الحزب”، لم تبدأ أساساً من دون معرفته أو مباركته بطبيعة الحال. لكن “الحزب” لاحظ حجم الحملة المضادة والموجة العارمة من الاستنكار والاستهجان والتطاول على سيّد بكركي على مختلف المستويات (الرسمية والسياسية والشعبية)، في قضية بحت إنسانية وكنسية وتقليدية وتاريخية تقوم بها الكنيسة في مساعدة المحتاج من دون تمييز”.
من هنا، تضيف مصادر شركات الاستطلاع: “لاحظنا من رصدنا ومتابعتنا لهذه القضية أن الجو العام كان سلبياً تجاه “الحزب”، لناحية هذه التصرفات غير الأخلاقية بحق مرجعية بكركي الوطنية التاريخية. واللافت، أن موجة الاستنكار للهجوم على البطريرك الراعي عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل ناشطي الحزب المعروفين واللصيقين به، تخطت الطائفة المارونية أو الطوائف المسيحية عامةً، بل إن استهجان هذا التصرف المخجل لناشطي “الحزب” تجاه الراعي عمّ مختلف الطوائف اللبنانية (الإسلامية والمسيحية)”.
برأي المصادر عينها، أنه “أمام هذا الواقع لم يجد “الحزب” أمامه سوى التراجع عن هذا الخطأ الكبير بحق البطريرك الراعي، بل بحق الطوائف المسيحية عموماً وتقاليدها وتراثها الكنسي في مساعدة المحتاجين والضعفاء والتي تدخل في صلب عقيدتها الإيمانية. فخطيئة “الحزب” أنه بدا في هذه الخطوة المشينة كغريب عن المجتمع اللبناني بتراثه العريق وثقافته التاريخية، وكمن يحرّض على الفتنة والانقسام بين اللبنانيين في عدم احترام عقائد المكونات اللبنانية الأخرى وتراثها وثقافتها وتقاليدها. من هنا موجة الاستنكار العارمة العابرة للطوائف لما قام به. والانطباع العام في الشارع اللبناني بمختلف مكوناته، أن “الحزب” يهاجم اليوم البطريركية المارونية وغداً مواقع روحية أخرى”.
لذلك، يحاول “الحزب” وفق المصادر نفسها، “احتواء موجة الاستهجان الكبيرة للهجوم على البطريرك الراعي، للحدّ من خسائره على المستوى الداخلي”، مؤكدة أنه “أعطى أوامر صارمة لناشطيه وجيشه الإلكتروني بشطب تعليقاتهم عن مواقع التواصل، بعدما انعكست سلبياً عليه وزادت من عزلته الداخلية، إذ يدرك تماماً أن مشروعه وموقفه مرفوض أساساً من غالبية اللبنانيين. وآخر مظاهر هذه الحقيقة، ما تؤكده استطلاعات الرأي المتلاحقة عن رفض الغالبية الساحقة من اللبنانيين لتوريط لبنان في حرب غزة، ورفض ما يقوم به “الحزب” على الحدود الجنوبية من اشتباكات مع إسرائيل ستجرّ الدمار والخراب على لبنان بأسره”.