استرعت زيارة كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل، قبل يومين، اهتمام مختلف الأوساط السياسية في لبنان، خصوصاً أنها تأتي بعد أيام قليلة على زيارته الأخيرة إلى المنطقة وكانت بيروت من ضمن محطاتها الأساسية في 11 الحالي. لكن الاهتمام الأكبر بزيارة هوكشتاين إلى تل أبيب، مردّه بالأخص إلى الإطار الذي وُضعت فيه تحت عنوان لجم التطورات الخطيرة على الحدود بين لبنان وإسرائيل، بعدما شهدت الجبهة المشتعلة هناك تطورات ميدانية تنذر باحتمال انزلاق الأمور إلى حرب واسعة.
هوكشتاين، وقبل زيارة إسرائيل، سبق أن شدد الأحد الماضي من البحرين، خلال مشاركته ضمن فعاليات منتدى حوار المنامة 2023 قمة الأمن الإقليمي 19، أن “ما يحصل في غزة لا يجب أن يؤثر على حدود لبنان، وأكد أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل قائم، معتبراً أن الخطة المستقبلية يجب أن تكون في ترسيم الحدود البرية”.
المحلل السياسي علي الأمين، يرى أنه “منذ بداية عملية طوفان الأقصى، كان من الواضح أن هناك تحركاً أميركياً لتطويق ومنع تمدد ما يجري في غزة إلى حرب إقليمية. والعنوان الأساسي لهذا الموقف ما قاله بايدن إثر العملية مباشرة من أن لا دلائل على تورط إيران فيها. وقابله أيضاً موقف للمرشد الأعلى علي خامنئي، في حينه، والذي قال إن هناك من يحاول زجّ اسم إيران فيها ونحن لا علاقة لنا بها، على الرغم من إشادته بعملية طوفان الأقصى”.
الأمين يعتبر، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن هناك “نوعاً من التقاطع الأميركي الإيراني منذ البداية على عدم تمدد الحرب، والجميع سار على هذا المسار إلى حدٍّ كبير”، مشيراً إلى أن “هذا ما شهدناه في زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت غداة عملية طوفان الأقصى والمواقف التالية “للحزب” وخطاب أمينه العام لاحقاً، فكلها كانت تؤكد على عدم الذهاب إلى حرب. بالإضافة إلى زيارة هوكشتاين الأخيرة إلى بيروت في 11 الحالي، التي كانت أيضاً في سياق محاولة تثبيت فكرة عدم الانجرار إلى مواجهة إقليمية”.
الأمين يلفت، إلى أن “زيارة هوكشتاين بالأمس إلى إسرائيل سبقها اتصال من وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الأسبوع الماضي مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، والذي كان أيضاً تنبيهاً لإسرائيل بعدم الانجرار إلى مواجهة مع “الحزب” في شمال إسرائيل”.
كما يعتبر، أن “زيارة هوكشتاين بالأمس إلى تل أبيب تأتي في إطار التأكيد على هذا الموقف، خصوصاً في ظل تطورات ميدانية على الحدود الجنوبية اللبنانية أوحت بإمكانية تفلّت الأمور، وفي الوقت ذاته لتوجيه رسائل بأن هناك تفاهمات في مسألة الغاز والحدود البحرية وتلميح إلى الحدود البرية في المرحلة المقبلة. أي أن هوكشتاين يضيء على النقاط الإيجابية على مستوى الهدوء والاستقرار، ويقول نحن في مرحلة مسبوقة بخطوات على مستوى التفاوض يجب المحافظة عليها، ولا يجوز تقويضها”.
بالتالي، من الواضح، وفق الأمين، أن “الأميركيين، في ما يتصل بموضوع تمدد الحرب، هم في موقف يبدو جدّياً وحاسماً، وهذا ما تعكسه التحركات والمواقف الأميركية في هذا الشأن لناحية الضغوط التي تمارسها واشنطن على تل أبيب، إذ من الواضح أن من يمكن أن يقوم بالحرب المفتوحة هي إسرائيل. لكن أيضاً الحرب لا تكون بالضرورة أحياناً نتيجة قرار، إذ يمكن تحت أي خطوة غير محسوبة أن تؤدي إلى انفلات الحرب من دون قرار مسبق. على سبيل المثال، أي تطور أو عملية عسكرية تؤدي إلى مقتل عدد كبير من الأشخاص في هذه الجهة أو تلك، يمكن أن يجرّ الأطراف إلى مواجهة واسعة”.
في الخلاصة، “تبقى الحركة الأميركية التي يعبّر عنها ويترجمها هوكشتاين في إطار محاولة لجم أي تدهور يمكن أن يحصل، وفي الوقت ذاته التأكيد على الموقف والتحذير بعدم الذهاب إلى مثل هذه الحرب. وبالتأكيد زيارة هوكشتاين بالأمس إلى إسرائيل هي في سياق الضغط عليها، في لحظة بدا أنه يمكن للأخيرة الذهاب إلى هذه الحرب نتيجة تطور ومواجهات في الميدان، إذ أنه في الأيام الأخيرة وقعت خسائر إسرائيلية تتفوّق على ما كان يقع من خسائر في الشهر الماضي منذ عملية طوفان الأقصى إلى اليوم”، يختم الأمين.