صحيفة نداء الوطن- عماد موسى
في الطريق من بيروت إلى القدس، والبالغة 426 كلم، وفي 47 يوماً من التقاصف العنيف سقط ضمن الحدود اللبنانية ما يزيد على مائة لبناني، بينهم صحافيون ومدنيون وأكثريتهم مقاتلون يجاهدون تحت راية «الغالبون». وفي الطريق نحو القدس تهجّر نحو خمسين ألف جنوبيّ من بيوتهم، واحترق 426 هكتاراً من أراضيهم الزراعية بقذائف «العدو» الإسرائيلي ونُهب زيتونهم على أيدي الأشقاء النازحين.
في الطريق إلى القدس تراجع عدد العائدين إلى حضن الوطن وازداد عدد الهاربين. تقلّص النشاط الإقتصادي بشكل مخيف وقابله انتفاخ وطني مريع وأقيمت حفلات التخوين على منصة «إكس» ولقيت نجاحاً جماهيرياً منقطع النظير.
في تاريخنا المعاصر، مات أهلنا وإخوتنا دفاعاً عن عروبة لبنان من جهة، ودفاعاً عن السيادة والكيان من الجهة المقابلة. لم يتعلّم فلسطينيو حماس ما تعلّمه ياسر عرفات من حرب لبنان، ولم يتعلّم «الحزب» المرتبط بإيران ما تعلّمه اليسار المرتبط بموسكو.
السؤال البسيط: أيجب أن تُعبّد الطريق إلى القدس بدماء اللبنانيين وبجنى أعمارهم وبأحلام شبابهم وبحجارة ما تبقى من مؤسسات؟
وأبسط من البسيط: أليست الطريق إلى القدس والمسجد الأقصى من عمّان أو من دمشق أقصر من سلوك اوتوستراد بيروت ـ صيدا ـ صور ـ الناقورة؟ فلماذا لا يختار صنّاع الإنتصارات الأسهل بين المسارات والأقرب سلوك طريق رام الله ـ القدس.
احتلّت إسرائيل القدس الغربية منذ 75 سنة. واحتلّت القدس الشرقية منذ 56 عاماً ونصف العام وتأسس فيلق القدس الإيراني قبل 35 سنة ولم يتمكن كل العرب وكل حلفائهم، لا سلماً ولا حرباً، من تحرير زهرة المدائن التي عشقناها بصوت فيروز.
المغامرة بدم من بقي والمقامرة بدم من رحل والمساومة على مزيد من الموت لن توصل إلى القدس ولن ترسم طريق التحرير. إنها ليست حربنا، مهما غالى المغالون المتحركون وفق أجندات سرّية ومكشوفة. لا يكفي أن يقول النائب الياس بو صعب، بما يمثّل، لهوكشتاين إن لبنان يرفض الحرب، بل عليه كمسؤول أن يقول لصديقه الأميركي: إن لبنان يرفض فتح «الحزب» جبهة مساندة لغزة، جرّت وتجرّ على لبنان/الرهينة كل يوم قصفاً معادياً «لن يؤدي في نهاية المطاف، سوى إلى طوفان حكي عن انتصارات وتوازنات رعب على جانبي الحدود. لا بو صعب في وارد إغضاب الحزب، ولا بو حبيب، ولا بن ميقاتي رئيس حكومة لبنان ولا بن سليم، وزير دفاع الجمهورية اللبنانية!
في الطريق إلى القدس لن يتحرر شبر من أرضنا، ولا متر من فلسطين وبعون حزبه تعالى لن يبقى في لبنان من يخبّر. في النهاية لا القدس راجعة بل إن لبنان هو الرايح… فرق عملة.