قناة الجزيرة
مقدم الحلقة: سامي كليب
ضيف الحلقة: آلان مينارغ كاتب وصحفي فرنسي
الموضوع: كتابه “اسرار الحرب اللبنانية”
التاريخ: 10 أيلول 2004
“سامي كليب: ولكن سؤالي هل إن إسرائيل فعلاً أرادت أن تبقي على النظام العلوي؟
آلان مينارغ: أعتقد هذا، وذلك لسبب أساسي من وجهة نظر تل أبيب..
سامي كليب: تفكر بذلك أم لديك معلومات؟
آلان مينارغ: لدي معلومات حول هذا الموضوع وهذه المعلومات بسيطة، فالكثير من الإسرائيليين وسأسمي لك أحدهم، ديفد كمحي قال لي، تعرف أن حافظ الأسد يلتزم بوعوده، وَعد حافظ الأسد بوقف إطلاق النار في الجولان ومنذ ذلك الحين لم تُطلَّق رصاصة واحدة، وكان الإسرائيليون يعرفون عنه ذلك، إن تغيَّر النظام في دمشق ليس من المؤكد أن النظام البديل أو أن أولئك الذين سيحلون مكان حافظ الأسد، سيحترمون هذه التعهدات.”
واستكمالًا لمعلومات مينارغ وعلى جبهة أخرى، قال جدعون رافايل الذي كان سفيرًا لإسرائيل في بريطانيا في مقابلة نشرتها صحيفة “هآرتس” في 7 نيسان من العام 1995: “رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحق رابين أعطى سوريا موافقته الخطية في العام 1976، على دخول قواتها الى لبنان”.
وأوضح رافايل، أن “الرئيس السوري حافظ الاسد تعهد لرئيس وزراء إسرائيل أن العملية السورية كانت فقط ضد منظمة التحرير الفلسطينية وأنه سينسحب فور عودة العدو”.
لم يختلف نظام سوريا الأسد الابن مع نظام الأسد الأب، فأمام الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية والتي تكاد يومية على الدولة السورية ذات السيادة، تحت أعين وأنف الاحتلالات الروسية والأميركية والتركية والإيرانية، وبمباركة الحليفة الاستراتيجية روسيا، لم يجد رأس “قلب العروبة النابض” الا الإعلان المتكرر والمتتالي عن خروج مطاري دمشق وحلب عن الخدمة ولعشر مرات في أقل من سنة، بعد قصفهما وتدمير مدارجهما ومهبطهما لـ14 مرة حتى الساعة.
الملفت أن النظام المذكور لم يجد حرجًا ولا خجلًا من تكرار معزوفة الإقرار بالعجز، مغلفة بعبارة “الرد بالمكان والزمان المناسبين”، والملفت أيضًا أن النظام الممانع الراعي والحامي لـ”المقاومات” الفلسطينية اللبنانية والعراقية، لم يحرّك ساكنًا أمام ما يجري في غزة والجنوب، علمًا أن جبهة الجولان المواجهة والملاصقة لمواقع العدو الإسرائيلية، لا تزال تغرق في سبات عميق من الهدوء غير الحذر.
واستكمالًا للصورة وتوضيحًا لمآلها لا بد من التذكير بـ”المفاوضات السورية ـ الاسرائيلي للسلام” التي بدأت في أيلول من العام 2004 ولم تتوقف في حرب تموز من العام 2006، والتي خاضها عن الجانب السوري رجل الأعمال الأميركي السوري ابراهيم أديب سليمان، وعن الجانب الإسرائيلي المدير السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية الون ليل. فقد أشار سليمان في 12 نيسان من العام 2007 لدى زيارته إسرائيل، أن “الدولة العبرية وسوريا تستطيعان التوصل الى اتفاق سلام في غضون ستة أشهر”، والأهم بما كشفه ابراهيم عن أن “الرئيس السوري بشار الأسد رفض فتح جبهة مع إسرائيل خلال حرب لبنان الثانية (تموز 2006) كما طلب منه مسؤولون لبنانيون وسوريون”.
عليه ومما تقدم فإن نظام الأسدَين لم يكن يومًا في الخدمة ولم يكن يومًا “قلبًا نابضًا” للعروبة وقضاياها، وذلك على عكس إشادات ومناشدات المقاومين الممانعين – ضحايا النظام نفسه – وأن خروجه عن الخدمة ومنها لم يتزامن مع إخراج مطاري دمشق وحلب في العام 2023… بل منذ الهدنة في العام 1973 مرورًا بالـ1976 والـ2006، وصولًا الى اليوم، مع تلقيه الضربات بكل طيبة خاطر مكسور.
صدق من قال إن نظام الأسد ما هو إلا “جثة سياسية”.