على الرغم من الحرب الدائرة في قطاع غزة والتوتر القائم في جنوب لبنان، كأن العالم ترقّب انطلاقة الهدنة ليتحيّنها فرصةً لتمضية عيدَي الميلاد ورأس السنة في لبنان أو للتمتّع بالسياحة الشتوية في دفئه. فالجميع يشدّ أوساطه لزيارة لبنان وهو مستعدّ لذلك في أي وقت من العام شرط توفّر الاستقرار الأمني أولاً.
وعلى الرغم من استعادة مطار بيروت حركته ذهاباً وإياباً كما مرحلة ما قبل أحداث “7 تشرين الأول”، يبقى التساؤل حول مدى صمود الهدنة، إذ إن هاجس الخوف والقلق من إقفال مطار بيروت لا يزال قائماً لدى البعض، لا سيما بالنسبة إلى اللبنانيين الذين لديهم التزامات عمل أو دراسة أو أي التزام آخر.
هذا القلق لا يتملّك هؤلاء فحسب، إنما أيضاً أركان القطاع السياحي على مختلف فئاتهم، فالخوف من إلغاء الحجوزات قائمٌ أيضاً خصوصاً أن المصاريف التشغيلية في القطاعات السياحية أصبحت كبيرة على وقع انخفاض عدد شاغلي الفنادق والمنتجعات الأمر الذي لا يرفع معدّل الأكلاف التشغيلية على أصحاب تلك المؤسسات السياحية.
لكن الصورة الإيجابية حالياً تتمثّل في عودة حركة الطيران من مطار بيروت وإليه إلى شبه وتيرتها الطبيعيّة، إن صحّ القول.
إذ يكشف نقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني أن “حركة الطيران نشطت بشدة منذ نحو أسبوع بعد جمود شابه القلق نتيجة حرب غزّة حيث تراوحت نسبة تراجع الحركة في سوق قطع التذاكر بين 80 و85 في المئة، أما اليوم فاستعادت نسبة 50 و60 في المئة مما كانت عليه قبل “أحداث 7 تشرين الأول”.
وبالنسبة إلى موسم الأعياد “فحركة الحجوزات مشجّعة وتسجّل ملاءة لافتة بين 80 و90 في المئة” يقول عبود.
ويشير في السياق إلى أن “بعض الشركات أدرجت رحلات إضافية على جدول رحلاتها وفي خطوط عديدة في اتجاه مطار بيروت، كخطوط باريس ولندن وجنيف. ما يعني أن هناك طلباً على الحجوزات فاق العرض الحالي ما دفع إلى زيادة عدد الرحلات في اتجاه بيروت لموسم عيدَي الميلاد ورأس السنة، والحجوزات سُجلت لتاريخ 10 كانون الأول 2023 إلى 23 منه”.
ويكشف في هذا السياق، أن أصحاب الحجوزات هم “من اللبنانيين المغتربين أو اللبنانين العاملين في الخارج”، مستبعداً مجيء سياح أوروبيين “فقد أصبحت السياحة الأوروبية معدومة بفعل حرب غزة وأحداث الجنوب، حيث تم إلغاء حجوازات أوروبية كثيرة جداً”.
أما السياحة العربية فيشير إلى أنها “ستعود وتتألقلم نوعاً ما مع الأوضاع، لأننا وإياهم ضمن “الثقافة” ذاتها، وسيأتي بالطبع مصريون وأردنيون وعراقيون، أما الأوروبيون فقد خسرناهم في الوقت الراهن”.
ورداً على سؤال عن أن المشكلة باتت تتعدّى “الهدنة الأمنية” لتصل كذلك إلى أسعار تذاكر السفر التي أصبحت مرتفعة جداً، فكلفة التذكرة ما بين باريس وبيروت تصل إلى ألف دولار أميركي، وبين كندا وبيروت 2500 دولار، يوضح عبود أن “الأسعار مَحكومة بالعرض والطلب، وبقدر ما يزيد الطلب بقدر ما يرتفع السعر كسائر شركات القطاع التجاري”، معلناً أن الأسعار ارتفعت حالياً، مستشهداً بشركة طيران الشرق الأوسط الـ”ميدل إيست” التي “خفّضت أسطولها إلى 9 طائرات تستخدمها في كل الاتجاهات، وبالتالي تراجع العرض وزاد الطلب وارتفعت الأسعار”.