اجتاحت “القوات اللبنانية” الجامعات كافة، وسجلت أقوى حضور لها في الانتخابات الطالبية الأخيرة. هذا صمود مدوي واضح، ويمكن القول إنها ثورة في المزاج الشبابي العام، إذ حتى الجامعات التي سيطر عليها لسنين المزاج الممانع، اجتاحتها القوات مثل جامعة NDU برسا في الكورة، حيث كان النجاح غالبًا من نصيب الحزب القومي وحلفائه، واذ بالقوات تجتاح خمسة مقاعد في مقابل مقعد واحد للقومي والمردة. “تحية للطلاب الأحرار السياديين، المتطلّعين نحو مستقبلٍ أفضل لهم وللبنان. تحية لكم على انتصاركم الكاسح في NDU برسا، على أمل أن يتحوّل انتصارًا كاسحًا للبنان”، قال سمير جعجع لرفاقه الطلاب، الذين يشكل نجاهم في الجامعات كافة، وجهًا من وجوه الصمود اللبناني، وجهًا من صمود الفِكر اللبناني الصِرف، في مقابل الفكر الممانع الذي يحاول تغيير وجه لبنان ووجهته وحضارته عمومًا.
صمود الشباب في الجامعات هو الوجه الآخر أيضًا لصمود اللبنانيين المتعلقين بسيادة وحرية لبنان، “سيادة وحرية؟ وينن؟!”، هل يمكن بعد أن نعيش في مصطلحات تبدو لكثرٍ من اللبنانيين أنها أصبحت بائدة، في وجه ما يحصل من تغييب وخنق صورة لبنان الحقيقية، وتحويله الى بلد “ممانع” للحرية والسيادة؟ أكثر من ذلك، يشعر اللبنانيون بالخذلان من قياداتهم، إذ يعتبرون أنهم لا يقومون بما يجب القيام به لإنقاذهم من الوضع القاتل.
ترفض “القوات اللبنانية” منطق الاستسلام هذا، إذ تعتبره نوعًا من التخاذل والقبول بسطوة الأمر الواقع، بينما الوضع يتطلب المزيد من القوة والصمود في وجه ما يجري.
ترفض القوات منطق اليأس هذا، إذ تعتبر أن ما يجري هو مرحلة قاسية بالتأكيد، لكنها ستكون عابرة، وعلينا في المقابل أن نصمد ونناضل بالاتجاهات كافة. “بعرف إنو لبنانيين كتار بيحسّوا حالن متروكين، عايشين بظل دولة ليست بدولة، ونتعرّض لأحداث نعرف تمامًا من يأخذ القرار فيها، هو محور الممانعة الذي يحرّك البلاد يمينًا وشمالًا، ومع ذلك أقول للناس ثمة قوى وأحزاب تقاوم، صحيح أننا لا نتمكن من إنجاز كل الخطوات الإيجابية اللازمة، ولكن نحن مع الناس ولهم في كل الأوقات، وسنحاول القيام بالمستحيل كي لا تسيطر علينا المزيد من السلبيات، المهم أن تبقى الناس على إيمانها ببلدها ومناطقها وقراها وأن تصمد قدر الامكان”. قال الحكيم للبنانيين، والرسالة تلك نابعة من خوف كبير على اللبنانيين من أن يستسلموا لليأس ويتركوا أرضهم وأرزاقهم، والخوف أكبر بكثير على الأرض من أن تعيش خذلان الناس لها.
لا تملك “القوات اللبنانية” ولا القوى السيادية المتحالفة معها، عصا سحرية تعيد لبنان بلد الحرية والانفتاح، وتزيل عنه الاحتلال القاتل ذاك، ولكن في المقابل لا تتوقف القوات في منتصف الطريق تنعي حالها وبلادها، بل تدعو للنضال، للصمود، تقف في وجه الممانعة عبر البرلمان كي لا يكون لنا رئيس جمهورية على قياسهم، رئيسًا منصاعًا لا قرار له ولا كلمة، وحتى اللحظة نجحت مع حلفائها في إفشال مخطط الممانعين، وتحديدًا الحزب، باختيار رئيس على مقياسه وهواه. نجحت القوات في التصدي عبر نوابها للكثير من المشاريع الخطيرة التي تُحاك في المناطق في ليالي الظلام، لاحتلال شرعي لأراضي اللبنانيين وتغيير ديمغرافيا البلاد. لا تسكت القوات، لا تهادن، لا تلبس الكفوف حين يتعلّق الأمر بقضايا الناس وبحرياتهم وبمصير لبنان، ولكنها تطالب دائمًا بأن وحدهم اللبنانيين قادرين على انتشال بلدهم من القعر، قرار اللبنانيين بأيديهم وليس بأيدي الدول الكبرى الصديقة ولا العدوة، وحدنا قادرون على إنقاذ لبنان إذا توحدت قوانا، كما يقول دائمًا سمير جعجع، والأهم الأهم، عدم التخلي عن الإيمان والصمود في قرانا ومدننا والا نترك ارضنا للغربان تنعق فيها خرابًا وفراغًا واحتلالًا، هذه أكبر مقاومة ممكن أن نواجه بها أعداء لبنان، ونحن نفعلها.