عبد اللهيان يلعب “الطالعة والنازلة”.. الماء كذبّت الغطاس

حجم الخط

“خلال زيارتي الأخيرة لبيروت، سمعت من قادة المقاومة أن الرد سيكون أشد وأقسى في حال استئناف العدوان، وسيجعل العدو يندم”. الوزير الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في 2 كانون الأول 2023.

قد يَسُرُّ ما قاله عبد اللهيان عيونَ الناظرين من الممانعين وقد يُثلِج قلوب وصدور “المقاومين” في العواصم التي يتباهى النظام الإيراني بسيطرته عليها وحكمها من خلال أذرعه، كما أن ما قاله قد يُطرب آذان “الآنفين” بسماع أخبار طيبة ومفرحة من “الميدان” في كل من فلسطين ولبنان وعلى كامل مساحة ربوع “العربان”.

يقرأ المتعمقون وبعكس الناظرين والمُثلَجة قلوبهم والمطروبة آذانهم في عبارة وزير الخارجية الإيراني “التسويقية” إني “سمعت من قادة المقاومة”، رسالة مشفّرة الى الأصدقاء الخصوم والأعداء تحمل معنى حقيقي بعد فكّها، “لقد أسمعتُ قادة المقاومة” أو “أمرتُ” أو “أوحيتُ لقادة المقاومة”…

الأكيد أن كلام عبد اللهيان استنفر وعن حق الحريصين على السيادة الوطنية اللبنانية لما له من تدخل سافر في الشؤون اللبنانية وفي تعريض استقرار أمن اللبنانيين واقتصادهم وحياتهم للخطر، من جرّاء المغامرات غير المحسوبة للمحور التابع لإيران والمتمثّل بـ”قادة المقاومة” الفلسطينية واللبنانية والذين اجتمع معهم عبد اللهيان مؤكدًا “التبعية”، مستثمراً مستغلاً، مهدّدًا متوّعدًا مجازفًا، بما يعتبره من “ممتلكات” و”مصادرات” وغنائم امبراطوريته البعيدة آلاف الكيلومترات في المسافات، وحقيقة المصالح والانتماءات.

الأكيد أيضًا أن الإيراني المتوّعد المهدّد والمبشّر بانتصار من خلال “رد المقاومات” الفلسطينية واللبنانية التي التقى قياداتها في بيروت، أراد أن يُسمِعَ المعنيين بملفات الشرق الأوسط، أنه ما زال حاضرًا موجودًا على رقعة شطرنج المنطقة، وبيادقه وبنادقه حاضرة للتحرك وخربطة “الهدن” الإنسانية والسياسية التي رُسِمت بعيدًا من متناول يده وأذرعه وإدارته ورغمًا عن إرادته.

فالهدنة، المُتَوجس منها ايرانيًا، مع وقف تنفيذها، صيغت بأيدي مصرية قطرية أميركية، والمساعدات لقطاع غزة أتت عربية خليجية أميركية أوروبية أممية لا إيرانية، يضاف اليها “التوجس” و”تحسّس” الخطر الحقيقي من استمرار الضربات الأميركية والإسرائيلية الموجعة التي تتعرض لها إيران وحرسها الثوري وأذرعهما في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.

كل هذا يفسّر “تعلاية” السقف لفظيًا واستدراج الدور التفاوضي التبريدي فعليًا، إذ إن عبد اللهيان وفي نفس الكلمة اعتبر أن الحل ما زال يكمن في “استمرار الهدنة وإرسال المساعدات على نطاق واسع والاتفاق على تبادل الأسرى”.

لم تختلف مناورة الوزير الايراني عبد اللهيان اليوم عن المناورات الإيرانية “الحمّالة” للأوجه المتراوحة بين التهدئة والضبط والحصر ضمن قواعد “تطمين” العدو قبل “الحليف”،   مرسومة على “المسطرة” الإقليمية العربية والأميركية،  وبين التهديد بالتفلت و”التفليت” والتوسع والتوسيع في حال “نشوب  الحرب البريّة”، كما نتذكر وبعدها في حال “استمرار العدوان” واليوم، ما نقله الوزير عن “قادة المقاومة” في حال “استئناف العدوان”.

علمًا أن عبد اللهيان نفسه وفي نفس الكلمة، أكد أن “عودة الصهاينة لارتكاب جرائم الحرب ضد أهالي غزة، تدل على عدم اكتراثهم بمطالب المجتمع الدولي والرأي العام العالمي”.

تبقى المقاربة الصحيحة في أن الماء هو الدليل الوحيد الذي يمكن أن يُكَذّب من قال إنه غطّاس… وفي أن حرب غزة الأخيرة هي بمثابة  الدليل غير الوحيد الذي كذّب ويكذّب من قال إنه “مقاوم” ويستطيع “تدمير اسرائيل بسبع دقائق”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل