شكوك كثيرة تحيط بالجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لدرس المشاريع واقتراحات القوانين المنجزة من اللجان، فضلاً عن المعجلة، في الحادية عشرة من قبل ظهر الخميس المقبل 14 الحالي، وبالتحديد لناحية إقرار قانون بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون. هذه الشكوك لا تأتي من فراغ بعد ما تم تسريبه في الساعات الماضية عن مناورات وتمييع وتبادل للكرة بين المعنيين. علماً أن وعوداً قاطعة تلقاها سيد بكركي من بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بأنهما لن يسمحا بالفراغ في قيادة الجيش، وأن التمديد للعماد عون مسلّم به. فهل نحن بصدد مناورة أو مؤامرة على بكركي؟
كثيرون يعتبرون أن “لا دخان من دون نار”، لكن لا يمكن إطلاق الأحكام مسبقاً حتى الآن. وذلك على الرغم من أن ما دُفع به إلى التداول في الساعات الأخيرة، حول “قطبة مخفية” باتجاه فرض أمر واقع من خلال مزيد من المماطلة والتسويف وإعادة سحب التمديد من مجلس النواب إلى الحكومة بإخراجٍ معين يعرّضه للطعون والسقوط، ما يؤدي إلى الفراغ في قيادة الجيش، يستدعي القلق. فالتجارب المريرة مع الفريق القابض على السلطة لا تستبعد أي مناورة، وتتطلب اليقظة الدائمة ومتابعته إلى النهاية، والأمور بخواتيمها، والجلسة التشريعية على مسافة يوم واحد. علماً أن الواجب يقضي بتنبيه المناورين المعنيين إلى خطورة طعن بكركي وإحراجها فإخراجها، والتداعيات الخطرة لهذا الأمر.
أوساط قريبة من بكركي، تلفت عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى “محاذير المماطلة في قضية التمديد لقائد الجيش تحت أي عنوان تقنيّ كان، سواء سُمِّي تمديداً، أو تأجيلاً للتسريح من الخدمة، أو إطالة لمدة خدمة كل من كان برتبة عماد قياساً لعمره، أو غير ذلك”.
من هنا، تنبّه الأوساط ذاتها إلى أن “أي مبادرة لتمييع هذه المسألة ستشكّل “القشة التي ستقسم ظهر البعير”، كما يقال. وذلك في ضوء ما حصل من تعطيل وتنكيل بالنسبة لرئاسة الجمهورية وتغييب الرئيس الماروني للدولة، مروراً بما تعرّض له موقع حاكمية مصرف لبنان وتغييب الحاكم الماروني، وما تعرّض ولا يزال يتعرّض له مجلس القضاء الأعلى من خلال رئيسه الماروني من ضغوط وحصار وتعطيل، فضلاً عن تهميش موقع المدير العام لوزارة المالية، وغيرها من المواقع وصولاً إلى قيادة الجيش التي تشكل موقعاً من الثوابت المسيحية في الدولة ولا يمكن التسليم بتعريضه للتعطيل”.
بالتالي، تحذر المصادر القريبة من بكركي، من أن “أي مناورة، لا سيما عبر تقاذف الكرة بين المرجعيتين التنفيذية والتشريعية، ستعني استهدافاً واضحاً وصريحاً ليس للمسيحيين فحسب بل أيضاً لبكركي، التي أكدّ سيّدها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مراراً رفضه لأي تعرّض لموقع قيادة الجيش، وحرصه على استمرار العماد جوزيف عون في موقعه في هذه المرحلة الحساسة”.
أضف إلى ذلك، تلفت الأوساط القريبة من بكركي انتباه المعنيين بشدة، إلى أن “المبادرة إلى تعيين قائد جديد للجيش من قبل حكومة تصريف الأعمال، يقع في موقع المخالفة الفاضحة للدستور، لا سيما في ظل غياب رئيس للجمهورية، باعتبار أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة والمعني الأول بهذه المسألة. وكأن المطلوب أن يُفرض على رئيس الجمهورية الماروني العتيد، منذ اليوم، قائد للجيش لا كلمة له بالنسبة لتعيينه ولا سلطة له لمخاطبته كقائد أعلى للقوات المسلحة”.
“في أي حال، الأمور مرهونة بمسار ومصير الجلسة التشريعية، يوم غد الخميس، حيث سيتبيَّن أسودها من أبيضها، وسيتأكد الجميع من حقيقة نوايا “الحزب” وحلفائه، باعتباره “الممسك الخفي” بالحكومة والمجلس النيابي وإدارة الملف المتعلق بقيادة الجيش”، تختم الأوساط القريبة من بكركي.