جبيلي: مقتنع بأن خلاص لبنان لن يكون الا على يد القوات اللبنانية

حجم الخط

كتبت غرازييلا فخري في “المسيرة” – العدد 1747

انتخابات الهيئة التنفيذية كرّست مبدأ الديمقراطية الحزبية

جبيلي: مقتنع بأن خلاص لبنان لن يكون الا على يد القوات اللبنانية

انتهى استحقاق انتخابات الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية. الرفاق انتخبوا رفاقهم، مضيفين بذلك إنجازًا جديدًا الى الإنجازات التي حققتها القوات، وتجربة فريدة تحدث للمرة الأولى على هذا المستوى الحزبي، في عملية تحقيق الديمقراطية الداخلية للحزب وتعزيز مشاركة أعضائه في صنع القرارات، من خلال دورهم في تجديد القيادة الحزبية وتوجيه مسار الحزب في المستقبل، ليكون مثالاً للديمقراطية يُحتذى به بين الأحزاب اللبنانية الأخرى.

فكيف مرّ هذا الاستحقاق؟ ما هو دور الهيئة التنفيذية الجديدة وما هي الرؤية المستقبلية التي ستعمل عليها لتفعيل العمل الحزبي في لبنان والانتشار؟ عضو الهيئة التنفيذية المنتخب الدكتور جوزف جبيلي العائد الى لبنان ليستقر فيه بعد أن غادره الى الولايات المتحدة الأميركية منذ تسعينات القرن الماضي، حيث تولّى العديد من المسؤوليات الحزبية في لبنان والخارج منها مؤخرًا رئاسة مكتب العلاقات الخارجية للقوات اللبنانية هناك، ورئيس المركز اللبناني للمعلومات في واشنطن، وكانت له بصمته كرئيس مقاطعة أميركا الشمالية في الحزب من خلال تفعيل التواجد القواتي ليصبح أكبر قوة سياسية لبنانية هناك.

تشكل الإنتخابات الحزبية ظاهرة ذات أهمية بالغة في ظل واقعية العالم السياسي المتغير، وتمثّل أحد أهم أدوات المشاركة الشعبية والديمقراطية لتحديد المصير السياسي واتخاذ القرارات الكبرى. وبالتالي تُعتبر انتخابات الهيئة التنفيذية  للقوات مفصلاً مهماً لأنها تدل على ثقافة الديمقراطية الموجودة في حزب “القوات”، من ناحية انتخاب قيادة حزبية تعود القرارات لها تُنتخب مباشرةً من القاعدة الحزبية التي تضم حوالي 40 ألف منتسبا، وقد تم إجراؤها بدقة كبيرة من دون أية أخطاء تقنية أو لوجستية، فتم التأكد مثلًا من أهلية المقترعين من ناحية أن يكون تاريخ انتسابهم منذ أكثر من ثلاث سنوات ومسجلين في  لوائح الشطب، ومن كانت لديه أية مشكلة بأي تفصيلٍ تم إيجاد وسائل بديلة للمعالجة، متفوّقين بذلك على أهم المجتمعات الديقراطية في العالم، كالمجتمع الأميركي الذي لديه تاريخ عريق بالديمقراطية وبممارسة العمل الديمقراطي، ومع ذلك نجد أن هناك بعض الأخطاء التي تحدث في العملية الانتخابية. يقول جبيلي إن أكثرية القواتيين مارسوا حقهم الانتخابي الحزبي وصوّتوا باستخدام جهازههم الخليوي عبر رابط إلكتروني وصلهم، وعبر مراكز الميغاسنتر لمن واجه أية مشكلة في التصويت. وقد زرت شخصيًا عددًا من هذه المراكز ورأيت مدى دقة هذه العملية واحترافية الرفاق الذين أداروا هذه العملية الانتخابية في جهاز الانتخابات”.

ويشير جبيلي “الى الروحية والإلتزام التام بالتوجيهات والإجراءات التي صدرت عن الأمانة العامة، بالإضافة الى عدم التمييز أو الإنحياز لمرشح على الآخر، فكل شيء تم بموضوعية وبكل شفافية ولم يكن هناك أي ضغط على المقترعين من دون أي تدخل من القيادة”.

بالنسبة إلى دور أعضاء الهيئة التنفيذية، يوضح جبيلي أن النظام الداخلي للحزب لَحظ من أجل هذه الانتخابات توزيع التمثيل الحزبي داخل الهيئة التنفيذية على كل المناطق، بحيث لا تسيطر منطقة على أخرى في اتخاذ القرار، وذلك من أجل إرساء الديمقراطية والشفافية في العمل الحزبي، فلا يكون جميع أو أغلبية الأعضاء من منطقةٍ واحدة ولون واحد.

بعد خروج الحكيم من المعتقل تم إنشاء هذه الهيئة وكانت تتألف من رفاق يتمتعون بالأقدمية الحزبية، وكانوا خلال فترة الاعتقال موجودين في لبنان ويتابعون القيام بالنشاطات الحزبية، وكان يشارك في بعض الأحيان في اجتماعاتها نواب ووزراء وقيادات حزبية. وبعد وضع النظام الداخلي للحزب بين العامين 2011 و2013 أصبحت تتألف من 13 عضوًا من ضمنهم رئيس الحزب، وهذا ما تم تطبيقه في الـ2023 عبر إجراء الانتخابات الحزبية.

وتُعتبر هذه الهيئة أعلى سلطة تنفيذية في الحزب ويُناط بها اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة الحزبية الداخلية أو الخارجية، وبالسياسة الوطنية العامة، وهي تُتخذ بالإجماع بعد مناقشتها والبحث بها، وعند الحاجة تتبع آلية التصويت، وهذا هو مثال الديمقراطية ويكون صوت رئيس الهيئة حاسمًا فقط في حال وجود تعادل في الأصوات.

ومعروف أن حزب القوات يتألف من عددٍ كبيرٍ من الوحدات يتولى مسؤوليتها العديد من الأشخاص المؤهلين، ولتأمين حسن سير العمل الحزبي تتعاون هذه الهيئة التنفيذية مع رئيس الحزب بمتابعة جميع الشؤون الحزبية، منها الموافقة على تعيينات منسقي المناطق ورؤساء المصالح والأجهزة، ومعالجة الشؤون الحزبية عامة. بالإضافة الى مسؤوليتها السياسية والوطنية منها اختيار المرشحين الذين سيخوضون الانتخابات النيابية، وحلفائها في هذه الانتخابات أو في الحياة السياسية، ومن ستدعم لرئاسة الجمهورية، وبالتالي، فإن أي قرار على صعيد المشاركة في كافة نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها يُؤخذ خلال الاجتماعات التي تعقدها، وعليها تتأسس المواقف والتحركات النيابية والحكومية والحزبية، بالإضافة الى تقرير السياسة الخارجية والعلاقة مع الدول الأخرى في العالم.

بالنسبة لواقع الانتشار ومشاركته في العملية الانتخابية الحزبية، يقول جبيلي بأنه يجب اولًا التوضيح بأن أعضاء الهئية التنفيذية المنتخبين أصبحوا يمثلون كل المناطق في لبنان والعالم، لأن القواتيين صوَّتوا لهم جميعًا وليس فقط للمرشح عن منطقتهم، وبالتالي لا يبقى أي عضو منهم ممثلًا فقط للمنطقة التي ترشّح عنها، وهذا ما ينطبق أيضّا على مقعد الانتشار وأصبح بالتالي يمثُل من موقعه كل المناطق وليس فقط مقعد الانتشار الذي ترشّح عنه.

يبلغ عديد الانتشار القواتي في العالم  حوالى 3000 منتسب بحسب جبيلي، وبلغ عدد الذين شاركوا في عملية التصويت حوالى 1800 منتسب، وبذلك فإن نسبة التصويت في الانتشار موازية للنسبة في لبنان التي بلغت 60 في المئة، مع فارق أن خيار الميغاسنتر لم يكن متوافرًا في بلاد الانتشار وتم الاعتماد على التصويت عبر الخليوي من خلال وضع رقم هاتف خاص لهم للتواصل عبر الواتساب لأية مراجعة أو شكوى. وقد شكلت هذه النسبة مفاجأة إيجابية، حيث كنا نتوقع مشاركة أقل، وهذا دليل على مدى جدية والتزام القواتيين وروحية المسؤولية التي يتمتعون بها.

ويؤكد جبيلي على ان القوات اللبنانية هي أكثر حزب لبناني موجود في الانتشار، ولدينا الكثير من اللبنانيين الناجحين في الخارج ومن المتمولين الكبار، ويتمتعون بقدرات على مستوى عالٍ سواء بعلاقاتهم الخارجية، أو السياسية، أو الاجتماعية.

ففي الولايات المتحدة الأميركية مثلًا، نجد أن اللبنانيين ناجحون جدًا، على كل الصعد والمجالات المهمة جدًا، وبالتالي لدينا غنى كبير جدًا في الخارج، واللبناني بطبعه لا يميل الى التنظيم ضمن مجموعات وجمعيات وغيرها، وبذلك نجد أن أكثر هذه النجاحات فردية، وقد رأينا خلال الأزمة الاقتصادية التي نمر فيها، والتي تُعتبر من أخطر الأزمات في تاريخ لبنان القديم والحديث، عطفًا كبيرًا من اللبنانيين على بلدهم الأم، وعليه تم إرسال الكثير من التحويلات قُدّرت بحوالى 8 مليارات دولار سنوياً بحسب البنك الدولي وكلها من أموالهم الخاصة أو من خلال جمعيات تعمل على مساعدة المجتمع اللبناني بشكل عام، بالإضافة الى المساعدات على نطاق فردي وعائلي، أي ما يوازي ثمانية أضعاف موازنة الدولة اللبنانية.

كما لاحظنا صحوة الانتشار في الانتخابات النيابية الأخيرة. وكم كانت الحماسة كبيرة خصوصاً لدى الذين لا يتعاطون الشأن السياسي. فالتوجّه العام كان ضد المنظومة الحاكمة، وكانت المحاولات لمنع الانتشار من التصويت والمشاركة في الانتخابات النيابية، وكلنا نتذكر العوائق التي وضعت وقتها. لكن على الرغم من ذلك تبين من خلال المركز اللبناني للمعلومات الذي نديره في الولايات المتحدة أن هناك نسبة 60 في المئة من المنتشرين صوّتوا في الانتخابات مقابل 40 في المئة في لبنان.

وتظهر هذه المشهدية الاهتمام الكبير الذي يوليه الانتشار للبنان وللوضع في الداخل، وبناء عليه فإن دوره ودعمه السياسي والاقتصادي والاجتماعي أساسي وفعّال جدًا، وقد قمنا بتنظيم جولات عديدة لنواب لبنانيين بهدف التواصل مع الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة والاطلاع على أوضاع البلد الحقيقية وعلى مشاريع القوات اللبنانية للنهوض من الواقع الذي نعيشه، ووضع خطة للإصلاحات والتعرّف عن كثب إلى المشاكل التي نعيشها. ولمسنا من خلال هذه الاجتماعات مدى تعطش اللبنانيين في الخارج الى معرفة واقع الأمر في لبنان.

أما عن الرؤية المستقبلية والخطط التي سيتم اقتراحها من قبله كعضو هيئة تنفيذية، يقول جبيلي “أنا مقتنع بأن خلاص لبنان لن يكون إلا على يد القوات اللبنانية من خلال المشاريع الإصلاحية التي تطرحها، انطلاقًا من مشروعها السياسي القائم على سيادة الدولة والجمهورية القوية، وأن تعود الدولة لبسط سيادتها على كافة الأراضي اللبنانية وحماية حدودها بعيدا من الميليشيات والتدخلات الأجنبية، مرورًا بالإصلاحات الضرورية على صعيد ادارة الدولة والحوكمة، وكل ما يتعلق بمحاربة الفساد ووقف التوظيف العشوائي في إدارات الدولة، ونحن نرى اليوم المشاريع التي يقدمها نواب القوات وادائهم في المجلس النيابي وكذلك وزراؤنا عندما كانوا في مجلس الوزراء”.

ويشير جبيلي إلى أن القوات لديها برنامج انتخابي أعدته منذ حوالى العام، يتضمن حلاً لبسط سيادة الدولة، والعلاقات الخارجية والاقتصاد وكل ما يعيشه البلد من أزمات. وسأحاول من موقعي تعزيز قدرات القوات لتنفيذ هذا البرنامج الانتخابي، من خلال العمل على مضاعفة عديدنا الحزبي عبر الانتساب للقوات اللبنانية.

النقطة الثانية تتعلق بمضاعفة عديد القاعدة الشعبية، إذ إن هناك أشخاصًا يرفضون الالتزام ولكنهم يدعمون الخط السياسي والإصلاحي الذي تنتمي له القوات، أي الخط السيادي.

والهدف الثالث أن نصل فعليًا ليكون لدينا قرار داخل الدولة كي تستطيع تنفيذ المشاريع التي نطرحها، بالإضافة الى حسن إدارة العمل داخل الحزب ومعالجة الأمور الحزبية، لنكون قدوة ومثالاً للأحزاب اللبنانية الأخرى، وأن نلبي طموحات الأشخاص الذين يؤمنون بطروحاتنا السيادية وبرنامجنا السياسي، وهذا ما يجب علينا أن نعمل عليه اليوم كي نصل خلال الانتخابات القادمة الى امتلاك أكبر كتلة نيابية لها وزنها وكلمتها في المجلس النيابي، من أجل إنجاز مشاريعنا الإصلاحية والإنمائية والسيادية في الدولة.

وانطلاقًا من عمله في الانتشار، لا بد من السؤال حول مدى فعالية اللوبي اللبناني في الولايات المتحدة وقدرته على إيصال صورة الوضع اللبناني وشرحه للإدارة الأميركية بشكل دقيق؟ يجيب جبيلي «تتمحور أهداف اللوبي الذي نديره في الولايات المتحدة حول ثلاث مهمات أساسية: تثقيفية، فالتغييرات الدورية في السياسة الأميركية تتطلب منا أن نشرح دائمًا واقع لبنان للذين يتعاطون الشأن اللبناني في الإدارة الأميركية، وذلك لكي يتمكنوا من التمييز في المعلومات التي تصلهم. فلبنان بلد منقسم، تتعدد فيه الأحزاب ووجهات النظر، والأميركي بطبعه إنسان منفتح يهتم بالمعلومات التي تصله ويسأل عنها. المهمة الثانية التي علينا أن نقوم بها كلوبي لبناني هي المطالبات المحقة، أي المطالبات بالقرارات والمساعدات الدولية التي تخص لبنان، ومن المعروف أن أميركا اليوم تدعم لبنان والمجتمع اللبناني من خلال وكالة التنمية ومنظمات دولية اخرى، كما تدعم الجيش اللبناني والأمن الداخلي من خلال برامج خاصة بهم، وهذه الأمور دائمًا نتابعها مع الإدارة الأميركية، ونلمس دائمًا عطفًا منهم تجاه لبنان.

والمهمة الثالثة هي دعم بعض المواقف وتسويقها أو إعطاء الملاحظات عليها، كموضوع رئاسة الجمهورية والمواصفات التي نطرحها لشخص الرئيس، مع العلم أن الإدارة الأميركية لا تفضل التدخل بموضوع الرئاسة من ناحية التسميات، ولكننا نطالبهم فقط بدعم مطالبنا بمواصفات الرئيس الذي يجب أن يكون رجل إصلاحيًا وسياديً ونزيهًا ولا ينتمي الى منظومه الفساد. مع الإشارة الى أن العامل الأساسي الذي يساعدنا على نيل هذا العطف الأميركي هو أن القضية اللبنانية هي قضية محقة، لأننا نطالب فقط بلبنان سيد حر ومستقل، ونسعى الى تطبيق القرارات الدولية، ولكن ما ينقصنا فعلاً هو وجود دولة لبنانية فعلية تحرص على لبنان وشعبه.

في الختام، نستنتج أن هذه الانتخابات عكست شغف الحزب بالديمقراطية الداخلية ورغبته في تطوير نشاطه السياسي وتوسيعه، لتكون القوات اللبنانية على محك المسؤولية الكبيرة للعب دور فاعل ومؤثر في صياغة مستقبل مشرق للبنان واللبنانيين.

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل