تسبّبت حرب غزة بتراجع عامل الثقة بالاقتصاد اللبناني بعدما بدأ يستعيد بعضاً منه في الصيف الفائت… لكن تداعيات هذه الحرب تأكل من نمو الاقتصاد اللبناني بعد سنوات من الانكماش، وتثير الخوف والقلق من احتمال توسّع الحرب الإسرائيلية على لبنان عندها ستكون التداعيات كارثية إن بالنسبة إلى دمار كامل للبنى التحتية أو لجهة ارتفاع عدد الضحايا، والحصار البحري والجوي الذي سيعرقل عملية الاستهلاك… هذا السيناريو الخطير لا أحد يتمناه، لكن تداعياته، إن حصل، ستكون عديدة ومؤلمة!
القصف الإسرائيلي لا يزال متقطّعاً في جنوب لبنان، ومع ذلك نرى المستشفيات الواقعة في نطاقه، مُنهَكة ومُربَكة، فماذا لو تحوّل الهجوم الإسرائيلي إلى حرب شرسة كما يهدّدون، تطاول كل لبنان، هل القطاع الاستشفائي عندئذٍ مستعدّ لهذه المواجهة خصوصاً أنه على تماس مباشر مع الوضع الأمني ويلعب الدور الأساس في الحدّ من زهق الأرواح ومعالجة المصابين ترجمةً لرسالته الإنسانية وتحديداً في مثل هذه الظروف؟
نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون يوضح في حديث لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني أنه “عند اندلاع الحرب لا سمح الله، بالتأكيد لن تكون كل المستشفيات قادرة على استقبال أعداد المصابين، إذ تتطلب هذه الحالة عاملين أساسيين: توفّر العناصر البشرية الكافية، وتأمين المخزون الكافي من الأدوية والمستلزمات الطبية، لكن ذلك لا يمنع أي مستشفى من القيام بواجبه على قدر طاقته”.
ويلفت في هذا الإطار، إلى أن “هناك خطة يتم إعدادها في وزارة الصحة العامة أخذت في الاعتبار المستشفيات الأكثر جهوزيّة من غيرها، وأدرجتها على قائمة بالتدرّج من الأكثر جهوزيّة إلى الأقل”، ويقول “في المحصلة، إن “الجهوزيّة” مسألة نسبية. فهي تُقاس بالعمليات العسكرية التي ستحصل، كماً ونوعاً، خصوصاً عندما نقف أمام العمليات العسكرية التي يشهدها قطاع غزّة حيث اعتبر الإسرائيليون المستشفيات وكأنها هدف عسكري! فمنذ اندلاع حرب غزّة تم استهداف عدد من المستشفيات، وكأن في خلفية تفكيرهم أنه في حال استهدفوا المستشفيات بالقذائف والصواريخ ستضعف مقوّمات الصمود لدى المقاتلين والشعب الفلسطيني… وهذا ما حصل”.
ويتابع: أما المستشفيات في لبنان فيمكنها تقييم جهوزيّتها قياساً على حرب تموز في العام 2006. إذ على سبيل المثال لا الحصر، يمكن تحديد الجهوزيّة في حال سُجّلت إصابات ضعفَي عدد إصابات حرب تموز، من دون الأخذ في الحسبان حصول استهداف مباشر للمستشفيات أي تطويقها واستهدافها بالقذائف سواء مباشرة أم في محيطها، وهنا لا فَرق بين الحالتين… فالخطر ذاته والنتيجة ذاتها وهي شلل العمل الاستشفائي بالكامل.
ويضيف هارون: إذاً لتسهيل الأمور، سنستند إلى فرضيّة حرب شبيهة بالعام 2006 مضروبة بضَعفَين، عندها لن يكون هناك أي مشكلة لدى مستشفيات لبنان في القيام بواجباتها الكاملة، أما في حال شهدت ما حصل في مستشفيات غزّة فعندها لا يمكن القول سوى “لا حولَ ولا قوّةَ إلا بالله”.
المسؤولية هنا مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص، تطبيقاً للقول المأثور “يدٌ واحدة لا تصفّق”.. فالكل ملزَم بتحضير الخطط والتدريبات لتفادي مصائبَ مُحتمَلة لحرب… مُحتمَلة. ويبقى كل الامل بتطبيق القرار 1701 لتجنيب لبنان ويلات هذه الحرب وحمايته من نفق قد لا يعرف اطلاقا كيف يخرج منه.