خاص ـ حزن ووجع.. وجهٌ آخر لشوارع بيروت

حجم الخط

بين شوارع مزينة متألقة و”ميلاد مجيد دافئ” يوجد فاصلٌ في الزمان والمكان.

بين أشجار الأرز المرتدية حلة العيد و”ميلاد العيد وسط أحيائنا”، يوجد لفتةٌ من إنسانٍ تجاه إنسان.

أجمل ما تناقلته الأجيال هي جمعة الميلاد وفرح العائلات هذا من جهة، إنما للإنسانية في الميلاد حصةٌ كبيرة.. كيف لا والمسيح الاله جمع محبة البشر بين كتفي المزود وبات تجسده رمزاً للعطاء والتضحية.

للعيد وقفة خاصة وفرحٌ خاص، فهو اللقاء الجميل والهدية المميزة، إنما في إضاءة بسيطة نحو الطرف الآخر من هذا الزمن، ونحو الجزء “المخفي” من أحيائنا وشوارع مدننا، نلحظ أن العيد “ناقصٌ” ما دام في ليالي زمنه تقتظ شوارع عاصمتنا بالمتشردين، أطفالاً وشيوخاً وشباباً، لا يعرفون من الزمن سوى طعم البرد والسقيع.

وبالتالي يطرح التساؤل، حول واقع شوارعنا من الناحية الإنسانية، وكيف يعيش العيد من ليس لهم مكانٌ ولا يعرفون “الهدنة” مع الزمان؟

بداية واجب إيضاح أن آفة “المتشردين” مشكلة إجتماعية، وليست وليدة اللحظة والساعة إنما قد تفاقمت في الآونة الأخيرة خاصة بعد دخول لبنان الأزمة الاقتصادية عام 2019، وللإقتراب من واقع المشكلة فعلياً، قام فريق موقع “القوات اللبنانية” بجولة في أحياء بيروت وشوارعها المزينة ليتضح أن هذه المشكلة تشمل فعلياً ثلاث فئات من الأعمار:

أولاً ـ الأصغر سناً أي الأطفال ما دون الـ18 من العمر، والذين يعتبر مكانهم الطبيعي “المدرسة” إنما باتوا بحكم “القدر” باعة ورود في عمر وردهم.

ثانياً ـ الفئة الشابة والتي تشمل الشباب والشابات الذين تتراوح أعمارهم بين الـ18 والـ50 سنة وهم من ساءت بهم الأحوال والظروف فبات الشارع ملجأهم.

ثالثاً ـ فئة “الشيوخ” وهم كبار السن الذين يرتمون فوق وسائدهم وسط السقيع والبرد ويحتملون مزيج صوت الأمطار و”التنك” في وطنٍ أهمل قانون حمايتهم وجعل منهم ضحية الزمن واللاعدالة.

في ملاحظة دقيقة لهذه المشكلة، وبعد التكلم مع العديد من الأشخاص من الفئات المتنوعة، إتضح أن أكثر المهن المنتشرة بينهم هي كالتالي:

“باعة الورود والمحارم، باعة المكسرات والسكاكر، وملمعو الأحذية”

وفي تدقيقٍ حول مساكنهم، يتضح أن “منهم من لا يزال في منزل والديه في الأحياء الشعبية”، وقسم كبير خاصة من العجزة والشباب يعتبرون أن “الشارع مسكنهم وبيتهم في ظل كل العوامل الصعبة التي يعيشونها”.

ويجدر الذكر أن لا سياسة حمائية واضحة ومطبقة حتى اليوم في هذا الخصوص، خاصة على مستوى الأطفال والعجزة وهما مستويين مكرسان في شرعة “حقوق الانسان” واتفاقية “حقوق الطفل” وهذا الأمر يعتبر من اختصاص الحكومات المتعاقبة التي أهملت الى حد ما هذه المشكلة، لربما لدواعٍ “سياسية” وإستفاداتٍ “مبطنة”.

إنما ومن خلال العديد من المواقف التي شهدناها والدردشات التي قمنا بها مع الفئة المستهدفة يبرز أن الشعب اللبناني عكس سلطاته، لا ينسى مسؤوليته تجاه “الإنسانية” لا بل أنه شكل ثورة على مستوى الجمعيات غير الحكومية والمبادرات الفردية وبات مضرب مثلٍ في الوحدة الإنسانية والخدمة الدائمة.

نهاية، لا بد من القول إن “العيد” عليهم صعبٌ، إنما هدية العيد الحقيقية “يسوع” هي من اجلهم، وعلى الرغم من كل ظروفهم كانت البسمة ترسم بتجاعيدهم، فلعله في هذا الزمن المجيد يتسلط الضوء تجاه “الطرف الحزين من شوارعنا”، والأحلام التي ماتت في عمق هذه الاحياء وظلم الحياة، ولعل الدولة تكون يوماً “دولة” في مكافحة هذه الآفة فيكون العيد “عيداً” على كل أبنائه دافئاً في كل أحياء وطننا.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل