ضيفي في “قهوتك كيف” لهذا الأسبوع المحلل السياسي الصحافي أسعد بشارة.
*أسعد بشارة قهوتك كيف؟
قهوتي مرة
*5 أسئلة سريعة
-العصبية أم تخبئة المشاعر؟
العصبية حتى عمر الأربعين سنة، بعدها بداية السيطرة عليها من الـ40 وحتى الـ51 سنة.
-الضعف أو فائض القوة؟
لا أعترف بالإثنين، أعترف بالحكمة والرؤية
-العصامية أو الإتكالية؟
العصامية بنسبة 99%
-القناعات أو مسايرة القوي؟
أجزم أنه بـ70% من مواقفي القناعات تحكم. في 30% ظرف قاهر، لكني أعترف به بيني وبين نفسي “إنو أنا لكّيت هون”
-التصالح مع الجروح أو حملها للمستقبل؟
مرحلة العمر الصغير، العشرينات حتى الثلاثينات، حملتها إلى مرحلة لاحقة وبقي لها أثر كبير.
مرحلة الثلاثينات وحتى اليوم، تصالح بنسبة عالية جداً وإقرار واعتراف بكل الجروح والصعوبات التي مررت بها في حياتي. إقرار صحيح أمام نفسي وأمام عدد كبير من الناس الذين يعرفونني، وأرى أن المصالحة مع الجروحات الدفينة هي فائض ثقة بالنفس وفائض سلام داخلي ينعكس على وجه الانسان ولا يمكن تخبئته. وأفتخر أن لدي كمّ هائل من السلام الداخلي والرضا بنفسي.
*أسعد بشارة خسر والدته بعمر صغير، كيف توفيت وما تأثير هذا الموت عليك؟
“كان عمري 14 سنة، وانا ابن ضيعة اسمها كفروة في قضاء النبطية، كنت تلميذ المدرسة الأنطونية في النبطية، وفي يوم تشريني في بداية المدرسة، جاء والدي واصطحبنا الى التسوق وعدنا بالسيارة أنا وأمي وأبي وأخي الكبير يوسف وابنة عمتي. على مدخل النبطية كان هناك حاجز لجيش لحد و”كانت أول شتوة، قلّعنا بعد الحاجز وفي سيارة مرسيدس صفرا 200، تفاجأ بالحاجز وعورض بنص الطريق وفتنا فيه. أمي طبّت وغابت عن الوعي وكلنا تأذينا كتير، كان حادث كبير كتير، وإجا الصليب الأحمر نقل إمي ع المستشفى وبعد يومين توفّت”.
بيتنا أصيب بضربة على الرأس بعد وفاة أمي، الوالد حزن جداً ولفترة طويلة جداً وأثّر ذلك على كل جو البيت، واستمرينا بالمكافحة لتخطي التابو، فوفاة أمي أصبح تابو، وخلق فوبيا الاعتراف بموتها، وتطلب تخطي الموضوع أكثر من 10 سنوات.
*الزيجات الفاشلة تكتسح مجتمعنا، كيف بيوصف أسعد بشارة زواجه؟
تزوجت عن حب كبير وعندما قررت أن أتزوج شعرت أن هذا الحب هو الوحيد بحياتي، تعرفت على زوجتي المحامية رولا إيليّا في لاهاي، في المحكمة الدولية، وكانت قصة حب متبادلة وكبيرة. أنا بالأساس ANTI زواج لكنني تغلبت على ذلك وتزوجت وعشنا قصة حب عاصفة جداً، وحبنا وجد ليبقى.
بعد الزواج دخلنا الى الحياة الزوجية والآراء المتضاربة تحت سقف البيت وذلك طبيعي ويحدث مع أي رجل وإمرأة ، فالزواج مؤسسة فيها مسؤولية كبيرة جداً وصعبة لأن الرجل والمرأة كائنان مختلفان جداً خصوصاً لناحية نظرتهما لمهام هذه المؤسسة ومسؤوليات كل منهما.
ككل رجل وإمرأة نمرّ بمشاكل، لكننا نعود ونتغلب عليها، ولدينا طفل وهو اللحظة الأجمل بحياتنا نحن الإثنين وسيبقى كذلك الى آخر العمر.
أعتبر أن مرحلة الزواج في حياتي، مع الأخذ بالاعتبار كل المشاكل التي تعتري أي زواج، هي الأكثر اكتفاء وفرحاً في حياتي، والزواج يتطلب صيانة وإعادة شدشدة يومياً، لأن الرابط الذي يجمع أقوى.
*أولوية أسعد بشارة شغله، ما بتخاف يكون عم يسرق منك أجمل إيام حياتك؟
أجمل أيام حياتي وجود أمرين متكافئين، عملي وعائلتي، وأنا انسان أعشق عملي كصحافي ومنذ كان عمري 10 سنين كوّنت ثقافة سياسية وكان أصدقائي في المدرسة يسخرون مني “إنو بيحكي سياسة وكذا”، إذ كنت أعرف كل طبيعة الوضع المحيط بنا، القضية الفلسطينية والحرب الدائرة في لبنان بالتفاصيل.
*عندك نظرة كتير خاصة للحياة بعد الموت، خبرنا عنها ولأي حد يخيف الموت أسعد بشارة؟
يخيفني أكثر لأنه ليس لدي فكرة أنه يوجد شيء بعد الموت، أعتبر أن هذا الشيء الغامض الذي يترجمه الإيمان إلى رجاء، ضعيف عندي كإعتقاد، ولذلك أعيش كل ثانية في حياتي وكأني لا أنتظر شيئاً.
أنا ابن عائلة مسيحية مارونية وأختلف عن بعض السلوكيات لبعض الناس الملتزمين الذي يعتبرون أنهم يصلّون من أجل الخلاص الذاتي.
ربما ليس لدي الممارسات الدينية التقليدية لكني أرى الايمان المسيحي بالترجمات العملية وأعتبر بطبعي أن الفرح العظيم بحياتنا أن نعطي و”على قدي” أقوم بذلك. وفرح العطاء هو أحد أوجه السعادة العظيمة في حياتي.
*أسعد بشارة أكتر من صحافي، هو محلل سياسي يقارب رجال السياسة، بصراحة شو طموحك السياسي؟
كان لدي طموح من سنوات أن أكون في النيابة أو الوزارة، الآن أدركت انه بظل طبيعة العمل السياسي في لبنان، هذا الموقع هو أمران، أولهما الوجاهة أو أنانية الوصول وثانيهما عقم كبير في هذه المواقع، فمن يكون لديه رغبة بالعمل تحبطه طبيعة العمل السياسي في لبنان.
إلى جانب ذلك، أنا أحب الشأن العام جداً، أسست وزوجتي مؤسسة “صدى السلام” التي تتحضر للقيام ببرامج إنسانية إلى جانب تأسيسي ومجموعة من الزملاء جمعية “إعلاميون من أجل الحرية”.
*عد إلى أسعد بشارة الطفل، هل حقق رغبته بالحياة؟
أحلامي ما كانت تحدها حدود، وبعد هذا العمر الطويل أعتبر أنني أسست لنفسي ما كنت أحلم به، علماً أنني أحلم بأكثر بكثير، حلمي الكبير أن أتمكن من تأسيس مؤسسة اجتماعية تدخل بحقل مساعدة الانسان.
أفخر بمهاراتي الصحفية ومهاراتي بالتواصل مع الناس والشأن العام وأفتخر بالفيلم الذي نفذته مع “جسور” عن الهجرة غير الشرعية والتحية لزملائي في جسور، قابلت العائلات التي خسرت أولادها في طرابلس ولا أزال مرتبط معهم بعلاقة ودية إنسانية لن تنقطع وأجمل مكافأة في حياتي عندما قالوا “كل ما يشوره علينا أسعد بشارة لنقوم به من أجل قضية أولادنا عالعمياني بنعملوا”، وذلك لأنني أبني ثقة بعلاقاتي مع الناس وأحب العلاقات الصادقة والشفاقة ولدي الشجاعة والقدرة لأكون صادقاً وأعبّر عمّا أريد تماماً.
*على ماذا يندم أسعد بشارة؟
أندم على أمور كثيرة. أندم على تغيير مكان سكني من الأشرفية إلى زوق مكايل، وأقول للأشرفية “يا أشرفية راجع”.
الأشرفية وكفروة تشكلان النوستالجيا المكانية الخاصة بي.
*لحظة تأثيرها عليك مش ممكن تنسيه؟
لحظة أخبرتني زوجتي أنها حامل. كان أجمل خبر تلقيه بحياتي ولا يضاهيه فرحاً إلا فرحتي بإبني جواد وأنا أراه يكبر أمام عيني، وأنا أطلب منه ألا يشكرني على شيء لأنني من أحضرته الى هذه الحياة وواجبي أن أؤمن له كل شيء، لكن أنا علي أن أشكره في كل ثانية لأنه جاء الى حياتي وأعطاني هذا الشعور الذي لا يوصف.
بالسياسة:
كيف تقرأ التمديد لقائد الجيش خصوصاً بعد إلغاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته التي كانت مقررة الى لبنان؟ هل تربط هذا التمديد بملف رئاسة الجمهورية؟
التمديد له أهمية لنقطتين أساسيتين، أولهما حفظ الاستقرار لأن اسم قائد الجيش جوزيف عون ارتبط في هذه المرحلة بحفظ الاستقرار ومنع الفتن، والنقطة الثانية مرتبطة بجنوب الليطاني والتأسيس لمواكبة موضوع تطبيق القرار 1701.
بالتالي الخيار الأفضل والوحيد كان التمديد لقائد الجيش وأرى أنها جولة مهمة لمصلحة البلد إذ تم الحفاظ على الجيش من دون التلاعب به كما كان يخطط.
التمديد له فائدة أخرى وهو أنه يكسر شوكة مدرسة التسلط والأنانية والثأر والانتقام ويؤكد أن المجال مفتوح أمام قائد الجيش من خلال سلوكه كرجل دولة للاستمرار.