“بين أكثرية ممدِّدة وأقليّة متمرّدة، ينقسم لبنان اليوم”، تحت هذا العنوان، رسّخ إعلام التيار الوطني الحر في مقدمة نشرة أخبار قناة “أو تي في” منذ يومين، نهجه التضليلي الذي شبّ وشاب عليه طوال مسيرته، فوضع نفسه من خلالها، بخانة الطوباوي العفيف مُرتديًا “ثياب الحمل”، وكلّ الآخرين في موقع المرتكبين الأشرار، وعليه، نسرد باقتضاب الحقائق الآتية التي تدحض أكاذيبه.
أوّلًا: “التيار” أيّد تشريع التمديد للمجالس البلدية والاختيارية بظلّ الشغور الرئاسي في 18 نيسان من العام 2023، ووافق على توقيع رئيس الحكومة في اليوم التالي عليه بثلاثة تواقيع بدلًا عن توقيع رئيس الجمهورية ومن دون تواقيع الوزراء الـ24.
ثانيًا: “التيار” تواطأ مع فريق الممانعة في إرساء الفراغ الرئاسي، مع انسحابه من كلّ الجلسات النيابية التي عُقدت لانتخاب رئيس الجمهورية وتطييره النّصاب القانوني، كما تمنّعه عن التصويت لأيّ مرشّح طوال 11 جلسة متتالية.
ثالثًا: “التيار”، وعلى عكس ما يدّعي، وعلى عكس ما روّجت قناته، كان جزءًا لا يتجزّأ، لا بل كان العامل الرئيسي في إرساء التمديد لحساب أشخاص، من التمديد للواء الشامية إلى التمديد لحاكم المركزي السابق.
رابعًا: “التيار” وعبر وزيرين من تكتّله، عبد الله بو حبيب وهكتور حجّار، وقّع على مرسوم إبرام اتفاقية قرض لشبكة أمان في 9 تشرين الثاني من العام 2023، التي تستوجب توقيع رئيس الجمهورية، بمخالفة صريحة لما يدّعيه وتسوّق له القناة المذكورة، وأرفقه بتأييد نائب “التيار” أسعد درغام عليه في جلسة للجان النيابية المشتركة بتاريخ 11 كانون الأول من العام 2023.
خامسًا: “التيار” الذي يتّهم غيره بالتجديد لرياض سلامة، لا يمكن سوى إحالته إلى جريدة “الأخبار” في عددها الصّادر بتاريخ 25 أيار من العام 2017: “اتّصل وزير الخارجية جبران باسيل بالوزير علي حسن خليل يوم السبت الماضي، وقال له سنمشي بسلامة، لكن لدينا بعض التعيينات الإضافية…”، وقد ترجم الرئيس عون ذلك في طرحه التمديد لسلامة لست سنوات من خارج جدول أعمال الحكومة وسط موافقة وتهليل باسيل؛ هذا عدا عن دفاع “التيار” عن سلامة يوم طرح النائب جورج عدوان في الجلسة النيابية التي انعقدت بتاريخ 17 تشرين الأول من العام 2017، بوجوب إجراء تدقيق برلماني بحسابات مصرف لبنان.
سادسًا: “التيار” بمسيرته وتجاربه، آخر مَن يحقّ له الكلام عن الإصلاح وبواخر العتمة والسدود الفاشلة تشهد؛ وآخر مَن يحقّ له الكلام عن كسر الميثاق وتفاهم الاذعان مع سلاح الميليشيا يشهد؛ وآخر مَن يحقّ له الكلام عن النزوح وتمنّعه عن اتّخاذ ولو إجراء واحد وهو المسيطر مع حلفائه على السلطة منذ العام 2011 يشهد؛ وآخر مَن يحقّ له الكلام عن الأزمات التي تعصف باللبنانيين وهو مَن خيّرهم بين الموت جوعًا والهجرة ذلًّا.
نعم، “التيار” هو جزء من الأقلية ولكن ليس المتمرّدة بل الأقليّة الكاذبة، التي استهلكت جميع الأقنعة وباتت رمزًا للخِداع، وما هو انقضاضها على المؤسسة العسكرية وصلابتها لأجل مجد الكراسي الباطل وحسابات أقزام الزمن البائس، سوى الدليل الأسطع، ولكن في نهاية المطاف، “ما بصح إلا الصحيح”.