يوم سلام رغم ارتفاع الجداران الصلبة

حجم الخط

نتمنّى يوم سلام رغم ارتفاع الجداران الصلبة، هذه أُمنية عيد رأس سنة العام 2024 الأولى والأساسيّة، نعيش جميعًا وسط محيطٍ من الحرب والدمار وتحت البؤس المدقع، وكلّ ذلك لأنّ أصحاب القرار طالبوا بارتفاع جداران صلبة بين الإنسان وأخيه، وبين الطائفة والأخرى ليكون وطننا مجمّع ملاجئ إسمنتيّة مسلّحة تمنع التلاقي والحوار في سبيل وضع المواطن تحت مزاجيّة أصحاب القرار الإلهيّ. أعلنت الكنيسة الكاثوليكيّة سنة 1968 أنّ أول يوم في شهر كانون الثاني هو يوم السلام العالميّ وعيد السلام، وحتّى يومنا هذا، لم نشعر يومًا بهذا العيد على الرغم من محاولاتنا الحثيثة وتعب قدراتنا الذاتيّة لجعله يومَ سلامٍ، ولكنَّ أهلَ الشرّ يترّبصون دائمًا لتنغيص هذه المناسبة وسلب هذا الشعور الدافئ من قلوبنا.

قال الربّ يسوع: “سلامي أُعطيكم وليس كما يعطيكم العالم أنا أعطيكم”، أتى سلامه من بذل ذاته في سبيل أحبائه، هذه هي قمّة التخلّي والعطاء، هذا هو السلام المنشود، أن نعطيَ من ذاتنا لا أن نأخذ ذات الآخرين. أن نغفر للناس كما يغفر لنا الله مجّانًا ومن دون حسابٍ مع مفعول رجعيّ. سلام الربّ يسوع أن ننزل من عليائنا لنلاقي الراكض إلينا والطالب ضيافتنا لأنّه يحمل في قلبه رسالة محبّة من الله. بداية السلام تكون بهدم الجداران المرتفعة والصلبة حيث بنيت للفصل بين قلوب أهل الوطن الواحد وجعلهم أعداءً في البيت الواحد. وأساس هذا الجدار الصلب والمتين كان ادعاءً بتحقيق مشيئة الله ومعاقبةِ كلّ من خطئ إليه، بَيدَ أن يسوع تواضع ونزل من عليائه ليصالح كلَّ من اتُهِم بهتانًا بخطيئته تجاه الله.

إنّه الزمن المقبول لنهدم تلك الجداران المرتفعة بقوّة إرادتنا القاصدة ملاقاة الآخر في شعب الله مهما كانت طائفته، حان الوقت لكي نثور على أحقادٍ قاتلةٍ ليست من طبيعتنا الإنسانيّة ولا من أخلاقنا ولكنّها نتيجةٌ لأعمالٍ شريرةٍ لا تمتّ إلى تقاليدنا وشيمنا بصلةٍ. كما لم يستِطع حقد البشر وضع حدٍّ لسلام الربّ يسوع، كذلك جداران أهل الشرّ الصلبة لن تقوى على عمق إيماننا بِأنّ يد الله معنا، ولن تخذل عزيمتنا حين نمدّ يدنا لنضعها بيَدِ أهل شعب الله وشركائنا في الوطن. إنّها جداران وهميّة وضعها أصحاب القرار في عقولنا كي تبقى قلوبنا مستباحةً بغريزة حقدِهم يجب أن نصفّي قلوبنا من حقدهم ونجعلها محفظة سلام الربّ يسوع، أن نصغي إلى كلمة الله وحسب، ونتعلّمها عند من أُعطيت له السلطة التعليميّة وليس عند من سَمّى نفسه معلّمًا، أن نسقط قشور الشرّ من عيوننا لنرى السلام الآتي من عيون الواقف أمامنا.

هي بداية سنة جديدة، سنة 2024، لنعمل سويّةً على هدم الجداران الصلبة من قلوبنا ونجعلها سنة سلامٍ كي لا نعود يومًا نتمنى يوم سلامٍ رغم ارتفاع الجداران الصلبة.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل