كتب الأب القمص اندراوس الأنطوني – رئيس طائفة الاقباط الأرثوذكس في لبنان وسوريا:
لعيد الميلاد لدى الأقباط، عادات وتقاليد. لجهة التاريخ، يحتفل الأقباط الأرثوذكس في كل العالم بعيد الميلاد المجيد، يوم 7 من كانون الثاني (يناير)، وهو يوافق 92 كيهك، بحسب التقويم القبطي.
يسبق عيد الميلاد صوم مدته 34 يومًا، وله رمزيته في الكنيسة القبطية: 34 يومًا هي الأيام التي صامها موسى النبي على الجبل قبل استلام الوصايا أي كلام الله، ونحن نصوم كما صام موسى، تمهيدًا لاستقبال المسيح كلمة الله. يضاف الى الصوم، 4 أيام، هي تذكار لمعجزة حدثت في مصر أيام المعز لدين الله الفاطمي، وهي معجزة نقل جبل المقطم.
يميز الاحتفال بعيد الميلاد، ما يسبقه من تحضيرات وأجواء لاستقبال سنه جديدة، فيتم تزيين شجرة الميلاد وتجهيز المغارة وكأننا ننهي سنة ماضية بكل ما فيها، لنستقبل السنة الجديدة بميلاد الرب يسوع.
قبل العيد بحوالى شهر، تقوم الكنائس القبطية في كل العالم بتسابيح تسمى تسبحة كيهك، تمتد من المساء الى الصباح وتنتهي بقداس، وهي مخصصة للسيدة العذراء.
ومن التقاليد الهامة، أنه قبل العيد بشهر أي خلال شهر كيهك، يُقرأ كل أحد فصل من الإنجيل، يعبّر عن حدث هام وقع قبل ولادة الطفل يسوع.
بالإضافة الى ذلك، تحرص الأسَرُ القبطية وخصوصًا في صعيد مصر، على تحضير كعك العيد بطرق مختلفة ومبتكرة فيها روح تنافسية بين الأسر. يظل الكعك في المنزل من دون أن يلمسه أحد الى يوم العيد، ثم تبدأ العائلات القبطية بتبادل أطباق الحلوى معًا، في تعبير عن المحبة التي تجمعها، كما تحرص على إرسال اطباق من الحلوى الى الجيران من المسلمين، تعبيرًا عن المحبة التي أوصانا بها الرب يسوع.
من أهم مظاهر احتفال الأقباط في مصر بعيد الميلاد المجيد، عشاء ليلة العيد في السادس من كانون الثاني (يناير)، إذ يأتي بعد فترة صوم طويلة تنتهي في يوم العيد. تتجمع العائلات معًا للاحتفال وتناول الطعام معًا بعد القداس الذي ينتهي في منتصف الليل، وفي صعيد مصر يلتقي الأبناء المتزوجين في بيت الجدّ ليحتفلوا معًا، حيث تُقدم الأطباق الشهيرة من لحوم وطيور، ثم يقوم الجد أو الأب بتجميع كل أطفال العائلة، ويعطي كل طفل مبلغًا ماليًا يسمى العدية، وهو تقليد متبع الى الآن، يمارسه الكهنة والقسوس مع أبناء الكنيسة أيضًا، بما أنه أباء للجميع. تناقل الأقباط هذا التقليد من جيل الى جيل، حتى أن الذين هاجروا من مصر، احتفظوا بهذه العادات ونقلوها الى أولادهم.
يقدّر عدد الاقباط في لبنان بحوالي 4444 شخصًا، بينهم الكثير ممن يحملون الجنسية اللبنانية وولدوا في لبنان، وتمثّل لهم الكنيسة القبطية هنا، المرجعية الدينية والروحية والاجتماعية. فهي البديل الأول لغياب عائلاتهم عنهم.
تحتفظ الكنيسة القبطية في لبنان بهذه التقاليد، لكنها أضافت عليها بعض العادات التي تناسب المهاجرين من الشباب، بما أنهم يعيشون هنا دون عائلاتهم، فيجتمع كل الشباب بعد قداس العيد معًا في الكنيسة لتناول الطعام مع راعي الكنيسة، وتسمى هذه المائدة بمائدة الأغابي، وهي كلمة قبطية تعني المحبة.
تملك الكنيسة القبطية في لبنان كنيسة العذراء مريم ومار مرقس (في سن الفيل وهي مقر رئاسة الطائفة) وكنيسة في زغارتا، ودير قيد الانشاء (دير مار انطونيوس الكبير في منطقة البربارة) إضافة الى بيت للمؤتمرات قيد الإنشاء.