بالتزامن مع الأحداث الأمنية المتوترة في المنطقة، يواصل الجيش الأردني عملياته العسكرية ضد شبكات تهريب المخدرات على حدوده الشمالية مع سوريا، حيث تواصل تلك المجموعات محاولة تهريب وإدخال المخدرات إلى الأراضي الأردنية انطلاقاً من ريف محافظتي درعا والسويداء السوريتين، رغم مقتل العشرات من أفرادها.
في هذا السياق، أوضح باحث أردني مختص بالشأن السوري أن “شبكات التهريب تنطلق من بيئة عشائرية في أرياف محافظتي درعا والسويداء، وهو ما يبدو واضحاً من خلال الاطلاع على أسماء زعماء تلك الشبكات الذين قُتِلوا في غاراتٍ للجيش الأردني أو اعتقلوا خلال محاولاتهم إدخال المخدرات إلى الأردن”.
كما أشار إلى أن “عمليات التهريب تبدأ من ريف محافظة درعا الشرقي وكذلك من ريف محافظة السويداء”، مشدداً على أن “أعداد متزعمي تلك الشبكات لا يزيد عن 300 شخص، لكن هؤلاء لديهم عناصر بالمئات، ومن المرجّح أن أعدادهم قد تصل إلى 3000 عنصر”.
ووفق الباحث الأردني، يقوم هؤلاء العناصر بحمل أكياس المخدرات ويُطلق عليهم لقب “العتّالة”، فيما يقوم آخرون باستخدام مختلف أنواع الأسلحة عند الاشتباك مع حرس الحدود الأردني لإدخال تلك المخدرات إلى الأراضي الأردنية بقوة السلاح.
وفي الوقت الحالي، تحاول شبكات تهريب المخدرات الاستفادة من سوء الأحوال الجوية لنقل أكبر كمية من المخدرات إلى الطرف الآخر من الحدود، مستغلين الضباب الكثيف الذي يضرب المنطقة الجنوبية من سوريا خلال فصل الشتاء،
من جهته، أكد خبير أمني آخر أنه “لا يجب أن يترك الأردن وحيداً في مواجهة هذه التنظيمات، رغم أن الجيش الأردني يستطيع القيام بهذه المهمة التي تبدو طويلة ومعقّدة”.
وقال عامر السبايلة الذي يدير مركز security languages إن “الجيش الأردني يحتاج إلى مساعدة من حلفائه وشركائه، لمواجهة شبكات التهريب لاسيما أن عمّان هي عضو أساسي في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش”، لافتاً إلى أنه “سيكون من المفيد أن تقدم الولايات المتحدة للجانب الأردني صور الأقمار الصناعية لملاحقة هذه الشبكات بشكلٍ أسرع”.
وتابع قائلاً أن “القضاء على هذه الشبكات بشكل نهائي سيكون صعباً بسبب التداخل بين الجريمة والإرهاب وبين ميليشيات مدعومة من دول تحاول توفير جبهة ساخنة جديدة في المنطقة التي تقع على مثلث حدودي بين سوريا والأردن والعراق”.
كما أوضح أن “شبكات التهريب تتمركز منذ سنوات في مناطق حدودية تتحرك فيها بسهولة وتتعامل بصورة فاعلة مع تضاريسها ومناخها وهو ما يعني أن الجيش الأردني يتعامل مع شبكات وميليشيات منظّمة تمتلك أسلحة ثقيلة وطائرات مسيرة، ولذلك يبدو القضاء عليها صعباً”.
وكان الجيش الأردني قد استهدف، يوم الثلاثاء، في ثاني غارة خلال أسبوع، ما يُشتبه بأنها مزارع ومخابئ لمهربي المخدرات في الداخل السوري، حيث شنّت أربع ضربات، حسب ما كشفت مصادر مخابرات إقليمية.
وأكدت المصادر أن “3 ضربات استهدفت تجار مخدرات بارزين في بلدتي الشعب وعرمان بمحافظة السويداء بالقرب من الحدود الأردنية السورية، فيما أصابت الضربة الرابعة مزرعة قريبة من قرية الملاح، حسب ما نقلت وكالة “رويترز”.
وغالباً ما يتهم مسؤولون أردنيون، وكذلك حلفاء غربيون، “الحزب” اللبناني وفصائل أخرى متحالفة مع إيران وتسيطر على جزءٍ كبير من جنوب سوريا، بالوقوف وراء زيادة تهريب المخدرات والأسلحة.
لكن إيران و”ااحزب” ينفيان هذه المزاعم ويعتبرانها “مؤامرة غربية” على الحكومة السورية، التي تنفي بدورها تهمة التواطؤ بين بعض قواتها الأمنية وفصائل مسلحة مدعومة إيرانياً بعمليات التهريب هذه.