في العنوان، “التيار لجعجع: قليل من الحكمة يا حكيم”!!! فجأة يخرج قادة التيار من الذاكرة الجماعية السيئة للشعب اللبناني، ويذكّرنا بوجوده ومآثره “العظيمة” بحق الدولة اللبنانية، وإدارتها على مر السنين العشرين الأخيرة، ولا يحلو له كما العادة الا توجيه السهام لـ”القوات اللبنانية” والحكيم تحديدًا.
قال يوجه التيار “نصيحة” للحكيم، بأن يبتعد عن الحقد الأعمى، الذي يجعله عاجزًا بأن يرى الحقيقة، بأن التيار غير مشارك إطلاقًا بأعمال الحكومة، والأهم من ذلك يقول التيار، بأنه المعارض الوحيد بين القوى السياسية لكل أفعالها غير الميثاقية وغير الدستورية وغير الشرعية، والى ما هنالك من تعابير مرادفة، بينما يغطي الحكيم علنًا جلساتها غير المقبولة وقراراتها ومراسيمها غير المسموحة، ويختم التيار بيانه المدوي ذاك، بنصيحة أبو ملحم “قليل من الحكمة يا حكيم”!
ماذا يقول المثل الشعبي اللبناني؟ إن لم تستحِ فافعل ما شئت. عمليًا ومنذ دخول ما يسمى “التيار الوطني الحر” على العمل السياسي في لبنان، وهو يفعل ما يشاء، ولم تدخل عبارة الخجل في ادائه، على الرغم من الويلات التي أقحم لبنان فيها على مرّ سنين توليه الحكم والمشاركة فيه، وهذه مفارقة تاريخية في العمل السياسي في لبنان، بأن نكون شركاء أساسيين في دمار البلاد ونخرج للعلن ونعلن “الطوباوية”!
تغيرت الأيام كثيرًا، ومع ذلك يتحايل التيار على الواقع والحقيقة المرّة. تتناسى قيادة التيار، أن اللبنانيين على اختلاف مشاربهم السياسية والطائفية، صاروا يعتبرون أن التيار الى أفول دراماتيكي، بسبب قيادته التي حاكت على مر السنين مكائد بحق الشعب والجمهورية اللبنانية، وحاكت أسوأ ما يمكن أن تكون عليه صورة العمل السياسي في لبنان، اذ اعتمد على الإعلام المضلل للتغطية على فساد العمل السياسي والإداري في وزارات الدولة وقيادتها لاحقًا. ويتناسى قادة التيار أن الدجل الإعلامي ما عاد نافعًا، فالشعب اللبناني تطور، والأجيال كبرت، ولعبة الإعلام صارت مكشوفة، ووسائل التواصل الاجتماعي تفضح كل شيء وكل الناس على مر الساعات، لذلك يا شباب “روقوا على حالكن”…
المفارقة الأخرى أن قيادة التيار وبحسب الأهواء الشخصية، وبحسب مصلحتها الفردية، نكرر الفردية، أحيانًا تعلن أنها من صلب العمل الحكومي، وحين لا تناسبها مطامح ومطامع قيادتها، تتنصل من الحكومة، وتعلن انفصالها التام، وعندما تضع “القوات اللبنانية” أصبعها على الجرح تمامًا، تبدأ بالتخبط وتتوالى الردود التافهة المضللة للحقيقة كما هي العادة. لماذا عصّب التيار من الحكيم؟ لأنه قال صراحة بأن القوى السياسية المكونة لهذه الحكومة، “وتحديدًا محور الممانعة والتيار وبعض المستقلين، بغض النظر عن “خنفشرياتهم” الداخلية وخلافاتهم المصلحية، يتحملون جميعهم مسؤولية ما يمكن أن تؤول اليه الأوضاع في لبنان، في حال استمرت حكومة تصريف الأعمال في عدم تحمل مسؤولياتها من خلال تبنيها موقف محور الممانعة لجهة الحروب الدائرة في الشرق الاوسط”. والسؤال، هل استقال وزراء التيار من الحكومة؟ هل تخلّوا عن مهامهم تمامًا وقاطعوا الجلسات الحكومية؟ هل سجّلوا ولو لمرة اعتراضاتهم على مقرراتها؟ هل قاطعوا جلساتها؟ هل قاطعوها أساسًا؟ على العكس تمامًا، لا بل هم يتماهون معها في كل المقررات، وخصوصًا في المواقف السياسية الأخيرة للرئيس نجيب ميقاتي، حين أعلن صراحة أن قرار الحرب والسلم بيد “ح.ز.ب.ا.ل.ل.ه” وليس بيد الدولة اللبنانية، ولم يعترض وزراء التيار، وما سمعنا لهم صوتًا ولو خافتًا متصديًا لهذا الموقف الرسمي الخطير من رئيس حكومة البلاد!
فقليل من الحكمة المبللة بالكثير من الخجل يا تيار… علّكم تستردون بالصمت على الأقل، بعضًا من احترام، حتى لو كان الضرب في الميت أكبر حرام.