
أكد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب رازي الحاج في مداخلته: “وأنا اقرأ فذلكة الموازنة، شعرت ان الموازنة تحمل رؤية اقتصادية وكل الوعود بالاصلاح ستترجم بخطوات واضحة لمعالجة التشوّه الكبير الذي خلفته اسوأ ادارة لاسوأ أزمة نقدية مالية اقتصادية واجتماعية في تاريخنا الحديث. لكن الصدمة كانت عندما بدأت قراءة مشروع الموازنة ووصلت إلى الاستنتاج التالي:
إن الذي كتب الفذلكة ليس هو نفسه الذي حضر الموازنة والاثنان يجسدا انفصام الدولة بادارتها السياسية بين النظري والنطبيقي، وهذه هي الفذلكة الفظيعة للدولة العقيمة في لبنان، والتي تبدأ بانتهاك السيادة وتعطيل القضاء ولا تنتهي الا بتنشيط الاقتصاد غير الشرعي وتحميل الاقتصاد الشرعي اعباء اضافية!
أما الاستنتاج الثاني فهو أن ارسال مشروع الموازنة ضمن المهلة الدستورية لما حصل لو لم نرفض مناقشة مشروع موازنة 2023، تماما كما أن فصل السياسة النقدية عن السياسة المالية أوقف تمويل الدولة مما تبقى من ودائع الناس، وهذا ما كان ليحصل لو لم نرفض في لجنة الادارة والعدل مع نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان السابق تمرير قانون يتيح لمصرف لبنان مد الدولة بـمليار و200 مليون دولار، والذي ترافق مع حملة حكومية أن الدنيا ستخرب الدني وسيتفلت سعر الصرف، ويومها قلنا اننا بأدوات نقدية نستطيع ان نلجم سعر الصرف من دون المس بالاحتياط وهذا ما حصل !
اقول هذا الكلام ، للتأكيد ان المجلس يستطيع فرض مسار صحيح لتغيير النهج والمنهجية، ويستطيع اختيار الافضل بدلا من البقاء بين المخيّر والمحيّر بين السيء والاسوأ، لذلك لا يمكن القبول بموازنة من دون قطع حساب، لانها تكون من جهة تسمح للحكومة بأن تجبي وتصرف وتغض النظر عن التهرب والتهريب ومن جهة أخرى أن تصرف كما تريد من دون لا رقيب ولا حسيب!”
وأشار الحاج إلى أنه “على مدى 26 جلسة في لجنة المال والموازنة، كنت اتذكر لعبة “حلها واحتلها” ، مواد غير موجودة بالتدرج، ايرادات غير مصرح عنها لإخفائها، سلفات خزينة على مد عينك والنظر، احتياط مضخم، ضرايب ورسوم حتى اذا تنفست! عندما يكون الخطأ مقصودت بهدف منع المساءلة، وتمييع الحقيقة، يصبح الخطأ خطيئة لا بل جريمة، وهنا إسمحوا لي ان أقول انو هذه لم تعد موازنة الـ24 بل موازنة الـ24 جريمة: لا رؤية اقتصادية، لا نفقات استثمارية، لا هيكلة للدين العام، لا احتساب للهبات، لا دراسة للقروض الخارجية، مخالفات بسلفات الخزينة، لا اصلاحات لوقف التهرب الضريبي ووقف التهريب، لا اصلاح للقطاع العام، لا مشاريع للتحول الرقمي، لا شبكة للامان الاجتماعي، لا حل لواقع مؤسسة ضمان ولا لوضع المتقاعدين، لا لتعويضات نهاية الخدمة، لا سياسة اسكانية، لا تفعيل للهيئات الرقابية، لا حل جذري للاستشفاء والادوية المستعصية، لا تفعيل للضابطة الجماركية، لا مشاريع للابنية الحكومية، لا حل لواقع المدارس الرسمية، لا صيانة للمطار والمرافئ العامة وللبنى التحتية، لا صيانة للطرقات والسلامة المرورية، لا حل لازمة النفايات الصلبة، لا حل للصرف الصحي، لا رؤية لادارة اصول الدولة، لا ضبط للحدود. بالتأكيد مع كل هذا سنصل إلى موازنة بصفر عجز، صفر نفقات استثمارية، وصفر اصلاحات، وصفر خدمات عامة، وصفر حقوق، وصفر واجبات وصفر انجازات!
وبين صفر عجز بالموازنة وعجز كلي بالاصلاح والتعافي: باسم كل اللبنانيين نقول: كفى!
24 جريمة، وكانوا اكثر، تمكننا من تعطيل الغام كتيرة، كانت على وشك الانفجار في وجه كل القطاعات وكل الفئات الاقتصادية والاجتماعية، لكن هذا لا يكفي!
دولتنا بدلا من ان تتحمل مسؤولية عن كل الازمات المتالية وتباشر بوضع حلول جذرية لمشاكل مجتمعنا اليومية، وحماية الاقتصاد الشرعي في وجه غير الشرعي، نجحت بسياسة شراء الوقت ان تضع: المستأجر في وجه المالك، المستهلك في وجه التاجر، المعلم في وجه المدرسة، الموظف في وجه القطاع الخاص، القطاع العام في وجه الناس، المريض في وجه المستشفى، المودع في وجه المصرف، المضمون في وجه الضمان! ولكي لا نبقى في سياسة ردة الفعل، دعونا اليوم معا نقول ان هذه هي المرة الأخيرة التي نناقش فيها موازنة عوجاء ، ومن اليوم تحديداً سنتعاون لتكون الموازنة المقبلة تحمل ثلاثة أبعاد :
اولاً: موازنة “مهمة” ترسم السياسة العامة للدولة في القضايا والقطاعات المختلفة وتقوم على برنامج تضع السياسة العامة موضع التنفيذ، اي توزيع الاعتمادات استناداً إلى أهداف وأفعال وأنشطة، وتقوم الحكومة سنوياً بوضع مؤشراتٍ للاداء.
ثانياً: موازنة تعافي اقتصادي ونمو.
الموازنة في الاقتصاديات الحديثة لم تعد مرتبطة بالمحاسبة العمومية حصراً، بل أصبحت اداةً من ادوات تحفيز الاقتصاد واطلاق عجلةِ النمو. موازنة تعافي اقتصادي يعني موازنة اطلاق الاقتصاد، لذلم النفقات الاستثمارية في مشاريع البرامج هي اهم فصل من فصول الموازنة، بدلا من تصفيرها، يجب ان ترصد تمويل برامج اصلاحية اساسية تخلق بيئة اعمال للنمو، وتفكر بمناطق ومدن اقتصادية متخصصة لامركزية، وببرنامج لتطبيق التحول الرقمي، برنامج لادارة نموذجية للجباية، لانه بدون نمو لا تعافي، وبلا نمو حقيقي لا حلّ نهائي لأزمة الودائع وبسبب سوء ادارة الازمة تحوّلت من ازمة سيولة الى ازمة خسائر.
ثالثاً: موازنة تثبيت الامن الاجتماعي، الادارة السياسية المتمثلة بالحكومة يجب أن تعترف بمسؤولية بالانهيار الحاصل ، وهذه المسؤولية ترتب اعباء مالية يجب أن تعترف بها وتحددها، لذلك يجب أن تبدأ بـهيكلة الدين العام، واول الأمور رد اموال الضمان الاجتماعي، والتأكيد انكم بخطتكم للتعافي ستحافظون على اموال كل الصناديق التعاضدية والتقاعدية بقيمتها الفعلية، من اموال نقابات المحامين والمهندسين والاطباء، والمعلمين والمتقاعدين العسكر والمدنيين! وبذلك نخلق شبكة امان اجتماعي تخفف من صدمات الازمة النقدية والمالية ولا تخلق تشوّها في الطبقات الاجتماعية وخاصة الطبقة الوسطى!
اليوم جاء الوقت كمجلس نيابي مؤتمن على مصالح اللبنانيين، أن نرفض التعايش مع منطق اللادولة واللامسؤولية، ونضع السياسة في خدمة الاقتصاد بدلا من إبقاء الاقتصاد في خدمة السياسة، ونفرض خيار المواجهة المسؤولة والفعل الجدي لبناء الجمهورية القوية.”
وختم:” كنت أتمنى دولة الرئيس، أن اسمع في بداية هذه الجلسة تلاوة المواد 49 و73 و74 و75 من الدستور واسمعك تقول فلتوزع الاوراق … وننتخب رئيسا للجمهورية، هكذا يبدأ الانتظام العام الفعلي لكي نسترجع لبنان!”