سمير جعجع المشاكس!

حجم الخط

سمير جعجع ـ مقابلة صار الوقت
على الرغم من حدة الأزمات وضيق الأفق اللبناني بمساحات الأمل، أطل سمير جعجع على الناس ببسمة متفائلة، مضفيًا ذاك العنفوان النادر، الذي يعطي شحنات كبيرة من الأمل المحفوف بالشجاعة للمضي قدمًا في مواجهة الطريق اللبناني الصعب. في مقابلة ممتلئة أفخاخًا في أسئلة الاعلامي مارسيل غانم، ضمن برنامجه “صار الوقت”، وأحيانا في أسئلة الجمهور الحاضر في الاستوديو، كان سمير جعجع في قمة الاسترخاء، والأهم من ذلك، أنه وكما عادته دائمًا، لم يطلق شعارات فارغة من مضمونها، ولا ذهب الى هوبرات شعبوية غير واقعية، بل جيّر الأسئلة المحرجة غالبًا، والاجوبة كلها، لصالح قضيته وفكره السياسي العميق لأجل إسقاط كل حجج الممانعة ومنطقها التخويني لمعارضيها، وبالتالي التشديد على انتخاب رئيس جمهورية غير مفصّل على قياس “ح.ز.ب.ا.ل.ل.ه” وحلفائه، والتشديد على وحدة المعارضة وعلى معاناة الإنسان اللبناني من وضع يبدو غالبًا ميؤوس منه الا مع سمير جعجع.

قارب الحكيم الملفات الساخنة كافة ببسمات مريحة، من دون أن يُسقط من تعابيره تلك، العبسة الشهيرة أحيانًا خصوصًا حين يتحدث عن ملف ساخن لا يحتمل جدلًا ساخرًا، وليخرج من الحلقة تاركًا صدى قائد صلب لا يهادن، لا يمالق على حساب قضيته، لا يتنازل عن قضايا شعبه، ولتنتهي المقابلة ولنبقى معه في الأجوبة الشفافة المتقدة الذكاء، على الرغم من انتهاء الوقت واسدال الستارة.

من معراب أطل جعجع على الشاشة، ومن الاستوديو أطل مارسيل غانم وجمهوره، وعلى الرغم من حاجز الشاشات والمسافات، نجح الحكيم في إضفاء الجو الحماسي الكبير، بعدما كان هشتاغ #صار_الوقت_حكيم تصدر المنصات الالكترونية قبل ساعات من انطلاق الحلقة وحتى من بعد انتهائها.

وضع سمير جعجع الأصبع تمامًا على جروح الوطن المنكوب بالاحتلال والفساد، وذهب أبعد بكثير مما توقع الحضور وحتى من اللحظة القائمة، حين سأله غانم مثلًا عن موضوع المثالثة، فقال بثقة بالغة: “ما حدن يخوفنا، بدك تروح ع المثالثة نحنا منعرف ع شو نروح” ونقطة على السطر.

لم يساير جعجع أحدًا وقال ما يجب أن يقال وأحيانًا بقالب فكاهي ساخر، لكنه أراد أن يوصل رسائله بكل وضوح “كتار من السعادين عايشين ع فضلات ح.ز.ب.ا.ل.ل.ه بالسياسة”، ومن ثم أضاف: “نحن في خضم ا.ل.ا.ن.ت.ف.ا.ض.ة السياسية الدبلوماسية بوجه النظام الإيراني”.

حدد سمير جعجع في نحو ساعة ونصف زمن المقابلة، كل السقوف المطروحة لمواجهة مصائب لبنان، فقال وبكل شفافية في الانتخابات الرئاسية “رئاسة الجمهورية مش ترضية، بدي رئيس جدي أو بلاها”، وعندما سألته صبية من تيار “المردة” عن سبب موقفه الرافض لترشيح سليمان فرنجيه أجاب بصراحة متناهية: “إذا وصل سليمان فرنجيه للرئاسة فالكلمة الأخيرة ستكون للثنائي الشيعي وبالتالي رح نبقى مطرحنا”، ثم أضاف: “سليمان فرنجية يعتقد أن لبنان لن يقوم إلا بالتنسيق مع النظام السوري لكن أنا متأكد أنو ما حدا خرب لبنان قد النظام السوري”.

ضحك جعجع كثيرًا عند اتهام الممانعين له بـ”ا.ل.ص.ه.ي.و.ن.ي”، إذ يعرف أن هؤلاء لا يحملون في جعبتهم الا اتهام الوطنيين اللبنانيين الحقيقيين، وعندما سُئل عن عجز المسيحيين في تغيير تركيبة النظام الحالية، بدا وكأنه غضب وأجاب بحدة: “من يظن أن تغيير تركيبة الدولة لا يناسب المسيحيين لأنهم ضعفاء هو مخطئ جدًا، فنحن لا نزال كما كنا منذ آلاف السنين وهيك رح نبقى”.

جدد جعجع رفضه المطلق للحوار “الحوار الفعلي شيء والتظاهر بالحوار شيء آخر. نحن نرفض أن نضيّع وقت الناس بحوار غير جدّي، صرنا عاملين 10 ألاف حوار بلبنان وجميعها لم يثمر”، وعندما سئل لماذا لا يطرح مشروع الفيدرالية أجاب بهدوء بالغ “الفدرالية تغيير جذري ولا يمكن طرحه من دون التنسيق مع الأفرقاء الأخرين في البلد”، وعن اتهامه بتقسيم البلد ضحك بسخرية “نحن نرفض التقسيم ونؤمن بلبنان بحدوده الحالية”، مشددًا على ضرورة تغيير تركيبة الدولة لأنها “مش شغّالة” كما قال، وأعلن “حاولنا كثيراً أن نعالج الثغرات ولم ننجح، وبالتالي علينا اليوم البحث عن تركيبة أخرى للدولة، فلا يجوز أن نترك المواطن اللبناني في هكذا تركيبة”.

لم يتردد جعجع بالإعلان بأنه “إذا كان مرشحنا الرئاسي لا يستفز ح.ز.ب.ا.ل.ل.ه فشو بدنا فيه؟” وضج الاستوديو بالتصفيق، ثم اضاف “رئاسة الجمهورية ليست تسوية أو شيخ صلح، مرشحنا اليوم جهاد أزعور، ونحن نعرف كيف نمنع وصول مرشح ح.ز.ب.ا.ل.ل.ه لرئاسة الجمهورية”. كان واضحًا أنه ومنذ انطلاقة المقابلة وحتى نهايتها، ركّز على دور الحزب التدميري للكيان اللبناني، “ح.ز.ب.ا.ل.ل.ه هو أكبر مشكلة يواجهها لبنان في المرحلة الحالية، وكثر حاولوا معالجتها ولا نزال في نفس المشكلة”.

ولما انتهت المقابلة، وحتى لحظة كتابة هذه السطور، كانت صفحات الممانعين تضج بالانتقادات الحادة وحملات التخوين، لرجل يزعجهم دائمًا، اذ يرمي في أحضانهم الحقيقة المرّة كما هي من دون رتوش، فلا يجدون سبيلًا للمواجهة سوىإاعلان حروبهم الالكترونية الحاقدة. في اختصار كان جعجع مشاكسًا في المقابلة، إذ أوجعتهم أجوبته، لأنه من جديد عرّى حقيقة “ح.ز.ب.ا.ل.ل.ه” وكل من يدور في فلكه، وهذا ما يحتاجه اللبنانيون، الحقيقة المشاكسة ولا شيء سواها.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل