على الرغم من المساعي التي قام بها حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري لإقناع مجلس النواب بتحمّل مسؤوليّاته في تحديد سعر سحب الدولار الأميركي من المصارف، والمتعارَف عليه بمُسمّى “دولار المصارف”، انتهت جلسات مجلس النواب لمناقشة وإقرار موازنة العام 2024 من دون أن يتحقق المبتغى.
مصدر نيابي يكشف لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني أن “مجلس النواب لن يُقرّ أموراً مجتزأة، إذ إن كل ما يتعلق بمسألة الودائع سيُقَرّ ضمن ثلاثة قوانين “الانتظام المالي”، و”إعادة هيكلة المصارف”، والـ”كابيتال كونترول”، ويُضيف: من هذا المنطلق، إن أي إجراء جزئي أو موقّت يبقى من مسؤولية الحكومة ووزارة المال، ومصرف لبنان.
هذا الموضوع أثار إشكالية غياب سعر الصرف الموحَّد في الموازنة العامة وظهور ما يُسمّى بـ”دولار الموازنة”. وهنا يقول رئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي نسيب غبريل إن “موضوع سعر صرف دولار سحوبات الودائع من المصارف، دونه ضجيج، ومزايدات… في حين أنه سبق وقرّر ذلك عبر تحديد سعر صرف منصّة “صيرفة” قبل تعليق العمل بها، بـ89،500 ليرة، ما ساعد في تعزيز إيرادات الخزينة”.
ويشير في حديث لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني إلى أن “مسألة غياب سعر الصرف الموحَّد في الموازنة، ويعتبر أن “الكلام عن وجوب أن يكون هناك سعر صرف موحَّد للموازنة، هو مصطلح غير دقيق ومضلِّل، وذلك لسبَبين: أولاً، ليست الموازنة التي تضع سعر صرف موحَّد. ثانياً: تحديد سعر الصرف المحتسَب للإيرادات التي هي أساس الموازنة. وقد لاحظنا قبل الموازنة في نهاية العام 2022 ومطلع العام 2023 أن وزارة المال عدّلت سعر صرف الدولار الجمركي مرات عدة، ما أدّى إلى زيادة إيرادات الخزينة”.
ويتابع: كما أن مصرف لبنان عدَّل سعر صرف منصّة “صيرفة” من 85،500 ليرة إلى 89،500 ليرة وكانت فواتير الكهرباء والاتصالات وغيرها آنذاك، تُحتَسَب وفق سعر صرف 85،500 ليرة. وعندما عدّل مصرف لبنان السعر، أصبحت تُحتَسَب وفق سعر 89،500 ليرة، أي بزيادة 10%، الأمر الذي يساعد على زيادة إيرادات الخزينة أيضاً.
ويعتبر أن “انتظار أن تحدّد الموازنة العامة سعر الصرف الموحّد، أمر غير سليم وغير صحيح…ومَن يفتّش عن سعر صرف رسمي في الموازنة تمهيداً لتوحيد سعر صرف الدولار أو تغيير سعر صرف السحوبات المصرفية، عليه أن يبحث عن القرار في مكانٍ آخر، وليس في الموازنة”، ويؤكد في هذا الإطار أن “مصرف لبنان لا ينتظر الموازنة العامة كي يقرّر أي سعر صرف للدولار سيعتمد. فالبنك المركزي نجح في تحقيق استقرار سعر الصرف عند سقف 89،500 ليرة، وفي العام 2023 استطاع سحب 22 تريليون ليرة من السوق وخفّض الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية بنسبة 28%، ويوجد اليوم في السوق كتلة نقدية بالليرة توازي تقريباً 650 مليون دولار…”، ويقول إن “مصرف لبنان قادر إن شَعر بأي ضرورة لذلك، أن يسحب من هذه الكتلة النقدية… كما أنه استطاع زيادة احتياطيه بالعملات الأجنبية منذ آخر تموز 2023 لغاية منتصف الشهر الحالي بـ750 مليون دولار أميركي”.
ولم يغفل الإشارة إلى “إقرار دفع ضرائب بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف يحدّده مصرف لبنان، وهناك جزء من الضرائب يُدفَع مباشرةً بالعملات الأجنبية… وهذا مثال على ضرائب بالليرة وفق سعر صرف يحدّده مصرف لبنان، ما يدلّ إلى عدم وجود سعر صرف موحَّد للموازنة!”.
ويرى أن “دولار الموازنة يُحدث ضجة كبيرة من دون أي أساس منطقي… إذ لا شيء يُسمّى دولار الموازنة، أو سعر صرف الموازنة. النفقات شيء والإيرادات شيء، حتى أن الأخيرة لا يزال لديها سعرَي صرف للدولار!”.