كلو بيحكي فارسي الا بكركي بتحكي صح!!

حجم الخط
الصرح البطريركي - بكركي
الصرح البطريركي – بكركي

عندما يتعلّق الأمر ببكركي تتبدّل كل الصور. لكل احتلال بطريرك”، هاشتاغ كان أطلقه منذ فترة ناشطون سياديون، عبر منصات التواصل الاجتماعي، ردًا على هجومات متواصلة لمن يطلقون على أنفسهم صفة “ممانعين”، وهم من بيئة “ح.ز.ب.ا.ل.ل.ه” الحاضنة لهؤلاء، إضافة الى بعض الحلفاء المسيحيين للأسف، في محاولة للنيل من دور البطريركية المارونية عمومًا، ودور الكنيسة التاريخي وبكركي في صنع استقلال وسيادة لبنان.

الحملات على البطاركة الموارنة أي بكركي تحديدًا، أضف إليهم حديثًا المطران الياس عودة، ليست جديدة، وتجلّت بأبهى حلتها خصوصًا مع بطل الاستقلال الثاني البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، وصولًا الى البطريرك بشارة الراعي، الذي لم تتردد تلك البيئة بإلباسه بدلة الجندي الإسرائيلي للدلالة بأنه عميل ص.ه.ي.و.ن.ي، لمجرد أنه طالب بثقافة الحياة لعائلاتنا ورفض ثقافة الموت ودعا الى إنهاء الحروب العبثية التي لم تؤد إلّا الى انتصارات وهمية. وهنا نسأل، ما دور البطاركة الموارنة عبر التاريخ؟ كلنا نعرف دورها ونضالها ومقاوماتها، وتحديدًا تلك البيئة ا.ل.م.م.ا.ن.ع.ة التي تعي تمامًا ما كان دورهم وما فعلوه، وبأنهم أبطال الاستقلال عبر العصور، ولذلك يتنكّرون ويهاجمون ويخوِنون، وهم يعيشون في ظل ذاك الاستقلال وتلك السيادة وذاك العنفوان! هي مفارقة غريبة في تاريخ الوطن.

يعرفون ونعرف، أن من جبّة بكركي والكنيسة المارونية خرج الكيان اللبناني، هي حقيقة تاريخية لا لبس فيها. منذ البطريرك الياس الحويك الذي صنع لبنان بكيانه الحالي ورفض استثناء أي طائفة عبر تقسيم البلاد، داعيًا الى عيش مشترك للطوائف كافة، فكان بطل ميلاد دولة لبنان الكبير العام 1920. ومع ذلك لم يسلم حتى اللحظة من انتقادات أحزاب يسارية بائدة لا تاريخ نضالي لها، ولا حاضرًا مشرفًا في النضال اللبناني الحقيقي، من دون أن نسقط من تاريخ الموارنة المقاوم، دور أبطال آخرين مثل رجالات بكركي في الجبهة اللبنانية، أولئك السياديين الذين ساهموا بشكل مباشر ببقاء لبنان الكيان.

مع البطريرك صفير كان ميلاد الاستقلال الثاني، وكلنا يعرف الحكاية التي عشنا تفاصيلها يومًا بعد يوم، فكان نداء المطارنة الموارنة الذي انطلق مدويًا من بكركي، وكانت مصالحة الجبل التاريخية، وكانت ثورة الأرز وكان جلاء الاحتلال السوري عن لبنان، ومع ذلك تعرّض البطريرك الشهير بعنفوانه وبعبارة “لقد قلنا ما قلناه”، على أثر رفضه زيارة سوريا، لأقسى الحملات التخوينية حتى من بعض الموارنة المتعاملين مع سوريا آنذاك، ولا يزال حتى اللحظة، لكن البطريرك ارتفع ومعه كرامة وسيادة لبنان، وانحدر المنتقدون الى قعر العمالة للغريب، وصاروا لعنة التاريخ والأحرار الشرفاء في أرض ا.ل.ش.ه.د.ا.ء والقديسين.

لم يتغيّر الوضع مع البطريرك السابع والسبعون للبنان وسائر المشرق، الذي دعا للشراكة التامة ما بين الطوائف، كما دعا لحياد لبنان عن كل ما يحيط به من صراعات عربية واقليمية، والذي يواجه سطوة الاحتلال الايراني وعملائه في لبنان، محاولًا القيام بما قام به أسلافه لناحية الدعوة الى التعايش بين الطوائف رافضًا منطق ا.ل.ح.ر.ب، وخصوصًا ما يجري الآن في جنوب لبنان، منتقدا ثقافة الموت خصوصًا في ظل انتصارات وهمية أغرقت لبنان بالحروب والويلات. هذا دور بكركي والكنيسة وهذه قيمة من قيم نضالها التاريخي لأجل الحفظ على الكيان، ولذلك يشن ممانعون ومحتلون وعملاء حروبهم العبثية على دور الكنيسة الفعال في لبنان.

المقاومة، النضال، هذا دور بكركي عبر التاريخ، ومن جبّة بكركي خرج نضال الموارنة، ومن تلك الأديرة والمغاور المغروزة في وعر جبال لبنان، خرج أبطال الكنيسة المقاومين للاحتلالات المتعاقبة، ليصنعوا من المستحيل أبطالًا واستقلالات ومدارس ومعاهد وصروحًا علمية ثقافية إنسانية صنعت مجد لبنان وتاريخه العريق، من دون التمييز بين الطوائف، فمن عمل لأجل لبنان حر مستقل، هو مسيحي ومسلم في آن واحد، هذه كانت رسالة بكركي وهكذا ستبقى، ونعلم جميعًا، وخصوصًا البيئة الحاضنة تلك أنه “من عركي لعركي لا زيتا ولا نورا شح، كلن عم يحكوا تركي إلا بكركي بتحكي صح”، وبكركي الآن كما كل لبنان، تواجه من يحكي إيراني ولن ينطفىء سراجها، ولا زيتها سيشحّ، هكذا يقول التاريخ والحاضر وأيضًا المستقبل.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل