“القوات” العصية على الإلغاء

حجم الخط

القوات اللبنانية - كشافة الحرية

محاولات القضاء على كل من يحاول السير بلبنان قدمًا نحو بناء الدولة والجمهورية القوية، من عمر قيام لبنان. فمنذ إنشاء الجبهة اللبنانية وسهام الإلغاء تطال شخصياتها. هذا النهج انتقل ليطال “القوات اللبنانية” التي لم تكن طريقها مفروشة بالورود يومًا. لكن محاولات الإلغاء الكثيرة التي تعرّضت لها القوات، لم تزدها إلا إيمانًا بقضيتها وتشبثًا بالحق والحقيقة.

“نحنا كعسكر، مطلوب منّا، خلال شهر كانون الثاني، جهوزية كاملة لعتادنا، بدنا نبلغ بـ 31 كانون الثاني، أفضل درجة جهوزية بتاريخ حياتنا العسكرية، عتادًا وأفرادًا ونفسيًا، كلن هودي بدنا نحققن هلقتني ونعمل إعادة نظر فين خلال هالشهر هّيدا، وتكنيس الفخار المكسر، الساقط، يلي بيسموه بالإنكليزي، الـEstablishment، بكل أنواعو وبكل مؤسساتو، الكانت رسمية أو غير رسمية”. العماد ميشال عون في 28 كانون الأول 1989، في استقباله لضباط القيادة لتهنئته بعيد الميلاد.

إنه الزمن الذي تشعر فيه بأن الحقائق تتشوه من حولك، وتُقلَب لتصبح أكاذيب. نقرأ في التاريخ كثيراً من الأحداث التي ما زالت تأخذ مجالًا كبيرًا من الجدل والنقاش حول صحتها أو صحة بعض الروايات حولها، وكنا نتساءل كيف لم يستطع أي من مؤرخي ذلك الزمان أو هذا الزمان ضبطها أو ضبط الرواية الصحيحة لها؟

اليوم نعيش أحداثًا نراها ونعاينها بأشخاصنا وذاكراتنا، ثم نتلفت يمنة ويسرة فنرى الحقائق أو بعضها تتبدل، إذ يصبح “الضحية جلادًا والجلاد ضحية”.

هذا تمامًا ما عاشته المقاومة اللبنانية المتمثلة أولًا بأحزاب الجبهة اللبنانية ولاحقًا بـ”القوات اللبنانية” من محاولات الإلغاء تارةً بالعزل والتخوين والتصفية، وأطوارًا أخرى بالحسم السياسي والعسكري منذ سبيعينيات القرن الماضي وصولًا الى اليوم في القرن الواحد والعشرين.

لم يكتفِ المتربصون شرًّا بالافتراءات والاتهامات بل عمدوا بالمباشر وبالاستعانة بالقريب والغريب للانقضاض والقضاء على تلك المقاومة خدمة لمصالح العدو وتقريشًا لها في المصالح الشخصية لبعض المتربصين المُمتطين لحصان طروادة أو للمُمتَطى نفسه سواء كان يعلم أو لا يعلم.

لا ينسى المرء كيف كانت “الخطط” ذات الظاهر الأمني السياسي تحمل في أبعادها نوايا الإلغاء والإضعاف في السبعينيات كما في الثمانينيات وفي تطبيقها عسكريًا وبالقوة بإعلان الإلغاء العلني في التسعينيات حربًا ولو غلفها صاحبها بشعار عاد وطعنه في ورقة تفاهمه مع “ح.ز.ب.ا.ل.ل.ه” في 6 شباط من العام 2006 باعتباره “س.ل.ا.ح. الوسيلة المقدسة”، إذ ادّعى في 30 كانون الثاني 1990 عشية شنه ل.ح.ر.ب الإلغاء: “ما في هويات عسكرية إلا هوية الجيش اللبناني، ما رح نخلّي برودة خارج هالإطار هيدا”.

ناهيك عن الاعتقالات والحل وا.ل.ا.غ.ت.ي.ا.ل.ا.ت بحق القوات وقيادتها وقيادييها التي تلت تلك الحرب.

قد يكرر نفس اللاعبين ما قاموا به سابقًا بحق “القوات” وقد يتبدل اللاعبون وهوياتهم وجنسياتهم وطريقة لعبهم بمصير الوطن والمواطنين للنيل من خصومهم ومعرقلي خططهم الجهنمية التدميرية التوسعية وأطماعهم ومشاريعهم الكبرى والتي لا تمت للمصلحة الوطنية اللبنانية بأي صلة.

لم تكن 31 كانون الثاني 1990 المحاولة الأولى لإلغاء “القوات اللبنانية” ولم يكن تاريخ 23 آذار 1994 المحاولة الأولى لحل القوات وانهائها، كما لم يكن 21 نيسان 1994 المحاولة الأولى لإنهاء رئيس القوات بالروح وبالجسد كمحاولة ا.غ.ت.ي.ا.ل.ه الجسدي مثلًا في 4 نيسان 2012، ولن يكون ما “يبيّت” الآن من خطط ومؤامرات وتشويهات وأضاليل أقل خطورة من حروب الإلغاء ومحاولات التصفية السابقة. فالمؤامرة على القوات ورئيسها مستمرة والمتآمرون للأسف كثر.

أثبت رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في إطلالته الأخيرة في 25 كانون الثاني من العام 2023 وبعد مرور 33 عامًا على محاولة الإلغاء في 1990، أن الرسوخ على الثوابت والمبادئ والوضوح في المواقف والجرأة في المواجهة هي أسباب موجبة للخصوم والأعداء على استمرار وضع القوات وقيادتها وقيادييها في مرمى النيران، وهدفًا للإلغاء والتصفية، وطبعًا كما لم تثن القوات سابقًا كل محاولات التطويق والتطويع والإلغاء وا.ل.ا.غ.ت.ي.ا.ل لن تثنيها تكرارها اليوم كما هو ظاهر وواضح للعيان.

وهنا نستخلص من مذكرات البطريرك مار نصرالله بطرس صفير ونقرأ ما قاله عن سجن رئيس القوات: “في الأساس، جعجع كان الهدف لدى السوريين والعقبة التي كانت تعترض طريقهم للسيطرة الكاملة على لبنان، فبوجود جعجع وقوّاته اللبنانيّة عجز السوريون عن السيطرة على المسيحيين، لذا وبعد تشاور السوري مع عملائه المسيحيين في الداخل، كان الخيار الوحيد هو اعتقاله، كون ا.غ.ت.ي.ا.ل.ه سيُشكّل لهم مشكلة أكبر مع المسيحيين، بسبب أنَّ التنظيم القوّاتي كان قادراً على المواجهة رغم تسليم ا.ل.س.ل.ا.ح”. كما تحدّث البطريرك صفير عن المخطط السوري الذي تمّ بالتّنسيق مع بعض المسيحيين للتخلّص من جعجع عبر رفع الغطاء المسيحي عنه: “أرادوا أن يُعرقلوا أيّ محاولة التفاف مسيحي حول اعتقال جعجع ومنع خلق قضية من ذلك، فقاموا عبر رموزهم الأمنية ب.ت.ف.ج.ي.ر كنيسة سيدة النجاة وبشنّ حملة إعلاميّة مركّزة وبإطلاق سلسلة شائعات واسعة بحقّ جعجع، وكان ما كان”.​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل