خاص – عن لبنان وغزة والتسوية مع إسرائيل.. لا أثمان لـ”الحز.ب”

حجم الخط

إسرائيل

تتواتر المعلومات المنقولة عن مصادر دبلوماسية مختلفة حول قرب التوصل إلى هدنة في غزة بين إسرائيل و”حركة. ح”. وبالتزامن، تكثر التساؤلات في الجانب اللبناني عّما إذا كانت الهدنة في غزة، بحال إنجازها، ستنسحب على الوضع المشتعل على الحدود الجنوبية بين “الحز.ب” وإسرائيل بحيث تتوقف أيضاً الإشتباكات بين الجانبين. هذا علماً أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت هدّد بالاستمرار في اطلاق النار على الجبهة الشمالية، أي الحدود الجنوبية اللبنانية، حتى لو تم التوصل الى تسوية في غزة، وقال إن إسرائيل ستوسع عملياتها العسكرية وتعمّقها لإزالة تهديد “الحز.ب” ما لم يعمل المجتمع الدولي ولبنان على إزالته، وأنه أبلغ المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين أن لبنان مسؤول عن الإرهاب الذي ينطلق من أراضيه.

الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي، يقول: “لا شك أنه عشية دخول حرب غزة شهرها الخامس يتّضح أنها بدأت تعطي مفاعيلها الحقيقية، سواء استمرت أسابيع أخرى بعد الهدنة المتوقعة أو كانت هذه الهدنة تمهيداً لوقف شامل لإطلاق النار”، لافتاً إلى أن “الترتيبات التي يتم بحثها ورسمها في الغرف المقفلة على المستوى الدولي، وصلت إلى تصوّر أوليّ للتسوية الكبرى أو الحل الشامل لمسألة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ومنه إلى مستوى أوسع نحو الشرق الأوسط، في ترتيبات تعيد رسم الخرائط السياسية والتوازنات التي اختلّت كثيراً بعد توسّع النفوذ الإيراني في السنوات الأخيرة في دول عربية عدة”.

الزغبي يشير في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “المسألة مطروحة على مستويين: فلسطيني إسرائيلي مضبوط وشرق أوسطي أوسع. أي ما بين الدول الكبرى في الشرق الأوسط وبينها إيران وطبعاً السعودية ومصر وربما تركيا وتحت رعاية دولية متنوعة بين أوروبا والولايات المتحدة، من دون أن نغفل متابعة لهذه الترتيبات من قبل موسكو وبكين”.

يضيف: “المسألة إذاً باتت في خواتيمها قبل إعلان هذه الترتيبات أو التسويات وسيكون أبرزها البحث الجدي عن إقامة دولتين، إسرائيل وفلسطين، على الرغم من وجود رفضين لصيغة الدولتين: من اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو ومن النظام الإيراني أيضاً. هذا مع أن إيران وافقت على صيغة الدولتين في القمة العربية الإسلامية الموسعة الأخيرة في الرياض، لكن موافقتها ظلّت في الإطار النظري بينما هي عملياً لم تعلن رسمياً أنها مع هذه الصيغة، لكن الأمور تتجه نحو هذا الاتجاه”.

يتابع: “ذلك سيؤدي طبعاً إلى جعل الحرب الدائرة حتى الآن حرباً أخيرة تحت اسم القضية الفلسطينية لأن هناك خرائط يتم رسمها، جغرافياً وسياسياً وحتى ديموغرافياً، لحلّ هذه المسألة بشكل مستدام وليس على الطريقة التي تمت منذ العام 1948 إلى اليوم، أي تسويات موضعية محدودة سواء من كامب ديفيد إلى وادي عربة إلى اتفاق أوسلو وما إلى ذلك، فنحن الآن بصدد رعاية دولية لحلّ مستدام لهذا الصراع المزمن”.

الزغبي يرى، أنه “حين تحين ساعة حلّ هذا الصراع أو إيجاد تسوية دائمة له سينعكس ذلك طبعاً على الوضع اللبناني، من دون أن يكون هناك ربط مباشر كما يفعل “الحز.ب” أو إيران بين الوضع اللبناني عموماً والوضع الجنوبي خصوصاً وبين الحرب في غزة، فهناك تفكيك واضح من قبل المجتمع الدولي لهذه العقدة التي تربط مسار حرب إسرائيل على غزة بمسار الواقع اللبناني”.

“لذلك فإن “الحز.ب”، وفق الزغبي، وطبعاً بتوجيه من مرجعيتة الإيرانية، يدرك أن التسوية تسلك طريقها الصحيح وسترتد على الوضع اللبناني بشكل واضح من دون ربط وضع الجنوب بالداخل السياسي اللبناني، أي من دون دفع أثمان للترتيبات التي سيوافق عليها “الحزب” على أساس القاعدة المعروفة “مجبر أخوك لا بطل”. فـ”الحز.ب” سيكون مجبراً على السير والالتزام بهذه الترتيبات، سواء التي يسعى إلى وضعها هوكشتاين، أو القوى الدولية الأخرى وتحديداً بين فرنسا وإنكلترا، وما يقوم به العرب خصوصاً في 3 مواقع على الأقل أي الرياض والدوحة والقاهرة”.

وفق الزغبي، “كل هذا سيؤدي حُكماً إلى ترتيب الوضع اللبناني لكن ليس في مدى الأسابيع القليلة المقبلة بل ربما على المدى المتوسط، وإلى نوع من احتواء وظيفة “الحز.ب” وسلاحه تحديداً في لبنان، طالما أن الوظائف الإيرانية الأوسع والأشمل دخلت الآن مرحلة الانحسار. وهذا ما نلاحظه في سوريا من خلال سحب الضباط الإيرانيين الكبار، أو من خلال لجم ردود الفعل على الضربات الأميركية الأخيرة، ووضوح انكفاء إيران عن الدخول في حرب واسعة”.

يضيف: “كل هذا الانكفاء الإيراني والمرشح للتطور أكثر في الأسابيع المقبلة سينعكس على الذراع الأولى لإيران في المنطقة، أي “الحز.ب”، الذي شئنا أم أبينا بات في مأزق الآن ما بين عقيدته وواقعه، أي بين فرائض عقيدته ونقائض الواقع الذي يعيشه، خصوصاً أنه يعاني من ارتداد مسألة نزوح عشرات آلاف الجنوبيين من القرى الأمامية، وهذا ثقل معنوي ومادي وسياسي كبير على “الحزب”.

الزغبي يعتبر، أنه “لكل هذه العوامل، “الحزب” مجبر على مدِّ الكفِّ الناعمة بالنسبة للحلول أو الترتيبات التي سيحملها هوكشتاين، وكذلك على الرضوخ لمبدأ الفصل ما بين وضع الجنوب وما بين الاستحقاق الرئاسي اللبناني. فلا أثمان تُدفع للحزب وللممانعة في الوضع السياسي اللبناني الرئاسي، طالما أن الأثمان الإيرانية الأوسع في المنطقة هي بطور الانحسار وليس التمدّد. بمعنى أن ما حققته إيران في السنوات الماضية من نفوذ وأثمان قبضتها، هي الآن دخلت مرحلة دفع الأثمان، ولو بطريقة جزئية أو بطيئة في المدى المنظور”.

“لذلك، كل هذه الشبكة من الوضع الإقليمي، والعربي واللبناني، كما في إسرائيل سيكون له انعكاس إيجابي في تقديري على الوضع اللبناني، خصوصاً في مسألة إعادة تشكيل السلطة اللبنانية”، يختم الزغبي.​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل