تتكثف الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إيجاد الحلول المناسبة لجبهة الجنوب بعيداً عن لغة الآلة العسكرية وآثارها المدمرة على لبنان، ما يطرح السؤال التالي، لماذا كل هذه الجهود والإصرار الدولي والاهتمام بجبهة الجنوب التي أصبحت من ضمن أولويات الموفدين الدبلوماسيين الأوروبيين والأميركيين، وخصوصاً الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الذي يقوم بتحركات مكوكية من أجل التهدئة وعودة الهدوء إلى شمال إسرائيل وجنوب لبنان عبر تطبيق القرار 1701.
بعيداً عن الطروحات الحالية، وإمكانية نجاحها، وقبول الطرفين اللبناني والإسرائيلي بما يتم طرحه من بنود، تؤكد مصادر مقربة من الإدارة الأميركية أن تكثيف الجهود الدبلوماسية أتى نتيجة مشاورات مسبقة وجولات لمسؤولين أميركيين في إسرائيل عقب الحرب الدائرة بين إسرائيل و”حركة .ح”، تلك الحرب التي خلّفت دماراً هائلاً في قطاع غزة لم يشهد له مثيل خلال الحروب السابقة التي شنتها إسرائيل على القطاع.
تضيف المصادر ذاتها لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “جولات الموفدين الأميركيين منذ اللحظة الأولى على اندلاع الحرب، كانت بهدف تهدئة الأوضاع على الجبهات الأخرى كجنوب لبنان وسوريا تلك البلدان التي لديها حدود مع إسرائيل، وكانت نوايا واشنطن واضحة بعدم توسيع رقعة الحرب، إلا أن طهران على الرغم من إعلانها مراراً بأنها لا تريد توسيع دائرة الصراع، أعطت الأوامر لقواتها في المنطقة وخصوصاً في لبنان عن طريق “الحز.ب” بفتح جبهة الجنوب، ما استدعى تدخل واشنطن والعمل من أجل التقليل من سخونة جبهة الجنوب التي وإن اشتعلت ستحرق بنيرانها لبنان”.
تؤكد المصادر أن واشنطن لمست عبر موفديها إلى إسرائيل، نية إسرائيلية ولغة صارمة ورغبة حقيقية بضرب لبنان في حال لم ينسحب “الحز.ب” إلى ما وراء الليطاني، وبحسب ما نقله الموفدين الأميركيين عن لسان المسؤولين الإسرائيليين، أن “إسرائيل لن تسمح بعد اليوم بأي عملية تشبه عملية 7 تشرين الأول التي قامت بها حركة.ح، ولن تقبل بأن يقوم الحز.ب بهكذا عملية، بالتالي، على المجتمع الدولي التحرك من أجل تطبيق القرار 1701، وبسرعة، وإلا ستضطر إسرائيل إلى تنفيذه بالقوة، أو على الأقل فرض واقع جديد في جنوب لبنان، يجبر “الحز.ب” على التراجع إلى ما وراء الليطاني، لكن مثل هذا الخيار، سيكون مكلفاً وباهظاً بالنسبة للبنان وإسرائيل، لكن لبنان لا يتحمل تبعات الحرب في حال قامت إسرائيل بضربة عسكرية واسعة لضمان الأمن لسكان شمال إسرائيل.
ووفقاً لكافة المعطيات والمعلومات التي جمعتها واشنطن من خلال جولات موفديها إلى إسرائيل، تقول المصادر، “من هنا أتت الفكرة بقيام مبادرة ترعاها واشنطن عبر هوكشتاين، من أجل إيجاد الحلول الدبلوماسية للازمة وتطبيق القرار 1701 من دون اللجوء إلى القوة، وبما أن أميركا مقبلة على انتخابات رئاسية، اعتبرت إسرائيل أن أميركا ليس لديها الكثير من الوقت لإيجاد الحل المناسب، لذلك أعطت مهلة محددة لنجاح الحل الدبلوماسي وإلا ستتصرف وفقاً لمصلحة أمنها القومي، واليوم هناك صراع مع الوقت بين الحل الدبلوماسي والعسكري، وعلى الموفدين القيام بجهود جبارة وإزالة العقبات والعراقيل وهي كثيرة من أجل نجاح مهمة هوكشتاين، وإلا لا احد يرغب باندلاع حرب بين إسرائيل ولبنان، خصوصاً أن هناك عراقيل كانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا، على أمل أن تجد الحلول الدبلوماسية طريقها إلى النجاح بما فيه مصلحة للبنان وشعبه.
اقرأ أيضاً: