بعد موقفه الأخير من الناتو.. ترامب يحيي المخاوف الأوروبية

حجم الخط

دونالد ترامب، خلال فترة رئاسته للولايات المتحدة من 2017 إلى 2021، كان معروفًا بمواقفه النقدية والمثيرة للجدل تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو). أسلوب ترامب غير التقليدي في الدبلوماسية وتصريحاته العلنية أدت إلى إثارة النقاش حول دور الولايات المتحدة في الحلف والتزاماتها تجاه الدول الأعضاء.

دونالد ترامب، الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري الحالي، أثار استياء وقلقاً في أوروبا بعد أن أعلن أنه “في حال عودته لرئاسة الولايات المتحدة، لن يدافع عن الدول الأعضاء في حلف الناتو التي لا تساهم بنسبة كافية من ميزانيتها في الجانب الدفاعي. وأضاف ترامب بشكل استفزازي أنه سيدعم روسيا في مهاجمة هذه الدول”.

خلال تجمع انتخابي في ساوث كارولينا يوم السبت، تحدث ترامب عن “تعليقاته السابقة لعضو في حلف الناتو حين كان في الرئاسة”، مؤكداً أنه “سيدعم روسيا في حال عدم دفع الدول لنفقاتها الدفاعية. وقال: “إن لم تدفع، فأنت جانح، ولن أحميك. بل سأشجعهم [الروس] على فعل ما يريدون. يجب عليك دفع فواتيرك”.

هذه التصريحات، التي استمرت لمدة 25 ثانية فقط، أثارت جدلاً واسعاً، وفقاً لـ”واشنطن بوست” الأميركية، واعتُبرت من بين التصريحات “الأكثر إثارة للجدل” بخصوص الناتو من قبل رئيس أميركي سابق. وأظهرت استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة أن ترامب يتقدم بفارق كبير عن نيكي هايلي، السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة، في سباق ترشيح الحزب الجمهوري.

من ناحيته، دافع جيسون ميلر، كبير مستشاري ترامب، عن الرئيس السابق، مشيراً إلى أن “ترامب دفع حلفاء الناتو لزيادة إنفاقهم الدفاعي، في حين سمح جو بايدن لهم بالاستفادة من أموال دافعي الضرائب الأميركيين مرة أخرى”.

ووفقاً لـ”واشنطن بوست”، اعتبر بعض السياسيين الأوروبيين تصريحات ترامب كـ”تهديد أمني” للقارة. وحذر ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف الناتو، من أن أي تلميح بأن الحلفاء لن يدافعوا عن بعضهم البعض يهدد الأمن العام.

جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، أكد يوم الاثنين أن “الحلف لا يمكن أن يكون تحالفاً عسكرياً”.

وأضاف بحسب ما نقلت الصحيفة الأميركية: “يجب على الجميع مشاهدة هذا المقطع لترامب، وأن يدركوا أن أوروبا ربما لن يكون أمامها خيار سوى الدفاع عن نفسها. علينا أن نتعامل مع هذا الوضع لأنه أي شيء آخر سيكون بمثابة استسلام وتخلي عن الذات”.

وبحسب وكالة أسوشيتد برس، فإن “تصريحات ترامب أثارت قلقا عميقا في بولندا، التي كانت لقرون تحت السيطرة الروسية، وفي ظل المخاوف بشأن الحرب الدائرة قرب حدودها مع أوكرانيا”.

وقال رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، الأحد: “هناك حرب ساخنة على حدودنا”، مضيفًا أن لديه مخاوف بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستظهر “تضامنا كاملا مع دول الناتو الأخرى في هذه المواجهة التي من المتوقع أن تستمر لفترة طويلة مع روسيا”.

وكانت دول الحلف قد تعهدت عام 2014، بالتحرك نحو إنفاق 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2024.

ووفقا لتقديرات الناتو في أوائل عام 2023، كانت 10 من دوله الأعضاء الثلاثين في ذلك الوقت قريبة أو أعلى من هذا المعدل من الإنفاق، في حين كانت 13 دولة تنفق 1.5 بالمئة أو أقل.

وأشار العديد من الدبلوماسيين الذين حضروا قمة حلف الناتو عام 2018، من بينهم كبار مستشاري ترامب، أن تهديداته حينذاك “كانت أخف بكثير من تصريحاته في خطاب السبت”، بحسب واشنطن بوست.

ومثلت تعليقات ترامب على وجه الخصوص قلقا لدول خط المواجهة في الناتو، مثل بولندا وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، والتي كانت إما تحت سيطرة موسكو أو تم دمجها بالكامل في الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، وفق أسوشيتد برس.

وترتفع المخاوف هناك بشكل خاص نظراً للغزو الروسي لأوكرانيا.

وكتب الرئيس البولندي أندريه دودا، والذي كان يُنظر إليه على أنه صديق لترامب خلال فترة رئاسته، على موقع “إكس” إن التحالف البولندي الأميركي يجب أن يكون قويا “بغض النظر عمن يتولى السلطة حاليا في بولندا والولايات المتحدة”.

وحذر: “إن الإساءة إلى نصف المشهد السياسي الأميركي لا يخدم مصالحنا الاقتصادية ولا أمن بولندا”.

ونقلت “واشنطن بوست”، عن ماركو ميكلسون، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في برلمان إستونيا التي تقع في بحر البلطيق ولديها حدود مع روسيا، قوله إن تصريحات ترامب “لا تفاجئه للأسف”. وتابع: “لسوء الحظ هو أداة مريحة لروسيا بوتين التي تشن حربا ضد الغرب”.

وفي افتتاحيتها الأحد، دعت صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ الألمانية اليومية، الدول الأوروبية إلى إنفاق المزيد على الدفاع”.

وقالت إنه “إذا فاز ترامب بالرئاسة مرة أخرى، فإن تصريحات مثل تلك التي أدلى بها ستزيد من خطر توسيع بوتين لحربه. لا يمكن للأوروبيين سوى أن يفعلوا شيئًا واحدًا لمواجهة ذلك: الاستثمار أخيرًا في أمنهم العسكري بما يتماشى مع خطورة الوضع”.

اقرأ أيضاً: مواقف ترامب من “الناتو”.. وما علاقة المستحقات المالية؟

 

خبر عاجل