“القوات”: الأكثرية المسيحية متماهية مع أغلبية اللبنانيين وإجهاض الدولة يُخلّ بالتوازن الداخلي

حجم الخط

المسيحية

صدر عن الدائرة الاعلامية في حزب القوات اللبنانية “موقف من موقف”:

منذ عام حتّى اليوم، يواصل العديد من أهل الصحافة والاعلام تركيز كتاباتهم وتحليلاتهم على المسيحيين وتحديدًا القادة الموارنة، حيث يقومون بتناول مواقفهم وتحرّكاتهم وتحالفاتهم كما تحميلهم كافّة الموبقات، وكأنّ لا طوائف في البلد إلا المسيحية ولا مسؤولين إلّا لدى الموارنة، فلِمَ لا نقرأ بين تلك النّصوص “ماذا يفعل الشيعة أو السنة أو الدروز؟”.

إنّ المسيحيين في لبنان كما الآخرين، لديهم أحزابهم ومواقفهم وتوجّهاتهم وتحالفاتهم، لكن قد تكون مواقفهم أكثر وضوحًا وطبيعة علاقاتهم بين بعضهم البعض أكثر علانيّة، مقارنةً مع بقيّة الطوائف.

ومن جملة تلك المنشورات، ما كتبه الأستاذ معروف الداعوق في جريدة “اللواء” في ٢٠ شباط ٢٠٢٤، تحت عنوان “تباعد القيادات المارونية داخل الطائفة وخارجها. إختلال التوازن والذهاب إلى التحليل من الآثار المدمّرة للتباعد الداخلي”، حيث تحدّث عن ملاحظته “حالة التباعد والخصومة” القائمة بين القيادات السياسية المارونية.

إنّ التفاهم والتحالف قائمَان بين الأكثرية المسيحية من قوى حزبية وشخصيات مستقلّة، من “القوات” و”الكتائب” و”الأحرار” والمستقلّين، بينما يصحّ الكلام عن التباعد مع التيار الوطني الحر حصرًا لكونه ساهم في إيصال البلد إلى دركٍ سحيق من الانهيار، وهنا يجب أن تُشكَر، لا أن تُلام، هذه القوى على طبيعة العلاقة “التباعدية” مع “التيار” صونًا لمصلحة اللبنانيين، مع العلم أنّ علاقة “الوطني الحر” ليست متباعدة فقط مع كلّ القوى المسيحية بل مع مجمل تلك غير المسيحية.

كما إنّ الكلام عن الخصومة بين القيادات السياسية المارونية، في غير مكانه، كون العلاقة المتينة التي تجمع الأكثرية الساحقة من المسيحيين، وضمنًا القوى الآنفة الذكر، هي على بيّنة من جميع اللبنانيين، والوقائع السياسية والأحداث اليومية تُثبت التناغم المتصاعد والتحالف الوثيق في ما بينها، عدا عن التّماهي المطلق مع بكركي وسيّدها في كلّ المواقف والقرارات.

وفي معرض الاضاءة على “التباعد والخصومة داخل الطوائف”، لا بدّ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، القول أنّه حتى داخل الطائفة الشيعية الخلافات والمماحكات قائمة بين “الثنائي الشيعي”، قيادةً وقاعدةً، لكن الفرق أنّها لا تظهر للعلن.

أمّا الكلام عن “تقوقع وانعزال القيادات المارونية”، فأيضًا يأتي في سياق مناقض للوقائع، كون تواصل “القوات” مع أغلبية القوى النيابية، هو قائم وعلى مرأى من جميع اللبنانيين، وما النجاح في تأجيل تسريح القيادات العسكرية والأمنية بعد التشاور مع أغلبية الكتل النيابية ورئيس مجلس النواب، سوى دليل على ذلك. وهنا يُطرح الاستفهام التالي: أين هي العلاقات التي يملكها حزب الله مع بقية القوى اللبنانية، مثلًا؟ حتّى مع “التيار” خسر “علاقته المصلحيّة”. فلِمَ لا يتمّ تناول علاقات بقيّة القوى؟ ما طبيعتها وما مداها؟ وبِمَ تفرق عن علاقات القوى المسيحية كي يتم رجم هذه الأخيرة بتهمتيّ التقوقع والانعزالية؟

لذا وبناءً على ما تقدّم، لا يصحّ الكلام بتاتًا عن أنّ “رئيس حزب القوات سمير جعجع لم يستطع شبك تحالفات سياسية مع أي كتلة نيابية مسيحية أخرى أو حتى مع كتل الطوائف الأخرى” وأنّه “يعيش في جزيرة منعزلة”، فالتواصل قائم على أفضل ما يكون مع البطريركية المارونية والحزب التقدمي الاشتراكي وكتلة “الاعتدال الوطني” حيثّ تمّ التعاون لإنجاز التمديد للعماد عون والعماد عثمان، إضافةً إلى تحالف متين مع العديد من النوّاب مثل اللواء أشرف ريفي وفؤاد مخزومي وغيرهما.

ويذكر الأستاذ الداعوق في معرض كلامه عن “القوات” ما وصفه بعملية “انفراط التحالف مع تيار المستقبل وفك التحالف مع الرئيس سعد الحريري”، وهنا يُطرح سؤالًا بديهيًّا: تيار المستقبل علّق عمله السياسي، فمَع مَن يتحالف اليوم؟ وأكثر، لِمَ التركيز على علاقة “القوات” معه، دون توصيف علاقة “المستقبل” مع “الاشتراكي” مثلًا؟ ورغم ذلك، إنّ علاقة “القوات” مع “المستقبل” جيّدة وقد تحالف معًا في انتخابات نقابة المحامين وسيمتدّ هذا التحالف إلى نقابة المهندسين.

يُتابع الأستاذ الداعوق، كلامه عن “نزعة الاستئثار والشخصانية والأنانية والغرور” في وصفه القيادات المسيحية المارونية، وهو بذلك يطرح وجهة نظره الشخصية، التي لا بُدّ من احترامها إنطلاقًا من إلتزام مبدأ حرّية التعبير عن الرأي التي يكفلها الدستور اللبناني، مع ملاحظة موضوعية، لا بُدّ منها، بأنّ الشمولية في شتّى توصيف تبقى ظالمة وغير صائبة، كما أنّ مسارًا مديدًا من نكران الذات والتضحية لأجل وحدة الجماعة وتحقيق الأهداف من ١٤ آذار إلى المعارضة الحالية، قد أرستها قيادة “القوات” بعيدًا عن أي شخصانيّة وما شابه.

إنّ التحلّل الوطني الحاصل، لا يعود بتاتًا إلى مواقف تأخذها قوى سياسية فاعلة، مسلمة ومسيحية، جانب المشروع السيادي، أي التمسّك ببناء دولة فعلية تملك حصرية القرار والأمن، بل إلى مواقف مشبوهة تنأى بنفسها أو تُناصر استباحة الدولة استجابةً لمشروع لا يمتّ للدولة والكيان اللبناني بصلة، هذا المشروع بالذات الذي يُحدث اختلالًا بالتوازن، ليس بين المسيحيين والمسلمين، بل داخل المجتمع اللبناني نفسه والذي يضع تركيبة الدولة برمّتها على سلّم المصير.

اقرأ أيضاً: جعجع بحث مع السفير الالماني الجديد آخر التطوّرات على صعيد لبنان

 

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل