يمر التيار الوطني الحر في حال من التخبط الداخلي، وتتضارب التصريحات وتختلف من مسؤول إلى آخر، ويبدو أن “الطاسة” داخل التيار ضائعة والبوصلة لم تعد تعرف تحديد الخيارات، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بـ “الحزب”، هنا نجد أن لكل مسؤول أو نائب موقفه الخاص، وهذا ما بفسر حال الضياع لدى التيار الذي لم يعد يعلم كيفية التصرف مع العلاقة بالحزب.
في إحدى تصريحات المسؤول في التيار الوطني الحر بيار رفول، يقول إن “سلاح “الحزب” بات يرتد سلباً على لبنان، في المقابل، يقول النائب أسعد درغام في إحدى مقابلاته التلفزيونية، إنه لا بد من الذهاب إلى اتفاق مار مخايل 2 لتصحيح الشوائب، ولا يجب قطع العلاقة مع “الحزب”، هذا من دون تصريحات مسؤولين أخرين مختلفة.
الكاتب والمحلل السياسي إلياس الزغبي، يرى عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أنه في الواقع نلاحظ ان التيار العوني بدأ يعاني منذ فترة غير قصيرة حالة انفصام سياسي، بمعنى أنه يبحث عن حالة مستقرة يتبناها في المواقف السياسية، وعملياً يخرح إلى الصراعات حتى مع أقرب حلفائه وأصحاب الفضل السياسي عليه، وطبعاً خصومه في السياسة كذلك.
يضيف الزغبي: “هذا التخبط، ناتج فعلاً عن انعدام الرؤية السياسية الواضحة لهذا التيار، وإذا عدنا بالذاكرة إلى ما قبل تفاهم مار مخايل عام 2006، وطوال فترة هذا التفاهم أي اكثر من 18 عاماً، نجد ان هناك تناقضات خطيرة في المواقف السياسية لهذا التيار، وهذا أدى طبعاً إلى هبوط الفورة السياسية والشعبية التي حققها عام 2005، حين كان منسجماً اكثر مع أهدافه وعناوينه السياسية، ومع مضامين الكتيّب البرتقالي، وهو نهض على أساس الثوابت الوطنية في بناء دولة سيدة حرة ومستقلة، متخلّصة ومتحررة من كل ما هو مؤثّر أو ضاغط على السيادة الوطنية أي سلاح الحزب فإذ به في العام 2006، يسعى إلى تكريس هذا السلاح إلى مدى غير منظور، وحتى اليوم، وهنا يمكن التناقض الخطير، ولا يزال مسؤولون في هذا التيار، وحتى رئيسه النائب جبران باسيل يؤكدون عدم خروجهم من أخطر ما في هذا التفاهم وهو البند العاشر الذي يكرس قدسية سلاح الحزب ويفتحه على مستقبل غير منظور، لانه يربطه بتوافر الظروف الموضوعية، وبزوال خطر إسرائيل، وهما عبارتان غامضتان جداً ومفتوحتان على المجهول”.
يتابع: “لذلك، يتأسف فقط على أن الحزب لم يساعده في بناء الدولة فقط ومكافحة الفساد، وهنا التناقض أيضاً، كيف يُطلب من ميليشيا مسلحة من خارج الدولة وغير شرعية أن تبني الدولة، وكل هذا، أدى إلى هذه الحالة المتردية في العلاقة بين التيار العوني والحزب، لكن الحزب لا يزال مطمئناً إلى ان هذا التيار لا يخرج أبداً من البند العاشر أي من الغطاء لسلاحه، وهذا يظهر تباعاً على ألسنة بعض المسؤولين في التيار، كما لاحظنا خلال اليومين الماضيين بعد رفع السقف المعاكس لسياسة الحزب من قبل الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون ووريثه النائب باسيل، وربما سيضطر لاحقاً العودة إلى بيت الطاعة”.