في إطار تطورات الأحداث وتسارع مجريات الأوضاع في الجنوب، يبدأ الموفد الأميركي آموس هوكشتاين زيارته إلى بيروت ولقاء المسؤولين من أجل التوصل إلى صيغة تشبه الهدنة في الجنوب على غرار هدنة غزة لكن مع توفير الضمانات اللازمة لها، خصوصاً أن هناك معطيات وتقارير أن أجواء الجنوب ستلتهب خلال الأشهر المقبلة.
وسط الأجواء الملبدة جنوباً والشغور الرئاسي، كان لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، سلسلة مواقف من التطورات في لبنان، إذ قال في مقابلة عبر “الراي الكويتية”، “منذ نحو عام ونصف العام، لم ينفكّ الفريقُ الآخَر يطرح مسألة الحوار كآليةِ التفافٍ على استحقاقٍ دستوري لا يتمّ إلا بالانتخاب في مجلس النواب. علماً أن التواصلَ والنقاشات الثنائية أو أكثر بين الكتل لم تنقطع في ما خص الانتخابات الرئاسية بعيداً من طاولة حوارٍ هي لذرّ الرماد في العيون وتُكَرِّس أعرافاً لا يستقيم معها النظام البرلماني الديمقراطي.
وحول ما يجري في الجنوب، قال جعجع، “نحن لا ولن نقبل بالتخلي عن حبة تراب لبنانية لأحد، ولكن في الوقت نفسه لا نقبل، أن تتمّ التضحية بجنوب لبنان مثلاً وزجّ البلاد في حرب كبيرة من أجل سياسات إيران في المنطقة. وإذا انتشر الجيش اللبناني في الجنوب ألا يكون ذلك حمايةً أكبر للبنان وتفويتاً على أي سيناريوات قد تضعنا في فوهة البركان؟”.
أهمية موافقة “القوات” على مبادرة “الاعتدال”
وفي سياق متصل بمبادرة تكتل الاعتدال الوطني، تشير مصادر حزب القوات اللبنانية إلى أن أهمية تلقّف “القوات” لمبادرة الاعتدال تكمن في أن المعارضة حريصة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن الآليات الدستورية وعبر جلسات مفتوحة بدورات متتالية أو التوافق على خيار ثالث”.
تضيف المصادر ذاتها عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “أظهرت المعارضة وفي طليعتها القوات اللبنانية بأنها لن تفوّت أي مناسبة من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق منطق الدستور وانهاء الشغور الرئاسي، كما أظهرت المعارضة أن الممانعة لا تريد انتخاب رئيس إلا وفقاً لشروطها”.
ربيع ملتهب جنوباً؟
يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أن الربيع المقبل أو الصيف على أقصى تقدير سيكون ملتهباً في الجنوب، بناءً للمعطيات المتوافرة والتي تتحدث عن عملية واسعة سيقوم بها الجيش الإسرائيلي تجاه لبنان من أجل إبعاد “الحزب” إلى ما وراء الليطاني، في ظل رفض إسرائيل العودة إلى ما قبل 7 تشرين الأول.
العميد المتقاعد خليل الحلو، يؤكد عبر موقع “القوات” أن هناك تقارير وأحاديث صادرة عن الصحف الأميركية، وهناك جهود أميركية كثيفة من أجل عدم حصول أي عمل أمني تجاه لبنان.
يضيف الحلو: “لدى واشنطن أهداف عدة، منها القضاء على حركة ح، والحد من الإصابات في صفوف المدنيين في غزة، ومنع إسرائيل من القيام بأي عمل عدائي تجاه لبنان لأن ذلك سيؤدي إلى توريط إيران، وعندها ستتدخل أميركا في المعركة على صعيد الخليج وليس لبنان، وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لا تريد التورط في هذه المعركة لأن المنطقة لم تعد أولوية كما كان سابقاً”.
يشير الحلو إلى أن بايدن حذّر إسرائيل، وبدوره فعل وزير الخارجية الأميركي أنطوني بليكن بالإضافة إلى وزير الدفاع الأميركي الذي كان حاسماً خلال حديثه مع رئيس الأركان الإسرائيلي، واستطاع وزير الدفاع الأميركي وقف تنفيذ العملية العسكرية تجاه لبنان مرتين وكانت على وشك أن تحصل، بالتالي، لغاية الآن لا تزال الجهود الأميركية الدبلوماسية فعّالة وسارية، لكن كافة المعطيات على الأرض تشير إلى أننا مقبلون على عمل أمني إسرائيلي كبير تجاه لبنان، خصوصاً أن الفرملة الأميركية تضعف يوماً بعد يوم لأن هناك انتخابات رئاسية أميركية مقبلة، ووضع بايدن غير جيّد، وهذا يعطي هامشاً للحكومة الإسرائيلية للتصرف.
ويلفت إلى ان ما يؤخر العملية على لبنان هو موضوع الذخيرة، فهناك مصروف هائل للذخيرة في غزة، وعلى الرغم من ان إسرائيل دولة مصدرة للذخائر إلا أن لديها نقص في الذخائر الذكية التي تستعمل من قبل الطائرات المقاتلة، وهناك مشروع أميركي بتزويد إسرائيل ذخائر بقيمة 14 مليار دولار، وهذا الأمر مرتبط بتزويد أوكرانيا أيضاً، بالإضافة إلى الخلافات داخل الكونغرس الأميركي، ولغاية الآن لا يوجد موافقة نهائية، لكن في النهاية ستتم الموافقة على تسليح إسرائيل، فالحزبين في اميركا الجمهوري والديمقراطي لا مشكلة لديهما تجاه تسليح إسرائيل كونها الحليف الأول لواشنطن في المنطقة.
في المقابل، يقول الحلو: “الحزب لا يريد أي توترات في الجنوب، وفي الوقت ذاته يقوم باستقدام الأسلحة من إيران عن طريق سوريا، كما ان إيران تريد المحافظة على الحزب، ولن تضحي به من اجل فلسطين، وتريد أن يكون الحزب قوة ضاربة في حال تم استهداف إيران، وكل هذه العوامل مرتبطة بالتصعيد المقبل الآتي على لبنان، ولكن، إسرائيل لم يعد لديها ثقة بأي تعهدات ووعود خصوصاً بعد معركة عام 2006.
خطة هوكشتاين
استقطبت زيارة الموفد الرئاسي الأميركي كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين إلى بيروت وتل أبيب هذه المرة، الأنظار بطريقة مختلفة عن زياراته السابقة. وذلك على ضوء ارتفاع منسوب المخاوف الجدية من توسع المواجهة بين إسرائيل و”الحزب” بظل التصعيد الحاصل، ولمعرفة ما إذا كان هوكشتاين يحمل “خطة” ما أو اقتراحات محددة لهدنة معينة في الجنوب بالتزامن مع المباحثات القائمة لإنجاز “هدنة رمضان” في غزة. علماً أن التهديدات الإسرائيلية المرفقة بمعلومات أميركية عن خطة إسرائيلية لاجتياح بري باتجاه جنوب لبنان في الربيع المقبل، لا تغيب حتماً عن هذا المشهد القاتم غير المطمئن. فماذا يحمل هوكشتاين في جعبته هذه المرة؟
مؤسس ومدير مركز المشرق للدراسات الاستراتيجية سامي نادر، يلفت في حديث عبر موقع “القوات” ينشر اليوم بعنوان “”خطة” هوكشتاين.. هدنة في الجنوب مكمّلة لـ”هدنة رمضان”، إلى أن “لا جديد في الطرح المقدَّم سابقاً من هوكشتاين. فالمطلوب تطبيق، حتى لو كان جزئياً، لقرار مجلس الأمن الرقم 1701 وإقفال الجبهة اللبنانية، أو تحييدها عمّا يحصل في غزة. لأنه من وجهة نظر أميركية، الحرب الدائرة في غزة لا يجب أن تمتد لأسباب متعلقة بمصالح واشنطن الاستراتيجية، بالإضافة إلى وجود أبعاد انتخابية أميركية داخلية بالنسبة للرئيس الأميركي جو بايدن، مع التشديد على أهمية الأسباب الاستراتيجية”.