على وقع اشتداد التوتر في الجبهة الجنوبية، يبدو أن هدنة رمضان لن تسلك الطريق المرجو ما ينذر بانفجار الأمور أكثر وتمددها، إذ غابت أمس المتابعات لمهمة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين. كما غاب المسؤولون عن السمع بعدما قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إنّ الاتصالات ستستأنف بين المسؤولين وبين هوكشتاين خلال “48 ساعة”. لكن شيئاً لم يحدث، على الأقل علانية بعد مرور 72 ساعة حتى الآن. أما رئاسياً، تفعّل اللجنة الخماسية حراكها، فشكل الاجتماع الذي عقدته اللجنة الخماسية أمس رداً محدداً حيال مسار المجموعة.
في هذا المجال، أشارت مصادر سياسية عبر “اللواء” إلى أن الحكومة اللبنانية، او اي مسؤول لبناني، لم يتبلغ اي معلومات من المستشار الرئاسي الأميركي أموس هوكشتاين، او فريقه المساعد في بيروت، عن نتائج الاتصالات التي أجراها مع المسؤولين الإسرائيليين خلال اليومين الماضيين، حول المهمة التي يقوم بها لخفض التوتر والاشتباكات في الجنوب والاتفاق على اجراءات تهدئة مستدامة ترتكز على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701، من قبل “الحزب” وإسرائيل.
واستبعدت ان يعود هوكشتاين إلى لبنان قريباً وقبل أن يحصل على اجوبة إسرائيلية ايجابية، تمكنه من استئناف مهمته، والتي يبدو أنها مرتبطة بالتوصل الى اتفاق لوقف الصراع في غزة اولا، وهذا ينتظر أن يتبلور خلال الأيام القليلة المقبلة، بالرغم من كل الاجواء السلبية التي تواكب مساعي التهدئة ووقف النزاع في غزة، بفعل التشدد الاسرائيلي، والتهاون الاميركي في ممارسة ضغوط قوية على الجانب الاسرائيلي لوقف اطلاق النار.
وتطرقت المصادر إلى زيارة المستشار الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان أخيراً، واشارت إلى انها حصلت بعد استحواذ الاخير على اجوبة مشجعة من لبنان وإسرائيل لاستئناف مهمته، ما يعني ان البلدين، يرغبان باستمرار المساعي والجهود السياسية الديبلوماسية، لإنهاء الاشتباكات والتوتر المتصاعد على الحدود اللبنانية الجنوبية والتوصل إلى اتفاق بين البلدين.
داخلياً، تواصل اللجنة الخماسية حراكها في لبنان للدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية، وعلمت “نداء الوطن” أنّ اللجنة الخماسية التي اجتمعت أمس أبدت اهتماماً بالملف الأمني في لبنان، على الرغم من إعلانها مجدداً أنها تتابع الملف الرئاسي، في ما بدا بأنه صار عملية روتينية.
وفي الإطار نفسه، علمت “نداء الوطن” أن السفيرة الاميركية ليزا جونسون التي اجتمعت بعدد من النواب في منزل النائب ميشال ضاهر في الفرزل، قالت إنّ “اللجنة الخماسية” تعتبر مبادرة تكتل “الاعتدال الوطني” النيابي منسجمة مع مساعي اللجنة التي تشارك في عضويتها. وأوضحت أنّ اهتمام واشنطن في الملف اللبناني مستمر حتى تشرين الثاني المقبل، قبل أن تدخل الولايات المتحدة في انتخاباتها الرئاسية. ولفتت الى تلاقي المواقف بين أعضاء ”اللجنة الخماسية”.
وفي ما يتصل بآفاق عمل “الخماسية” كشفت مصادر ديبلوماسية أنّ دور المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان قد “انتهى”. وعزت ذلك الى أن المبادرة التي انطلقت منها باريس “لم تعد موجودة”.
في الموازاة، اكتسب الاجتماع الذي عقده امس سفراء دول اللجنة الخماسية، الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر في السفارة القطرية في بيروت دلالات بارزة، جاء اجتماع اللجنة الخماسية بمثابة تبديد لكثير من الانطباعات المشوشة على مسار هذه المجموعة وافتعال مطبات أمامها.
وتالياً يتسع الرد لنفي شائعة انسحاب الولايات المتحدة من اللجنة الخماسية لتغدو رباعية فقط. ووفق المعطيات التي أحاطت باجتماع سفراء اللجنة الخماسية فهو شكل رداً ثلاثي الأهداف، على ما اثير ويثار أخيراً حيال مسار المجموعة.
الرد الأول يتصل بنفي ان تكون مهمة هوكشتاين قد اتسعت لـ”تبتلع” مسار اللجنة الخماسية، اذ ان الملف الرئاسي لا يزال في عهدتها حصراً ولا رابط بينها وبين مهمة هوكشتاين المحددة باحتواء التصعيد الأمني والحربي بين إسرائيل و”الحزب”.
والرد الثاني يتصل بتبديد كل الموجات المتعاقبة عن خلافات بين الدول أعضاء اللجنة الخماسية وتحديداً وجود تباينات بين بعضهم ودولة قطر تحديداً. ولذا كان الاجتماع البارحة في السفارة القطرية تبعا لاتفاق على دورية انعقاد الاجتماعات في كل من سفارات الدول الخمس.
اما الرد الثالث فهو ابعد من رد ويتصل بمعلومات مؤكدة تفيد بان اللجنة الخماسية أيدت مبادرة وتحرك “كتلة الاعتدال الوطني” في شأن رسم خريطة طريق تشاورية ومن ثم انعقاد جلسة انتخابية مفتوحة تتيح انتخاب رئيس الجمهورية.