يشهد لبنان ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الدواء، بالإضافة إلى النّقص الحادّ في عددٍ كبيرٍ منها بعد وقف الدعم عنها، وهو ما دفع عدد كبير من الأسر إلى الاستعانة ب الأدوية البديلة الأرخص ثمنًا أو حتى التوقف عن تناول الأدوية، بسبب عدم توفّر السيولة المادية. في هذا المجال، ناشد نقيب الصيادلة جو سلوم المعنيين للإسراع في تأمين الأدوية اللازمة لأمراض السرطان والامراض المستعصية، مؤكداً أن الاستمرار في هذه العملية غير مقبول ويجب أن يكون أولوية الأولويات للدولة إذ ان المواطن متروك لسوق السوداء ولشراء الادوية بما فيها المزوّرة.
وأوضح سلوم، في حديث إلى “صوت كل لبنان”، أن الموجة الجديدة من رفع أسعار الأدوية قبل أسبوع في لبنان ليس بسبب أحداث البحر الأحمر إنما نتيجة رفع الدعم الكلي عن الأدوية المصنعة محلياً.
ودعا إلى إحداث تغيير في السياسة الدوائية والصحية في لبنان، مقترحا أن يقتصر شراء الأدوية للأمراض المستعصية على الدولة بما في ذلك توزيع هذه الادوية مجانا للمرضى بدلا من القيام بدعمها، وكشف سلوم أن أكثر من 85 في المئة من المرضى لا يحصلون على دوائهم المدعوم اليوم، وأن أزمة فقدان أدوية مرضى السكري والسرطان مستمرة.
يذكر أنه يعاني اللبنانيون من انقطاع معظم الأدوية في الصيدليات (منذ أواخر عام 2020)، على الرغم من توقف الدعم الجزئي أو الكلي عنها، بالإضافة إلى ارتفاع أسعارها بشكلٍ يوميٍ تماشيًا مع الغلاء المعيشي ودولرة القطاعات وارتفاع الدولار، وهو ما يشكل عبئًا ثقيلًا على أصحاب الصيدليات والمرضى على حد سواء.
وقبل وصولهم للهلاك، يعتمد آلاف اللبنانيين على أقاربهم وأصدقائهم المغربين في الخارج لتأمين أدويتهم، في وقتٍ يعاني فيه لبنان من أزمة اقتصادية ومعيشية الأسوأ في تاريخه، حيث صنف البنك الدولي الأزمة اللبنانية من بين العشر أسوأ أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ عالميًا منذ القرن التاسع عشر، في حين كشفت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) في تقرير لها عن ارتفاع نسبة الفقر في لبنان الى أكثر من 82 % بين السكان.
لو عدنا بالزمن إلى ما قبل أزمة 2019، كنا سنشهد قطاع صناعة الأدوية بأفضل حاله. ففي خمسينيات القرن الماضي، كان لبنان مركزًا لإنتاج وتصدير الأدوية في المنطقة لكنّ نشاطه تراجع عام 2019.
ولا شكّ أنّ قطاع الأدوية ساهم بشكلٍ كبيرٍ بدعم الإقتصاد اللبناني كما وفّر فرص عملٍ لكثيرين. لكنّه اليوم استنزف كلّ قدراته نتيجة تكدّس الأزمات الصحية والبيئية والسياسية والإقتصادية. ورغم ذلك، يحاول الدّواء المحلي جاهدًا، لصمود القطاع وضمان استمرارية الصيدليات رغم التحديات.