لا يزال يتساءل المراقبون ما الهدف من استمرار التوترات في الجنوب، ولمصلحة من إبقاء لبنان ساحة تجاذب معرضة لمخاطر الصراع الشامل، ومن المستفيد من كل ما يحصل في وطننا، وماذا قدم الصراع القائم في الجنوب لـ”غزة” التي باتت شبه صحراء قاحلة، الدمار يخيم على كافة أرجائها، ومعالمها تغيرت منذ 7 تشرين الأول؟
ترى مصادر مطلعة على الأجواء في الجنوب من خلال جولة ميدانية تقوم بها بشكل دوري، أنه مع بداية الصراع في غزة، اعتقد الكثيرون أن الجنوب سيكون جبهة إسناد فعلية لما يحصل في غزة ويخفف عنها وطأة المعاناة نظراً للتصريحات الصادرة عن مسؤولين في “الحزب” وأن في حال قام الجيش الإسرائيلي بتوغل برّي داخل غزة، سيتوسع الصراع، لكن هذا لم يحصل، واجتاح الجيش الإسرائيلي غزة، وقام بتدميرها، وأسقط عشرات الآلاف من الضحايا.
تضيف المصادر لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “بعدها، زعم مسؤولي الحزب بأن الجنوب أجبر الجيش الإسرائيلي على نشر ثلث جيشه على الحدود مع لبنان، وهذا بحد ذاته ساهم بتقليل قدرات الجيش الإسرائيلي عسكرياً تجاه غزة، لكن سرعان ما سقطت هذه النظرية لان الجيش الإسرائيلي قام بسحب عدة ألوية من قطاع غزة لأنه ليس بحاجة إلى اعداد كبيرة، واكتفى بآلاف الجنود”.
تتابع المصادر: “واليوم، وبعد ما تعانيه غزة، لا بد من طرح السؤال التالي، ماذا قدم الحزب عبر الجنوب إلى غزة؟ لأن ما يحصل في الجنوب لا يفيد غزة بشيء، وبات يضر بلبنان واللبنانيين، والاستمرار بهذه المغامرة، يضع مصير مستقبل لبنان على المحك، لأن الانجرار وراء أوامر طهران سيكون له تبعات خطيرة، فهناك عواصم عربية دفعت أثماناً باهظة نتيجة التهور الإيراني، منها العراق واليمن، ولبنان مرجح للانضمام إلى هذه العواصم الشبه مدمرة اقتصادياً وسياسياً، ولا ينقض لبنان مزيداً من الازمات، وما يعانيه يكفيه، أما توسع رفعة الصراع، سيزيد من معاناة لبنان خصوصاً أن لا قدرة له على النهوض من أي صراع محتمل مع إسرائيل”.
تشير المصادر إلى أنه بات من الضروري وضع حد لما يحصل في الجنوب، واقفال هذه البوابة التي لم تجلب للبنان سوى الويلات والخراب، أما بإبقاء هذه البوابة مدخلاً لإيران، سنبقى عرضة للصراعات التي لا تنتهي والتي لا مصلحة لنا فيها، فالتضامن مع غزة واجب لكن ليس على حساب مستقبل وطننا، وعلى المعنيين في الداخل بذل الجهود لإبعاد لبنان عن ما ينتظره من مخاطر.