مخطئ هو كل من يعتقد أن هناك خلافاً بين التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي، فمن أعطى شرعية لسلاح غير شرعي وخارج عن إطار سلاح الجيش اللبناني، سيبقى تائهاً عن عقليته الفعلية، وسيجد نفسه ضائعاً عن السيادة والوطنية، وعن مبادئه التي باعها مقابل حفنة من المناصب الزائلة، ورهن الجمهورية مقابل رئاسة الجمهورية، ونكر السيادة بمبايعته مشروع اديولوجي لا يشبه بيئة التيار وما نشأ عليه.
لكن ما وراء كواليس التيار، ليس كما أمامها، وما يشاع في وضح النهار ومن فوق الطاولة عكس ما يحاك من تحتها، فالتيار اعتاد ابرام الصفقات من تحت الطاولات، وهو يشتهر بنقض كل ما يقوله والعمل عكسه، فبعد الحملة التي قام بها الوطني الحر على “الحزب”، والمعاركة الوهمية التي خاضها باسيل ضد رئيس مجلس النواب نبيه بري، ها هو اليوم يعود مسرعاً وربما نادماً إلى أحضان الثنائي الشيعي متوسلاً التحالف معه في انتخابات نقابة المهندسين.
وبما أن الغطاء المسيحي مطلوب من قبل “الحزب” خصوصاً في المرحلة الحرجة التي يمر فيها من خلال كل ما يقوم به في الجنوب، فعودة الابن المطيع ضرورية بالنسبة للحزب، إذ أنه مهما ابتعد وضاع عن نواياه الحقيقية، يعود إلى بيت الطاعة من جديد.
في السياق، يشير الكاتب والمحلل السياسي الياس الزعبي، إلى أنه في الواقع، الانتخابات الأخيرة في نقابة المهندسين هي نوع من الفرع في السياسة يثبت الأصل، بمعنى أن التيار الوطني الحر يضطر عند كل مفترق نقابي أو انتخابي عام أن يلجأ إلى المركزية التي ارتبط بها منذ العام 2006، عبر ورقة التفاهم.
يضيف الزغبي في حديث عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “هذا الارتباط هو في الواقع نوع من علاقة حبل السُرّة، لأن البند العاشر الموجود في ورقة التفاهم يربط التيار العوني بسلاح الحزب ربطاً محكماً، حيث انه وقّع على نص يطلق سلاح الحزب إلى مدى غير منظور، ويصفه بأنه وسيلة شريفة مقدسة، وسيبقى طالما لم تتوافر الظروف الموضوعية، وطالما ان هناك خطراً إسرائيلياً، وهذا التعبير عام وغامض وغائم، لدرجة انه لا يمكن لأحد أن ينفي أو يؤكد ان هذا الخطر قد زال، وطالما هذا الخطر موجود في أدبيات وعقيدة مشروع الحزب، فإنه باقٍ والتيار مرتبط به”.
يتابع الزغبي: “لذلك، بين الحين والآخر، وعلى الرغم من كل العقيرة المرتفعة حول خلاف موجود بين طرفي ورقة التفاهم، نجد في الواقع أن التيار العوني يحتاج دائماً إلى هذه الحاضنة، وها هو يتحالف علناً وعملياً مع الثنائي الشيعي كي يعوّم نفسه في نقابة من النقابات”، المسألة أبعد من انتخابات نقابية، هي مسألة عضوية أساسية وجوهرية، تربط الطرفين وكل الخلاف المصلحي الموقت والموضعي يمكن أن يزول في لحظة ما، طالما أن الأساس قائم على الدعم الاستراتيجي كما يسميه التيار العوني، فلا انفكاك ولا طلاق فعلي ما بين الطرفين، وربما سنشهد لاحقاً المزيد من الترابط وسنشهد المزيد من التحالف واحياء ما يمكن أنه سقط من هذا التفاهم في الاستحقاقات المقبلة وربما في الملف الرئاسي، وما سوى ذلك، ليس سوى غبار في الريح وذر الرماد في عيون الرأي العام”.
الخزانة الأميركية ترصد حركة أموال الحزب وحركة ح في لبنان
وبعيداً عن تناقضات “التيار” واساليبه الملتوية، وفي خطوة لافتة من الخزانة الأميركية، زار نائب مساعد وزير الخزانة لشؤون آسيا والشرق الأوسط جيسي بيكر بيروت، والتقى مسؤولين من القطاع المالي، وأوصل رسالة حازمة وصارمة.
مصادر متابعة لأجواء الزيارة التي قام بها المسؤول الأميركي، تؤكد أن هناك حركة أموال مشبوهة تدخل إلى لبنان عبر شركات لتحويل الأموال غير مرخصة، وهذه الأموال تأتي لحركة ح تحديداً، وواشنطن وضعت لبنان تحت مجهر المراقبة اللصيقة، لمنع أي تدفق لأموال يتم استغلالها من قبل منظمات موضوعة على لائحة العقوبات، واستعمال هذه الأموال لأغراض تهدد الامن في بعض الدول.
تكشف المصادر عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، عن ان بيكر أوصل رسالة صارمة لكل من يعنيهم الامر في لبنان، بأن هناك مخاوف جدّية حول تدفق أموال لحركة ح عبر لبنان، وأموال تأتي من إيران للحزب وتذهب بعدها إلى مناطق إقليمية أخرى، كما دعا المسؤول الأميركي إلى اتخاذ إجراءات استباقية لمكافحتها.
تشير المصادر إلى أن معلومات واشنطن مؤكدة، وهي ترصد تلك الأموال منذ فترة، خصوصاً أن هناك نشاط كبير لحركة ح داخل لبنان، وهناك عناصر تابعين لها بحاجة إلى رواتب وتمويل العمليات التي تقوم بها ضد إسرائيل، كذلك بالنسبة للأموال التي تأتي للحزب، وهي أموال ضخمة.
وتلفت إلى أن هناك شركات وجمعيات مشبوهة عنوانها انساني لكن في المضمون تقوم بعمليات غسل أموال مشبوهة، بالإضافة إلى قيامها بعمليات تحويل أموال من خارج النظام المصرفي، وهذه الأموال تراقب واشنطن حركتها، ومن هي الجهة التي تأتي بها إلى لبنان، إضافة إلى أن هناك حركة صيرفة مشبوهة تابعة لهذه المنظمات وساهمت إلى حد كبير وأساسي بضرب وتشويه النظام المصرفي في لبنان، وزادت من أعباء الأزمة الاقتصادية في لبنان.
اقتصادياً
يستغرب كثيرون ما ذهبت إليه وكالة بلومبرغ، للعام الثاني على التوالي، في تصنيفها لمرتبة الليرة اللبنانية مقابل الدولار، على الرغم من اختلاف المعطيات بين عامي 2023 و2024 لغاية الآن. فبحسب تقرير بلومبرغ الأخير، تتصدر الليرة اللبنانية لائحة أسوا العملات أداءً في العالم منذ مطلع العام 2024 أيضاً، لكن بلومبيرغ غيّرت من نسبة انخفاض قيمة الليرة هذا العام، إذ صنَّفتها في المرتبة السلبية الأولى بتراجع تخطى الـ83% منذ بداية العام الحالي، بينما كان تراجع الليرة وفق تصنيف بلومبرغ العام 2023 عند المرتبة ذاتها إنما بمعدل تراجع بلغ 89.9% أمام الدولار.
لا يوافق رئيس وحدة الدراسات في بنك بيبلوس نسيب غبريل على تصنيف بلومبرغ لليرة، ويعتبر في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، ينشر اليوم بعنوان ” تقرير بلومبرغ عن الليرة.. ضجيج إعلامي بلا تأثير على الدولار”، أن “تقرير بلومبرغ عن وضع الليرة على لائحة أسوأ العملات هذا العام، عبارة عن مسألة محاسباتية وخالٍ كلياً من المعطيات الموجودة في لبنان”، مشيراً إلى أن “الليرة بدأت بالتدهور في آخر فترة من أواخر العام 2022 لغاية 21 آذار العام 2023. فإذا كانت بلومبرغ تستند إلى هذه الفترة، هي لا تتجاوز الـ3 أشهر، بينما المعطيات اختلفت في الأشهر التي تلت وصولاً إلى اليوم في العام 2024”.