محمد شقير ـ الشرق الأوسط
معظم القوى السياسية في لبنان تتخذ موقفاً يعكس اعتقادها بأن الوقت لم يحن بعد لتهيئة الظروف الملائمة لانتخاب رئيس للجمهورية. هذا التأجيل لانتخاب رئيس للجمهورية يرتبط بنتائج المفاوضات الجارية لإحلال وقف إطلاق الصراع بين حركة ح. وإسرائيل. تسعى إسرائيل إلى توسيع نطاق النزاع العسكري مع “الحزب”، وذلك في محاولة لجره إلى نزاع أوسع على الجبهة الشمالية. ومع ذلك، لم يستجب “الحزب” لهذه الاستفزازات، متبعاً “استراتيجية الصبر” ومستجيباً للنصائح بضرورة ضبط النفس وتجنب إعطاء إسرائيل الذرائع لتصعيد الوضع. هذا يحدث في ظل تعثر جهود الوساطة الأميركية، التي يقودها أموس هوكشتاين، والرامية إلى تهيئة الظروف المناسبة لتنفيذ القرار الدولي رقم 1701.
في هذا المجال، لفت مصدر نيابي عبر “الشرق الأوسط” إلى أن فك ارتباط انتخاب رئيس للجمهورية بأزمة الشرق الأوسط من البوابة الغزاوية بات في حاجة ماسة إلى رافعة دولية وإقليمية تضغط لإدراج انتخاب رئيس للجمهورية بوصفه البند الأول على جدول أعمال المجتمع الدولي، من خلال اللجنة الخماسية التي تضم الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وقطر، والتي تتصرف منذ اللحظة الأولى لولادتها على أنها تشكل مجموعة دعم ومساندة لتسهيل انتخابه من قبل البرلمان.
وسأل المصدر عن الأسباب الكامنة وراء تعذّر إنضاج الظروف، أكانت دولية أو محلية، لانتخاب الرئيس، ليس لإعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية فحسب، وإنما لأن هناك ضرورة لانتخاب رئيس للجمهورية لتأمين جلوسه إلى طاولة المفاوضات في حال تقرر إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، لقطع الطريق على من يحاول التفريط بحدوده المعترف بها دولياً.
ورأى المصدر أن الوضع المشتعل في المنطقة يجب أن يشكل حافزاً لانتخاب رئيس للجمهورية، اليوم قبل الغد، وهذا يتوقف على مدى استعداد الكتل النيابية لتقديم التسهيلات السياسية المطلوبة لملاقاة اللجنة الخماسية في منتصف الطريق؛ لأنها لن تنوب عن النواب لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزّم.
وأكد المصدر نفسه أن الاستعداد الذي تبديه الكتل النيابية للتعاون مع “الخماسية”، ممثلة بسفرائها لدى لبنان، لا يكفي ولا يمكن صرفه بالمفهوم السياسي للكلمة، ما لم تبادر للنزول عن الشجرة والانفتاح على الأفكار المطروحة لجهة ترجيح الخيار الرئاسي الثالث. وقال إن “الخماسية” تدعم أي تحرك يراد منه تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما يفسّر مباركتها للمبادرة التي أطلقتها كتلة “الاعتدال الوطني”، مع أنها ما زالت في طور التأسيس، وهي اصطدمت برفض قوى المعارضة أن يرعى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الحوار بين الكتل النيابية، فيما تنتظر من “الحزب” أن يقول كلمته، وما إذا كان على استعداد للانخراط في مشاورات يمكن أن تؤدي إلى تعبيد الطريق أمام انتخابه.
وكشف المصدر النيابي أن “الخماسية” تدرس حالياً إمكانية انعقادها على مستوى ممثلي الدول الأعضاء في اللجنة للبحث في تفعيل دورها، على أن يشارك في الاجتماع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، الذي تواصل الأحد الماضي مع الرئيس بري للوقوف منه على ما لديه من معطيات ومستجدات يمكن أن تؤدي، بالتعاون مع “الخماسية”، إلى حصول متغيرات يمكن أن تساعد في إحداث نقلة إيجابية من شأنها أن ترفع من منسوب التفاؤل لوضع انتخاب الرئيس على نار حامية.
وقال المصدر إن الجديد الذي أبلغه الرئيس بري للودريان يكمن في المبادرة التي طرحتها كتلة “الاعتدال الوطني”، وأنه يبارك تحركها لعلها تحدث خرقاً في الحائط المسدود الذي يمنع انتخاب الرئيس.
وفي هذا السياق، علمت “الشرق الأوسط” أن لودريان يتريّث حتى الساعة في تحديد موعد لعودته إلى بيروت، رغم أنه كان تعهّد بأن يعود في كانون الثاني الماضي، وهذا ما أبلغه لرؤساء الكتل النيابية في زيارته الأخيرة التي اختتمها بترجيحه للخيار الرئاسي الثالث، انطلاقاً من تقديره بأن فرنجية ومنافسه الوزير السابق جهاد أزعور يواجهان صعوبة في حصول أحدهما على تأييد الغالبية النيابية لانتخابه رئيس للجمهورية.