السعادة لدى الشباب هي موضوع معقد يتأثر بعوامل مختلفة تتراوح بين الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية إلى التحقيق الذاتي والظروف الاقتصادية. الشباب اليوم يواجهون تحديات فريدة من نوعها قد تؤثر على مستويات السعادة لديهم. للحفاظ على سعادة الشباب، من المهم التركيز على دعم الصحة النفسية، تعزيز العلاقات الإيجابية، توفير فرص التعليم والتوظيف، وتشجيع نمط حياة صحي. كما يجب الان
في السنوات الأخيرة، واجه شباب اليوم تحديات جسيمة تتراوح من الحروب والكوارث إلى النزاعات والصراعات، مما جعل هذه الفترة شديدة الصعوبة بالنسبة لهم. ومع تزايد الأصوات المناشدة للتغيير، كشفت دراسات حديثة عن تراجع مستويات السعادة بين الشباب مقارنةً بالأجيال الأكبر سناً، لكن الأسباب قد لا تكون متعلقة بالكوارث فحسب.
كبير الأطباء الأميركيين، الدكتور فيفيك مورثي، أشار إلى أن التحدي الرئيسي يكمن في إخفاق الحكومات بتنظيم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كافٍ، مما أثر سلباً على راحة بال الجيل الجديد. وفقاً لمورثي، يعيش الشباب حالياً أزمة تشبه أزمات منتصف العمر، مما يشكل تحدياً جدياً وملحاً.
أكد مورثي على خطورة السماح للأطفال باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي دون ضوابط محكمة، مقارناً ذلك بإعطاء الأطفال أدوية غير مثبتة الأمان. ووفقاً لصحيفة “الغارديان”، وصف مورثي إهمال الحكومات في هذا الشأن بأنه “جنون”.
أظهر تقرير السعادة العالمي لعام 2024 تناقص الرفاهية بين الأشخاص دون الثلاثين عاماً، ما أسهم في خروج الولايات المتحدة من قائمة أكثر الدول سعادة. وبعد فترة طويلة شهدت تقييم الأشخاص في الفئة العمرية 15-24 عاماً كأكثر سعادة من الأجيال الأكبر، يبدو أن هذا الاتجاه قد تغير جذرياً منذ عام 2017، ومن المتوقع أن يمتد هذا التحول التاريخي إلى أوروبا الغربية.في حين ضاقت الفجوة أيضا في أوروبا الغربية، ويمكن أن يحدث نفس التغيير في العام المقبل أو اثنين، ويعتقد.
ووصف مورثي نتائج التقرير بأنها “علامة حمراء على أن الشباب يعانون بالفعل في الولايات المتحدة والآن بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم”، لافتا إلى أنه لا يزال ينتظر رؤية البيانات التي تثبت أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي آمنة للأطفال والمراهقين، ودعا إلى اتخاذ إجراءات دولية لتحسين الروابط الاجتماعية الواقعية للشباب.
وأوضح أن الاعتقاد بأن الأطفال في بعض أنحاء العالم يعانون بالفعل من ما يعادل أزمة منتصف العمر، يتطلب اتخاذ إجراءات سياسية فورية.
كذلك شدد على أن انخفاض درجات الرفاهية في أميركا الشمالية (في مجموعة تضم أستراليا ونيوزيلاندا) تتناقض مع فكرة راسخة مفادها أن الأطفال يبدأون حياتهم بسعادة أكبر قبل أن ينزلقوا إلى أسفل منحنى U نحو أزمة منتصف العمر قبل أن يختاروا “الرفاهية”.
وقال مورثي إن المراهقين الأميركيين يقضون ما يقرب من خمس ساعات يوميا على وسائل التواصل الاجتماعي في المتوسط، ويسهر ثلثهم حتى منتصف الليل في ليالي الأسبوع على أجهزتهم، داعياً إلى تشريع “الآن” للحد من الأضرار التي تلحق بالشباب من وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك تقييد أو إزالة ميزات مثل أزرار الإعجاب والتمرير اللانهائي.
في حين احتل البريطانيون الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما المركز 32 في التصنيف، خلف دول مثل مولدوفا وكوسوفو وحتى السلفادور، التي لديها واحد من أعلى معدلات جرائم القتل في العالم.
على النقيض من ذلك، وصل البريطانيون الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما إلى قائمة أفضل 20 من أسعد الأجيال الأكبر سناً في العالم.
أتى ذلك بعدما أكد بريطانيون في وقت سابق من هذا الشهر بينهم مراهقون لمستطلعي الرأي إنهم يتوقعون أن تكون حياتهم أسوأ من الجيل السابق.
انخفاضات مريبة بسعادة الشباب
يشار إلى أن تقرير السعادة العالمية، وهو مقياس سنوي للرفاهية في 140 دولة ينسقه مركز أبحاث الرفاهية بجامعة أكسفورد ومؤسسة غالوب وشبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة.
وكان المقياس أظهر انخفاضات مثيرة للقلق (في سعادة الشباب) خاصة في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية.
إلى ذلك، تراجعت الولايات المتحدة ثمانية مراكز في التصنيف العام للسعادة لتحتل المرتبة 23، ولكن عندما سُئل الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما فقط، احتلت أغنى دولة في العالم المرتبة 62 – خلف غواتيمالا وبلغاريا.
وإذا تم أخذ آراء الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا فما فوق فقط في الاعتبار، فإن الولايات المتحدة كانت في المرتبة العاشرة بين الدول الأكثر سعادة.
كما وجد التقرير أنه بالنسبة للولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلاندا، انخفضت السعادة في جميع الفئات العمرية، ولكن بشكل خاص بالنسبة للشباب، لدرجة أن الشباب الآن، في 2021-23، الفئة العمرية الأقل سعادة، بينما كان في عام 2010، الشباب أكثر سعادة من أولئك الذين هم في منتصف العمر.
ولا يكشف التقرير عن أسباب التغييرات، لكنها تأتي وسط قلق متزايد بشأن تأثير ارتفاع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم المساواة في الدخل، وأزمة الإسكان، والمخاوف بشأن الحرب وتغير المناخ على سعادة الأطفال والشباب.