بالوقائع: مغالطات نصرالله التاريخية في خطاب “الانفصام”

حجم الخط

مغالطات نصرالله

لم تكن الهجمة المفترية التي أطلقها نصرالله على حزبي “القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” الأولى ولن تكون الأخيرة، ولن تكون الاتهامات المستحضرة من التحنيط في المواجهات التي بدأت في العام 1975 ومن بيانات “القوى الوطنية والاسلامية” والمنظمات الفلسطينية والتي سيقت يومها بوجه أحزاب الجبهة اللبنانية بوسمها بالعمالة لإسرائيل والانعزالية والطائفية وضرورة عزلها وحلّها، الأخيرة. لقد سبق لنصرالله أن اعتمد المفردات نفسها والاتهامات في تحريض اللبنانيين عامة والمسيحيين خاصة على “القوات اللبنانية” في ما سمي بـ”حادثة الطيوّنة” بتاريخ 14 تشرين الاول 2021، والتي كانت في حقيقتها هجومًا منظمًا مسلحًا لحزبه على أهل عين الرمانة، في محاولة منه لتحجيم تمثيلها، تمهيدًا لضربها والقضاء عليها، مقلّدًا لما قام به السلف في النظام الأمني اللبناني السوري في محاولاته النيل من القوات.

ليأتي الرد على التحريض والتخوين والشيطنة تأييدًا والتفافًا مسيحيًا حول حزب “القوات اللبنانية” ورئيسه سمير جعجع، تُرجما في الأرقام القياسية في الأصوات المسيحية في صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية 2022 والنقابية والطالبية لاحقًا.

في دليل واضح على عدم استيعاب نصرالله للواقع المسيحي المؤيد والمتعاطف مع القوات، جرّب نصرالله في 8 نيسان 2024 في محاولته استغلال دماء الشهيد باسكال سليمان المُجرَّب، في استغلال دماء من سقطوا في 14 تشرين الأول 2021 في الهجمة على عين الرمانة.

لن تكون نتيجة التحريض والاستهداف في 2024 على نصرالله وحزبه ومحوره، أفضل من النتيجة التي حصدها الحزب وأخصام وأعداء القوات جراء تحريض واستهداف الـ2021.

في دليل واضح ايضًا على عدم استيعاب سقوط فبركات وتركيبات نظام السلف المعروف، جرّب الخلف تبنّي المجرّب نفسه من الفبركات والتركيبات في التعاطي مع اغتيال المسؤول القواتي باسكال سليمان.

يقول نصرالله في مضبطة اتهامه للقوات والكتائب إن الحزبين “سارعا” بعد اختطاف سليمان الى اتهام الحزب بالعملية، في حين أن المشاهدين الذين تسمّروا أمام الشاشات والمستمعين للنشرات الإذاعية والقارئين للمواقع الالكترونية، لم يعثروا على أي تصريح لمسؤول قواتي أو كتائبي ورد فيه أي اتهام للحزب، لا بل على العكس، فإن المراسلين أكدوا أن جواب قيادة القوات ومسؤوليها كان دائمًا التريث، بانتظار تحقيقات الدولة والأجهزة الأمنية.

أما وأن مضبطة اتهام نصرالله وحزبه ومحوره استخرجت وتأيدت وقائعًا من غضب بعض المؤيدين والمناصرين للقوات  المعبّرين على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم واتهامهم المنطلق من نماذج متسلسلة متتالية شبيهة مؤلمة، تبيّن للأسف  أن الياس الحصروني لم يكن آخرها… فإن المواقع نفسها زخرت وامتلأت بحملات وفبركات وتركيبات واتهامات وتشفي وشماتات من الجيش الالكتروني للحزب المُنظم والمُنتظِم، تحت إرادة وإدارة الحزب الأصفر، ليبرر توجيه أصبع الاتهام لمن عمل ولا يزال يعمل بنشاط منقطع النظير، على حرف التحقيق عن الحقيقة وعلى تشويه سمعة المغدور المخطوف ومن ورائه “القوات اللبنانية”.

أما وأن نصرالله قد اعتمد على واقعة اعتبرها تاريخية حقيقية حتمية، منتحلًا متلبسًا بالانتحال صفة صاحب الحقيقة المطلقة بأن “القوات والكتائب هما من أشعلا المواجهة اللبنانية” ضد اللبنانيين والفلسطينيين بينما هو يقاتل الإسرائيليين، فنحيل المنتحل الى الوقائع التالية كدروس له في مادة التاريخ لعله يستفيد ولا يعيد:

1 ـ في 28 نيسان 1978 قال الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية صلاح خلف المعروف بـ”أبو أياد” مبرئًا حزب الكتائب في كتاب “فلسطين بلا وطن”: “إن الكتائب لم تكن مسؤولة عن الحادث”(بوسطة عين الرمانة). وهو نفسه قال في 23 أيار 1975 في مهرجان خطابي في الجامعة العربية في بيروت: “إن شهداء الثورة الفلسطينية الذين سقطوا في عيون السيمان وعنيطورة وصنين، إنما استشهدوا لأن طريق فلسطين لا يمكن ان تمرّ إلا في عينطورة وعيون السيمان وجونية”.

2 ـ في 20 تموز 1976، قال حافظ الأسد من مدرج جامعة دمشق: “سوريا ولبنان عبر التاريخ بلد واحد، وشعب واحد وهذا الامر يجب أن يدركه الجميع …ومن أجل هذا قدمنا السلاح والذخائر وقررنا أن ندخل تحت عنوان جيش التحرير الفلسطيني، وبدأ هذا الجيش الدخول الى لبنان ولا احد يعرف هذا أبدًا… ولم نأخذ أذنًا من أحد “.

3 ـ بالنسبة للحرب اللبنانية وعدم مقاتلة إسرائيل، نحيل “الراسب في مادة التاريخ” الى حليفه في الثنائي الشيعي الرئيس نبيه بري، الذي خاض معه سنتين ونصف من المواجهات الدموية في داخل المذهب الواحد، إذ نقرأ في صحيفة الديار الصفحة 3 تاريخ 14 كانون الثاني 1989، اتهام بري للحزب الشيعي باستعانته بالإسرائيلي المحتل في مواجهاته ضد الحركة الشيعية على أرض الجنوب “المقاوم” بقوله: “لا ينفع هذه النازية أن تتلطى بتسمية المقاومة الاسلامية وتدّعي أنها محاصرة ويمنع عنها التموين.. من يستطيع أن يستحضر نحو 600 عنصر قسم منهم عبر وادي الليمون، والقسم الأكبر عبر جزين وبعد اتفاق مع لحد ومن وراءه… من يستطيع أن يستحضر نحو 600 عنصر كما قلت ومدافع 120 ملم وراجمات وعربات وكل هذه الأطنان من الذخائر لاحتلال منطقة اقليم التفاح. وكان المخطط الوصول الى النبطية. الا يستطيع أن يمرر ربطة من الخبز يدّعي ان حركة أمل تمنعه عنها”؟

لم يتعلم البعض ولم يدرك أن القوات عصية على العزل كما كانت عصية على الحل والالغاء، وفي محطات تاريخية كثيرة لم يتعلّم منها نصرالله كما لم يأخذ عبر مادة التاريخ  قبلها مع محاولات عزل حزب الكتائب وأحزاب الجبهة اللبنانية والقضاء عليها، فكيف تكون الحال إذا كانت القوات مع تلك الأحزاب والشخصيات السيادية في خندق المواجهة نفسه الذي تبلور وتظهّر مؤخرًا امام الاعتداء السافر على القانون والاستقرار والأمن والسيادة، إذ عبّر عنه نصرالله ممتعضًا من “الخندق”، معترفًا بفشل محوره بعزل القوات سابقًا وحاليًا بعبارته  “القوات والكتائب ومن لف لفهما”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل