بالوقائع: المر الابن يسلّم الحفيد وديعةً لدويلة الجلّاد

حجم الخط

يا لهذا الواقع المر! أن يجافي المرء الحقيقة أو يحرفها لصالحه أو لمصلحته المادية أو الشخصية على حساب المبادئ، أمر مرفوض لكنه مفهوم، أما أن يقوم أحدهم بالمجافاة والتحوير والحرف والتعمية على عكس صالحه وبعكس مصلحته وتاريخه الشخصي وكرامته، فهو مرفوض وغير مفهوم في آن، وهذا ما شهده اللبنانيون وسمعوه في إطلالة الوزير السابق الياس ميشال المر.

“حضرة رئيس حزب القوّات اللبنانية الدكتور سمير جعجع المحترم،

تحية طيبة وبعد،

لمناسبة القدّاس الاحتفالي السنوي الذي يقيمه حزب القوّات اللبنانية لراحة أنفس شهداء المقاومة اللبنانية، نستذكر معكم كوكبة من الشباب الذين ضحّوا بدمائهم من أجل استمرارية هذا الوطن وبقائه حرّا سيداً مستقلاً. وإذ نُعزّي ذوي الشهداء الذين سلكوا درب الشهادة ليحيا لبنان، نتطلّع بعين الأمل الى المستقبل من أجل استمرار هذا الوطن في جميع مكوّناته وعائلاته، بالرغم من المخاطر التي تتهدّده من كل حدب وصوب. إلّا أننا نرى أنّ اللبنانيين قادرون على تخطّي المصاعب بتكافلهم وتضامنهم وقدرتهم في المحافظة على الإنجازات الوطنية التي حقّقوها، لكي لا تذهب دماء الشهداء هدراً”.

نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع السابق الياس المر ـ 1 ايلول 2013.

لقد حمل الياس ميشال المر صفة الشهيد الحي بعد إصاباته البليغة في محاولة اغتياله بتاريخ 12 تموز 2005، هذه المحاولة التي لم تخرج من إطار سلسلة محاولات الاغتيال والاغتيالات التي بدأت بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في 2 تشرين الأول 2004 والتي يبدو أنها لم تنتهِ حتى اليوم، للأسف.

ولكي “لا تذهب دماء الشهداء” الأحياء منهم والأموات، وجبت الشهادة بالحق وله، بقول الحقيقة مهما كانت صعبة وهذا ما لم يقم به الشهيد الحيّ الياس ميشال المر في إطلالته بتاريخ 22 نيسان 2024.

عن محاولة اغتياله، تجنّب المر العائد الى المحور اتهام أحد، علمًا أنه كان قد كشف بشكل واضح في 27 أيلول 2005 لتلفزيون المؤسسة اللبنانية للإرسال، أنه تلقى تهديدات بالقتل من العميد في المخابرات السورية رستم غزالة قبل 9 أشهر من محاولة اغتياله وذلك على خلفية اكتشاف شبكة إرهابية تُحضر لعمل ضد السفارة الإيطالية وأحداث مجدل عنجر”… وقال المر إنه “لم يعد قادرًا على الصمت بعد سلسلة التفجيرات التي هزت البلاد، وكان آخرها ذلك الذي استهدف الاعلامية مي شدياق”.

كذلك نحيل “الشاهد” الشهيد الى ما نقل عنه أن “حزب الله يريد اغتيالي”، الذي صدر كعنوان رئيسي في صحيفة “الأخبار” بتاريخ 9 أيار 2011، وفي متن الخبر نقلا عن وثيقة من وثائق ويكيليكس رقم البرقية: 08BEIRUT687 ـ التاريخ: 14 أيار 2008، وعن القائمة بالأعمال الأميركية ميشيل ج. سيسون عن لقاء الوزير الياس المر بقائد المنطقة الوسطى بالوكالة الجنرال مارتن دمبسي ومدير السياسات والتخطيط في المنطقة الوسطى الجنرال ألارديس وبعد انقلاب 7 أيار 2008، يقول المر عن الكاميرات التي كشفت موجهة الى مدارج في مطار بيروت: “في الاغتيالات السياسية السابقة، عادة ما أمضى الحزب شهرين إلى ثلاثة أشهر يراقب الهدف، ثم، خلال الأسابيع القليلة الأخيرة، يزيد من التدقيق قبل الهجوم”. ولفت المر إلى أن كاميرات المطار، التي سرقت في أيلول 2007 من مكتب شركة الطيران الخاصة بوزير النقل الصفدي، والتي ثُبتت يوم 23 نيسان 2008، كانت موجهة لمراقبة حركة مرور الطائرات الخاصة، وكانت توفر عملاً استخباريًا لمحاولة اغتيال وشيكة.

هو يعتقد أن زعيم 14 آذار السني سعد الحريري ورئيس الوزراء الحالي فؤاد السنيورة كانا الهدفين الأولين، وأنه هو كان المقبل على لائحة الحزب. ولفت المر إلى أنه كان من المرجح لثلاثتهم أن يسافروا خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

أما اليوم وخلافًا لشهادة الشهيد وانسجامًا مع غايات ورغبات وتوجيهات المحور المتّهَم المدان بالأمس، المؤتمن على الابن الوديعة اليوم، تُحرّف الوقائع و”تُلحَس” التصريحات والمعلومات الموثقة.

اما بالنسبة لنصيحته بعدم التحالف مع “القوات” انطلاقًا من أحكام “المحكمة التي كانت خاضعة للنفوذ السوري” والذي تحدّث عن مزاياها في التهديد والقتل والتفجيرات، الشاهد الشهيد نفسه… فنحيل الناصح اولًا الى رسالته الوجدانية الوطنية الى الدكتور سمير جعجع بمناسبة ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية الآنفة الذكر، كما نحيله الى دولة نائب الرئيس الراحل ميشال المر، الذي صوّت مع 99 من زملائه النواب على العفو عن رئيس القوات كـ”مطلب وطني ومسيحي عام وشامل” ومدخل  للمصالحة الوطنية، علمًا أن الوالد نفسه كان في لائحة انتخابية واحدة مع مرشح  “القوات اللبنانية” في دائرة المتن الشمالي في انتخابات 2009.

لا بدّ من الإشارة أيضًا، الى أن الوزير الياس المر ذكر متلبسًا لبوس الموضوعية، أن قانون التجنيس والذي لعب فيه والده الدور البطولي، كان خطأ، لكن الموضوعية التي كانت الغائب الأكبر في ثنايا المقابلة، لا تحضر في تصويت آلاف المجنسين في دائرة المتن الشمالي حصرًا والوافدين من سوريا لدولة الرئيس الراحل ميشال المر ولاحقًا لحفيده ميشال الياس المر.

أما بالنسبة لتبنّيه مرشح “الحزب” الذي أراد اغتياله والنظام الذي هدده بالقتل وعلى خطى المصابين بـ”متلازمة ستوكهولم” بتماهي الضحية مع جلادها، فنحيل الشاهد الشهيد الى شهادته عن مزايا المرشّح سليمان فرنجية أمام المحقق الدولي والتي بثتها بالصورة الصوتية نشرة أخبار تلفزيون الجديد ضمن سلسلة “حقيقة ليكس”، بتاريخ 19 كانون الثاني 2011، إذ يشهد الوزير السابق الياس المر، أن “الوزير سليمان فرنجية لم يسألني عندما استلم مني وزارة الداخلية الا ثلاث أسئلة تركزت حول كيفية استصدار رخص أندية القمار وتراخيص أرقام السيارات المميّزة وتراخيص الكسّارات”…

لأن الثقة كبيرة أيضًا بالمرشح “الزعيم”، نحيل الواثق الى مضبطة اتهامات فرنجية عن ارتكابات الوزير المر اثناء توليه المسؤولية وذلك ردًا على اتهام المر لفرنجية بالتقصير والتواطؤ في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، إذ يرد المرشح فرنجية في 31 آذار 2005: “أين كانت مبالاته (الياس المر) هو وجديته الزائدة يوم جرى اغتيال الوزير إيلي حبيقة ولماذا طوي ملفه بسحر ساحر؟ وأين كانت يقظته يوم اختطاف المهندس رمزي عيراني من وسط بيروت وتصفيته”؟ ولفت البيان الى أن المر يهين ذكاء اللبنانيين عندما يتحدث عن الأمن وكأنهم نسوا مآثره في 7 آب أو كأن أحداث الضنية ومجدل عنجر وقعت خارج أراضي الجهورية اللبنانية، متسائلاً عما إذا كانت خسارة شقيقته ميرنا في الانتخابات الفرعية تستدعي أزمة سياسية لإبطال نيابة عمه غبريال المر بطريقة مستغربة ثم إقفال محطة “إم. تي. في” خوفًا منها…

حصلت محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة الآثمة حين كان هو (المر) في المهجر لا في الداخلية، وهل كان في غيبوبة حين تم إخفاء الأدلة وتزفيت الطريق طمرًا لمسرح هذا العمل الإجرامي الذي كان بداية هذا المسلسل الدامي، وأين كان حسه التنظيمي للأجهزة الأمنية عندما أرسلت أشلاء مرافق الوزير حمادة المغدور غازي أبو كروم الى ذويه مباشرة بعد مأتمه؟ … صحيح أن الذين استحوا ماتوا”.

في الختام مع كل المجهود “الذمي” الذي بُذل في سبيل العودة الى أحضان المحور الممانع، مبيّضًا لصفحات سوّدها الياس المر بنفسه، مبرئًا له من تهم أطلقها بلسانه، أتى صادمًا كلام “دولته” وتأكيداته من أن تفجير المرفأ إنما تأتّى من ضربة إسرائيلية ومن الجو، ليرمي أحمالًا وتهمًا كبيرة على “الحزب” الذي جهد ووعد وتوعد بعرقلة التحقيق في التفجير، وكأنه يتهم  “الحزب” بالتغطية والتواطؤ.​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل